رؤية وطن يكشف بعض خفايا الصوفية بين معارض ومؤيد

58

كتبت: إيمان قاسم 

 

انحرف بعض أتباع الصوفية عن المعنى الحقيقي لها من الزهد، ونبذ الدنيا، والتفرغ للعبادة، بهدف التقرب من الله، إلى استحداث مجموعة من الأوراد والممارسات، والمغالاة في الأولياء والشيوخ وأتباعهم مقولة: “من لا شيخ له فالشيطان شيخه” وهذا ما يخالف عقيدة أهل السنة والجماعة.

رؤية وطن يكشف بعض خفايا الصوفية بين معارض ومؤيد

معنى التصوف:

اختلف الباحثون حول معنى التصوف فمنهم من اتجه نحو أن التصوف مشتق من الصوف لدلالته على التواضع والزهد، بالإضافة إلى كونه لباس الأنبياء، حيث كانوا يفضلون ارتداء الصوف، فلذلك اقتدى بهم الصوفية، وآخرون رأوا أن التصوف منسوب إلى الصفاء وقد استبعد هذا المعنى حين سخر منهم أبو العلاء المعري قائلًا: “صوفية ما وضعوا الصوف نسبتهم حتى ادعوا الفهم من طاعة صوفوا”

وذهب آخرون إلى فرضية نسبتها إلى سوفيا وهي كلمة يونانية تعني “الحكمة”، وحسب تعريف معروف الكرخي: “التصوف الأخذ بالحقائق واليأس مما في أيدي الخلائق”

وفي تعريف الغزالي: “التصوف عمل مبني على العلم وقطع عقبات النفس والتنزه عن أخلاقها المذمومة وصفاتها الخبيثة، يتوصل بها إلى تخلية القلب عن غير الله وتحليته بذكر الله”.

 

أعلام الصوفية: 

 

عبد القادر الجيلاني:

سلطان الأولياء، إمام صوفي ولد في سنة ٤٧٠ في قرية جيلان ببغداد، لقب ب باز الله الأشهب، قطب بغداد، وتاج العارفين، وفي التراث المغربي يلقب بالشيخ بوعلام الجيلاني، وكان قد تتلمذ على يد أفراد عائلته بعضًا من علوم الشريعة، انتقل إلى بغداد طالبًا للعلم وهو في عمر الثمانية عشر، منتميًا إلى مدرسة الشيخ أبو سعيد المخرمي، أمضى ثلاثين عاما يتلقى العلم، وكان يتكلم في ١٣ علم من علوم اللغة والشريعة، سار على نهج أبو حامد الغزالي، قال عنه ابن كثير رحمه الله: “وفيه زهد كبير، وله أحوال صالحة ومكاشفات، وأتباعه وأصحابه فيه مقالات، ويذكرون عنه أقوالا وأفعالا ومكاشفات، أكثرها مغالاة”

ويصفه الإمام النووي فقال: “وكان جميل الصفات، شريف الأخلاق، كامل الأدب والمروءة، كثير التواضع، دائم البشر، وافر العلم والعقل، شديد الاقتفاء لكلام الشرع وأحكامه معظمًا لأهل العلم، مكرمًا لأرباب الدين والسنة، مبغضًا لأهل البدع والأهواء، محبًا لمريدي الحق مع دوام المجاهدة ولزوم المراقبة إلى الموت”

 

الحسن البصري:

الحسن البصري بن يسار وكنيته أبو سعيد، ولد قبل سنتين من انتهاء خلافة عمر بن الخطاب، ودعا له عمر حيث قال: “اللهم فقهه في الدين وحببه إلى الناس” أتم حفظ القرآن وهو في عمر العاشرة، انتقل إلى البصرة؛ فتلقى العلم واستمع إلى الصحابة المستقرين بها، عمل كاتبا لمدة عشر سنوات لأمير خراسان الربيع بن زيد الحارثي، وعن علمه قال عنه قتادة: “ما جمعت علمه إلى أحد من العلماء إلا وجدت له فضلًا عليه، غير أنه أشكل عليه،

وكتب فيه إلى سعيد بن المسيب يسأله، وما جالست فقيهًا قط إلا رأيت فضل الحسن”، وقال عنه جعفر بن سلمان: ” كان الحسن أشد الناس إذا حضر الناس، وكان أجمل الناس، وأروى الناس، وأسخى الناس، وأفصح الناس، وقال الملهب بن أبي صفرة إذا قاتل المشركين كان من الفرسان الذين يقدمون”.

رؤية وطن يكشف بعض خفايا الصوفية بين معارض ومؤيد

شهاب الدين السهروردي:

ولد بسهرورد عام ٥٤٩ هجرية، اسمه أبو الفتوح يحيى بن حبشي بن أميرك، سمي بالمقتول وقد اختلف المؤرخون حول تلك التسمية، اعتبر أهل السنة آرائه زندقة وخروج عن العقائد الصحيحة للسلف الصالح، واستبدل تلاميذه تسميته بالمقتول إلى “شهيد” باعتباره شهيد الفكر والعقيدة الإشراقية؛ قال عنه صاحب “طبقات الأطباء”: “أنه كان أوحد زمانه في العلوم الحكمية، جامعا للعلوم الفلسفية، بارعًا في الأصول الفقهية مفرط الذكاء فصيح العبارة” حيث كان السهروردي متعمقًا في الفلسفة.

 

الطرق الصوفية:

الطريقة القادرية: وتنسب إلى عبدالقادر الجيلاني، وتنتشر في مصر، والعراق، وشرق أفريقيا، وتتميز باللون الأخضر.

 

الطريقة الرفاعية: وتنسب إلى الشيخ أحمد بن علي الرفاعي، تنتشر في العراق، ومصر، وغرب آسيا، وتتميز باللون الأسود.

 

الطريقة الأحمدية: وتنسب إلى أحمد البدوي وتنتشر في مصر، وتتميز باللون الأحمر.

 

الطريقة الأكبرية: وتنسب إلى الشيخ محيي الدين بن عربي ولقبه الشيخ الأكبر، تنتشر في مصر، وتتبع الطريقة عقيدة التوحيد والصمت والعزلة.

 

شبهات حول الصوفية

 

استدل الإنسان على وجود الخالق بالفطرة، ومن صورها تعبده للشمس والنار والحجارة، وتعد برهانا على حاجة الإنسان لوجود قوة يرتجي منها الخير ويدفع بها الضر عن ذاته، يقول أوليفر لودج في هذا الصدد: “إن من يميل إلى حسبان الإنسان من الكائنات المادية يخطئ في حق الله، كما يخطئ في حق الروح البشرية، فإن علاقتنا بالمادة شيء في الحق ثانوي، وصلاتنا بالروح هي الصلة الفطرية الأولى، فإننا بلا ريب مخلوقات روحية شغلتنا المادة قليلًا عن الحقيقة الواضحة”

ورسالة الإسلام بالأساس هي رسالة روحية عمادها التوحيد، وقوامها صلة الإنسان بربه خالق السموات والأرض.

 

وقد أدخل على التصوف بعض المعتقدات والأحكام ليست من الإسلام في شيء، وتتمثل هذه المحدثات في الأوراد والممارسات التي يقومون بها في مجالس الذكر والحضرات ، الأمر الثاني وهو انفصال الصوفية عن الشريعة، لاعتقادهم أن الصوفية هم أصحاب الحقيقة واتباع الشيخ هو أمر ضروري كما في قولهم: “من لا شيخ له فالشيطان شيخه”، وهذا الاعتقاد يحمل في طياته تركا لما جاء بالكتاب والسنة، وانحراف عن الطريق الذي أرسل به رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو التوحيد والإخلاص لله وطاعة أوامره، واجتناب نواهيه.

 

وكان الإمام الجيلاني يخشى على العباد من البدعة في أمور الاعتقاد والانحراف بالعقيدة عن الكتاب والسنة ومذهب السلف، ومن خلال أقوال وأفعال الإمام تأكيد على أن لا بديل عن الشرع للدخول في التصوف، وأنه لا يوجد اختلاف بين الشريعة والتصوف.

رؤية وطن يكشف بعض خفايا الصوفية بين معارض ومؤيد

آراء المواطنين 

 

تباينت آراء المواطنين بين مؤيد ومعارض حول طريقة احتفال الطرق الصوفية بالمولد النبوي الشريف

قالت مريم حسن: “المظاهر التي تحدث ليست من الدين في شيء”

أما ملك محمد فكان لها رأي آخر فقالت: “حاجة تفرح القلب وتحسسك إن لسه الدنيا بخير، تخليكي عاوزة تستخبي وسطيهم من النار اللي عايشين فيها ومش عارفين ننجي نفسنا منها تحسي أنهم بذكرهم هيدفوكي من كتر الجفاف الديني اللي بقينا عايشين فيه”

 

وقالت مروة صلاح: “جميلة بنحبها وبنحب النبي وأي حاجة من ريحته وليها علاقة بيه، وعلاقة المصريين بآل البيت وبالنبي صلى الله عليه وسلم من قديم الأزل”

 

رأي علماء الدين الإسلامي

قد حسم رسول الله صلى الله عليه وسلم مسألة الصوفية وتعدد الفرق والطرق التابعة لها باختلاف مسمياتها في قوله: “ستفترق أمتي إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة”

وعن الإمام الشافعي فكان يقول: “ما لزم أحد الصوفية أربعين يوما فعاد عقله إليه أبدًا”

ويقول القرطبي في هذا الشأن: “فأما طريقة الصوفية أن يكون الشيخ منهم يوما وليلة وشهرا مفكرا لا يفتر، فهي طريقة بعيدة عن الصواب غير لائقة بالبشر، ولا مستمرة على السنن”.

أما بخصوص الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، فالقول الفصل في الحديث الشريف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد”، و بالاستناد إلى فتوى الإمام ابن تيمية: “فأما الاجتماع في عمل المولد على غناء ورقص ونحو ذلك واتخاذه عبادة، فلا يرتاب أحد من أهل العلم والإيمان في أن هذا من المنكرات التي ينهى عنها، ولا يستحب ذلك إلا جاهل أو زنديق”

رابط مختصر: https://roayatwatneg.com/e9jv
قد يعجبك ايضآ