تشويه السمعة وتأثيرها على أداء الموظفين
طالب غلوم طالب
كاتب وباحث مستشار إداري إماراتيّ
يُعدُّ تشويه سمعة الموظف صورة من صور التعسُّف التي يمارسها بعض الرؤساء على مرؤوسيهم وهي ظاهرة للأسف الشديد تُخفي مخالفات إدارية ومالية يستفيد منها فئة من المديرين الفاسدين والذين يمارسون أساليب التهميش الوظيفي بما يُؤكّد على أن تشويه سمعة الموظف من قبل رئيسه يحمل في طياته فساداً إدارياً يتعين مكافحته وعدم التهاون معه …!!
فهناك الكثير من الأسباب التي تجعل المدير أو المسؤول الإداري يسعى إلى تشويه سمعة الموظف ومنها استئثار المدير بسلطة إصدار قرارات نقل وفصل وإنهاء خدمات الموظفين وتجميد أعمالهم دون التقيد بالتشريعات أو القوانين الوظيفية ما يؤدي إلى هدر الكفاءات البشرية والموارد المالية للمنظمة.
و من بين الأسباب أن هناك فئة من المديرين يسلكون مع موظفيهم طرق التسلط والانتقام والمحاسبة التي لا هدف منها سوى إرضاء غرور هذا المدير ، وهذا يحتاج إلى وقفة ومراجعة وفرض محاسبة فورية على هؤلاء المديرين الفاشلين.
هذه الممارسات إن دلت فإنما تدل على فشل المدير وضعفه…أما الإدارة بهذه الوسائل التعسفية فهي دليل أنه يعاني من خلل نفسي سيكولوجي ، و قد تكون من الأسباب سعي المدير من خلال قراراته إلى تحقيق نفع شخصي يعود عليه أو كما يظهر في صورة قرار إداري بهدف الانتقام من بعض الموظفين مستنداً إلى سمعة الموظف التي لطّختها الشلة الوظيفية لإبعاده عن العمل وتجميد أعماله الإبداعية والمتميزة.
ويعتمد تشويه السمعة الوظيفية على الإشاعة المغرضة المخطط لها جيدا التي هي عبارة عن خبر غير رسمي قابل للتصديق، يتم تداوله بسرعة بين أروقة الإدارات في المنظمة و هذه الإشاعة أو الخبر الكاذب يثير اهتمام الزملاء خاصة إذا كانت تتعلق بإخفاقات الموظف المراد استبعاده من قبل المدير ، وقد يكون إطلاق هذه الإشاعة عمداً ويتم متابعتها من المدير المسئول الذي قام باختلاقها وبثها في المنظمة بمساعدة الشلة الوظيفية الفاسدة التي تعاون المدير الضعيف دوماً بهدف خلق ذريعة لإقصاء الموظف عن المؤسسة .
فيعتمد المدير المسئول في هذه الحالة على مقولة “جوزيف جوبلز” – وزير إعلام ألمانيا في الحرب العالمية الثانية – “اكذب ثم اكذب حتى يُصدّقُك الناس” ، وهذا يُؤكد أن تشويه سمعة الموظف يعتمد على معلومة صحيحة وحقيقية مثل (إخفاق الموظف في تأدية مهمة ما) وتمثل نسبة (1%) من الإشاعة أما (99%) من الإشاعة فهي معلومات مغلوطة تُؤدي إلى الإساءة لسمعته وكفاءته الوظيفية ، وهو ما يجعل نسبة (1%) دليل يؤكد الإشاعة بشكل قاطع وانتقالها بين (القيل والقال) وخاصة إذا نقلها مصدر موثوق داخل بيئة العمل ، ومما يشعل فتيل الإشاعة و يسبب سرعة انتشارها في المنظمة إذا شعر الموظفون في منظمتهم بعدم توزيع مهامهم الوظيفية بعدالة ليلجأوا في هذه لحالة إلى النميمة والغيبة الإدارتين والعمل على تشويه سمعة الموظف بصورة لا إرادية..!!
ويعاني الموظف الذي تم تشويه سمعته الوظيفية على تعمُّدٍ وترصُّدٍ من الإحباط ،ويُؤثّر هذا سلبياً على علاقاته بالموظفين والزملاء وبالإدارة ، ما يقلل إنتاجيته ، كما يمكن أن يتسبب هذا التشويه الممنهج لسمعة الموظف في خسارة كفاءات وظيفية خاصة إذا لم تكن الإدارة العليا تتمتع بمستويات كافية من المهنية والحكمة والحوكمة ، ما يؤدي إلى تفشي الكراهية والبغضاء بين الموظفين وانعدام الثقة بينهم ..!!
وهنا نؤكد أنه على الموظف ألا ينزل إلى مستويات ناقليّ الإشاعة ، فالأفعالُ والكفاءةُ والتفاني في العمل أبلغ من الأقوال ، ونُؤكد على مقولة شكسبير ” عوّد نفسك على التجاهل فليس كل ما يُقال يستحق الرد” ، كما أنه على الموظف أن يعي تماماً أن بيئة العمل ما هي إلا ميدان للتنافس وإثبات الجدارة وأن زملاء العمل لا يمكننا اختيارهم ، وهذا يكفي لأن يبتعد الموظف عن دائرة الصراعات فالبقاء يكون لصاحب الكفاءات والسمعة الجيدة في النهاية ، والورقة الصفراء التي تُمثل بعض المديرين والموظفين سوف يسقطون لا محالة في يوم ما ، والأيام على ذلك شاهدة!!