جنت على نفسها عكا

جنت على نفسها عكا

12

كتب : عبدالعزيز مصطفى محمد 

 

أسرة قلاوون و ثأر عكا ”

 

يحكي ابن تغري بردي في كتابه النجوم الزاهرة و المقريزي في كتابة السلوك أنه و بعد أن تركزت دولة المماليك بين يدي الوصي على العرش الأمير قلاوون الألفي ، أعلن نفسه سلطانا علي البلاد و العباد و عزل من بقت له سلطة أو مكانة من أبناء و أقرباء سلطانة و نديمة السابق الظاهر ركن الدين بيبرس البندقداري حتى زوج ابنته الوحيدة ، فانصاع له العباد و سكنت البلاد وضربت العملات بإسمه و عليها رنكه

 

جنت على نفسها عكا "
جنت على نفسها عكا “

 

 

و لما كان كل ذلك بالسلطنة وصلت لـقلاوون الأخبار من نـواحي بيت المقدس بأن عسكر من أهل حامية عكا من الفرنج الشراذم انتهكوا الهدنة الـ كانت بينهم

 

وبين السلطان قلاوون و كان ذلك حين غدر عسكر من الافرنج المارقين ببعض التجار المسلمين و هم في أمان الله مسالمين ، فلما علم السلطان قلاوون استشاط غاضباً حتى أنه مزق الصحف المرسلة له وسار إلي حامية عكا على رأس جيشه بعد أن أقسم في رسالة بعتها إلى من في الحامية ، أنه لن يترك في المدينة منهم أحداً على قيد الحياة …

 

لكنه لم يكد يبدأ المسيرة بالجيش ، حتى سقط فريسة المرض و الحمي وبعد ستة أيام فقط من مرضه توفي وهو في طريقه للجهاد و قيل إنه وهو على فراش الموت طلب ابنه الأكبر الأشرف خليل وأمره بقطع وعد أمامه بأن يواصل حملته علي عكا ، ويحقق هدفه فيها ، و بين يد ابيه اقسم الأشرف خليل علي أن يحقق ما أراده الأب و لو تعلق المعتدين بثنايا السيوف فإنه لن يرجع أبدا..

 

 

بعد موت السلطان قلاوون راح السلطان الأشرف خليل بن قلاوون لفتح عكا بجيش لم تعرفة مدن الشام منذ أن دخلها صلاح الدين الأيوبي قبل زهاء عقوداً طويلة و قد كان الجيش يضم حوالي ٦٠ ألف فارس بين جندي و أمير عشرة و أمير ألف ، وحوالي ١٦٠ ألف من المشاة اختلفت أسلحتهم من النبلة و الرماح و السيوف و غيرهم ، و قد جلبوا معهم المجانيق المرعبة التي اشتهرت في زمانهم باسم “الثيران السوداء ” واحتشدت الحامية – من الدَّاوِيَة والأسبتارية – وفئة من الإنكليز والألمان ومقاتلي جزبرة قبرص ، وانضم ليهم بعد مده ملك قبرص « هنري » بنفسه بين قواتة و جيوش أوروبا وكانت تحصينات المدينة منيعة

و قوية ومتينة إلي أبعد الحدود و لكن للحروب دائماً رأي أخر

 

وصول قلاوون إلى عكا ”

 

فلمـا وصـلت قـوات السلطنة المملوكية إلى عكا أمر السلطان الأشرف خليل بأن تنصب حول الأسوار ٩٢ منجنيق من الثيران السوداء إلي جانب حصار ضارب حول المدينة و محاصرة كل من فيها و قطع الماء و الطعام عنهم لأيام و بعدها بدأت الحرب تستعير علي كلا الجانبين كان القتال شديد و الموتى في صفوف الافرنج بـالآلاف فلم يقبل الأشرف خليل هدنة أو رجوع عنهم ابدا و علم من في الحامية بأنه لن يترك أحدا حي مهما قالوا أو فعلوا فما يفعله الأشرف خليل كان يبدو للجميع ثأر شخصي لا حرب بين جيوش و أخري كان ثأر الأشرف خليل لمن كانوا السبب في موت أبية ، ابية الذي كانت امنيته الاخيرة بأن يمحي خليل عكا كلها و من فيها من فوق الأرض ..

 

قاتل الفرنج أربعة وأربعين يوم حتى فتحها الأشرف خليل عنوة و لم يأسر منها أحد ، و كان ذلك في يوم الجمعة السابع عشر جمادى الأولى بالعام الأول من حكمه ، و لم ينج أحداً من الحامية فقط ، بل سويت عكا كلها بالأرض فلم تتوقف المجانيق المدمرة من هدم كل ما فيها و إشعال النار فيما تبقى وكانت الحادثة أبلغ رسالة من السلطان لكن من يفكر في نقض عهد مع آل قلاوون الذي ستبدأ حكايتهم مع تخت السلطنة بتلك الحادثة و ستستمر حكايتهم لعقود طويلة بلغت وحدها نصف عمر دولة المماليك..

 

أما عن السلطان الأشرف خليل فلم يعيش طويلاً إذ حكم دولتة لعامين فقط ، خلفة بعدهم سلطان المماليك الأشهر السلطان الناصر خادم الحرمين الشريفين محمد بن قلاوون الألفي الفتي الذي قاد الجيوش بعد تلك الحادثة بعام واحد ليفتك بجيوش التتار الذين استباحوا ديار المسلمين في الشام ، فهزمهم و هو إبن ثمانية عشر عام ..

 

 

 

المراجع المستخدمة بالمقال

 

ابن الفرات

كتاب التحفة المملوكية

المقريزي

كتاب السلوك في دولة الملوك

الامير ابن تغري بردي

كتاب النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة

المقريزي

كتاب إغاثة الأمة

 

 

مصطلحات لغوية مذكورة بالمقال ..

 

الدَّاوِيَة والأسبتارية .. قوات من الجيش الصليبي

 

رنك .. شعار نبالة لكل أمير أو سلطان

 

حامية .. قوات متمركزة في مكان محدد

 

المجانيق .. نوع من أسلحة المقلاع ..

و كان أساس لنشئة المدافع فيما بعد

 

أمير عشرة و أ


مير ألف.. رتب المماليك في تسلسل القيادة

قد يعجبك ايضآ