كتب / محمد حمدي محمود
- تًعتبر معركة ستالينجراد إحدى أهم المعارك الكبرى والفاصلة التي شهدتها الحرب العالمية الثانية تلك المعركة التي أندلعت في مدينة ستالينجراد خلال الحملة التي شنتها المانيا النازية علي الإتحاد السوفيتي ، وقد أستموت هذه المعركة حوالي سته أشهر ، وقد أندلعت المعركة بين الاتحاد السوفيتي من جهة ، وبين كل من المانيا النازية ، ورومانيا ، وإيطاليا ، والمجر ، وكرواتيا من جهة أخري .

ولكن قبل الحديث عن المعركة لابد من التعرف علي جغرافيا مديمة ستالينجراد ؛ حيث تمتد المدينة بمحاذاة الضفة اليمنى لنهر الفولغا ، ويبلغ طولها 30 كم ، ولها أهمية صناعية خاصة وتعتبر مدينة ستاليجراد من الأراضي المنبسطة التي تكثر فيها المستنقعات والسبخات وهي أمتداد للسهل الأوروبي ، وهي من أغنى مناطق الاتحاد السوفيتي من حيث الثروات .
ومعركة ستالينجراد مثلها مثل أي معركة تاريخية لها مجموعة من الأسباب التاريخية فبحلول عام 1942م ، وعلي الرغم من تحقيق العملية ” بارباروسا ” هدفها في القضاء علي السوفيت إلا أن الحرب كانت تجري بشكل جيد بالنسبة للألمان فالغواصات الألمانية كانت تقود بنجاح معركة الأطلسي كما نجحت القوات الإيطالية من احتلال مدينة طبرق الليبية .

أما الجبهة الشرقية فكانت تعرف استقراراً على طول الخط الرابط بين مدينتي لينينجراد في الشمال ، وروستوف في الجنوب إلا بعذ الهجمات العسكرية التي شنها السوفيت في نطاق المنطقة التي تقع بين موسكو شمالاً ، و خاركوف جنوباً تلك الهجمات التي أجبرت الجيش الألماني علي التراجع بعض الشيئ ، ولكن هذه الهجمات لم تكن تمثل تهديداً كبيراً للألمان .
لقد كان هتلر واثقاً ثقة كبيرة من إمكانية السيطرة علي الجيش الأحمر السوفيتي علي الرغم من معاناة مجموعة الجيوش الوسطي الألمانية من برد الشتاء في موسكو إلا أن 65% من الجيش الألماني لم يكن قد شارك في الحرب بعد ، أما الجيوش الشمالية ، والجنوبية فلم تواجهها أي صعوبات تذكر خلال فصل الشتاء .
وعلي الجبهة السوفيتية كان ستالين قد أصدر قرارة ” لا خطوة إلي الوراء ” بعد معاناة الجيش الأحمر من خسارة الجيش الأحمر عدداً كبيراً من قواته في عام 1941م وصار يتوقع أن يكون الهجوم الألماني الصيفي موجهاً أساساً إلى الحاضرة السوفيتية موسكو .
وقد بدأ الهجوم على ستالينجراد في صيف عام 1942م ؛ حيث قام سلاح الجو الألماني بتنفيذ قصف جوي عنيف حول المدينة إلى أنقاض وأطلال ، وكان هذا الهجوم قبل وصول القوات البرية ، ولكن هذا الهجوم الجوي انعكس بعدها سلبا على الجيش الألماني وأرغمه على التخلي عن تكتيكه الناجح الذي يعتمد بصفة كبيرة على سلاح الدبابات والهجمات السريعة الخاطفة ، ليجد نفسه غارقا في حرب مدن من بيت إلي بيت ، ومن شارع إلي شارع .
أما داخل مدينة ستالينجراد فقد أشتد القتال بين الألمان ، والجيش الأحمر السوفيتي مما أدي لسقوط أعداد كبيرة من القتلي بين المدنيين ، والعسكريين فقد كان اسم المدينة له أهمية كبري لكل من ” جوزيف ستالين ” القائد السوفيتي الذي سًميت المدينة باسمه ، و ” أدولف هتلر ” القائد الألماني ؛ فكان من المستحيل أن يقبلا الخسارة فيها مهما كلفهما الأمر فعلى الرغم من تمكن القوات الألمانية من إخضاع كامل المدينة تقريبا بعد مقاومة شديدة واجهوها من السوفيات ، إلا أنهم فشلوا في كسر آخر الخطوط الدفاعية للجيش الأحمر الذي تمسكت قواته بالضفة الغربية لنهر الفولغا .
وعلي الجهة الأخري وفي 19 نوفمبر عام 1942م شن الجيش السوفيتي حملة عسكرية أطلقوا عليها اسم ” العملية أورانوس ” شن خلالها الجيش الأحمر هجومين متزامنين ضد مواقع القوات الرومانية التي تحمي الجناحين الأيمن ، والأيسر للجيش السادس الألماني المتواجد داخل ستالينجراد وكانت هذه القوات ضعيفة مقارنة بنظيرتها الألمانية فانهارت بسرعة بعد معارك عنيفة مع السوفيات الذين تمكنوا في 23 نوفمبر من محاصرة وتطويق حوالي 250,000 من قوات الجيش السادس ، والفيلق 4 التابع للجيش الرابع الألماني داخل المدينة
وبحلول فصل الشتاء ، ومع تواصل الحصار بدأت المقاومة الألمانية تضعف ، فقد تسبب البرد والجوع في إنهاك الجنود ، وتعطلت الآليات والمدرعات لقلة الوقود إضافة إلى نقص الذخيرة في وقت اشتدت الهجمات السوفيتية التي تريد إنهاء وجودهم ، والذي زاد من سوء الأم هو رفض هتلر قيام الجيش السادس بكسر الحصار والخروج من ستالينجراد ؛ حيث أمرهم بالبقاء مهما كلفهم الأمر مع ضمان مواصلة تزويدهم بالإمدادات عن طريق جسر جوي ، وقيام القوات الأخرى بهجوم مضاد لكسر الحصار وتوحيد القوات. لكن ذلك لم ينجح بعدما فشل الهجوم الألماني المضاد الذي عرف بعملية ” عاصفة الشتاء ” في الوصول إلى ستالينجراد ، وعجزت عمليات التموين بالجو عن نقل كميات كافية من المؤن والذخيرة لتغطية حاجيات الجيش ثم توقفت كلياً بعد احتلال الجيش الأحمر للمطارات التي تستعملها القوات الألمانية سواء التي داخل المدينة أو القريبة منها. وقد تسبب كل ذلك للانهيار التام للجيش الألماني السادس الذي اضطر قائده ” فريدريك باولوس ” للأستسلام في 2 من شهر فبراير عام 1943م ومعه أغلب قوات الجيش السادس رغم مواصلة البعض الآخر القتال إلى أن تمت تصفيتهم .
وقد أنتهت معركة ستالينجراد بنصر كبير للسوفيت بعد أن تم تدمير الجيش الألماني الذي عاني الكثير من الصعاب التي تمثلت في برد الشتاء القارص ، والأمراض التي أصابت الجنود إلي جانب إنخفاض الروح المعنوية لهم .
وبلغت الخسائر البشرية في معركة ستالينجراد حوالي مليوني ضحية ، ما يصنفها كإحدى أكبر المعارك الدموية في تاريخ الحروب. ؛ حيث الجيش الألماني تعرض لثاني أكبر خسارة له في الحرب العالمية الثانية ، والتي كان لها الدور الأكبر في تحول مجرى الحرب العالمية الثانية فلم يستعد النازيون قوتهم السابقة ولم يحققوا بعدها أي انتصار استراتيجي في الشرق .