التحديات الاجتماعية التي يواجهها المراهقون في عصر التواصل الاجتماعي
كتبت: إيمان قاسم
تتجلى أهمية التكنولوجيا في حياتنا اليومية وبخاصة في التواصل الاجتماعي، فقد ساهمت في التقريب بين البشر وتسهيل طرق الاتصال بدلًا من استخدام الطرق التقليدية؛ وفي ظل انتشار مواقع التواصل الاجتماعي، أضحت المتنفس الوحيد الذي اتخذه المراهقين كأداة للتعبير عن ذواتهم، دون دراية بالمخاطر التي يتعرضون لها عبر الشبكات الاجتماعية
مفهوم المراهقة:
المراهقة هي المرحلة التي تلي الطفولة المتأخرة، وتبدأ من البلوغ إلى النضج، وتعتبر فترة انتقال من الطفولة إلى الرشد، وحسب تعريف علم النفس فإنها مرحلة الاقتراب من النضج الجسمي، والعقلي، والنفسي، والاجتماعي.
إدمان استخدام وسائل التواصل الاجتماعي:
من إحدى المشكلات التي يواجهها المراهق هي الاغتراب نتيجة شعوره بعدم فهم والديه له، وهنا يتضح دور الشبكات الاجتماعية والتي تتيح له تكوين صورة عن الذات والتعبير عنها بحرية دون معارضة السلطة الأبوية.
يواجه المراهق صعوبة في مقاومة رغبته في البقاء متصلًا على الإنترنت، وقضاء وقت طويل على شبكات التواصل، ويرجع السبب في مشكلة إدمان مواقع التواصل الاجتماعي إلى عدم قدرته على التنظيم العاطفي وضبط الذات.
تساهم وسائل التواصل الاجتماعي في التخلص من الخجل والانطواء، والتي تحدث عادة بسبب عدم اتزان الآباء في التربية بين التدليل والقسوة؛ فعبر وسائل التواصل يتمكن المراهق من تكوين علاقات اجتماعية يتشارك معهم اهتماماته، وتكمن أهميتها في تعزيز شعور الانتماء إلى مجموعة الأفراد.
التأثير السلبي لمواقع التواصل الاجتماعي:
تعد منصات التواصل الاجتماعي بيئة محفزة للمقارنات وذلك من خلال ما يتم نشره عليها من صور سواء كانت لمشاهير أو من مستفيدي تلك المنصات، عن طريق الترويج لأسلوب حياتهم تارة، أو منتجات أو عرض ملابس بواسطة مقاطع فيديو، لأجل الكسب المادي أو زيادة عدد المتابعين، مما يؤثر بالسلب على المستخدمين وتنمي لديهم شعور باليأس وعدم الرضا النفس.
بالإضافة إلى ذلك، إن منصات التواصل الاجتماعي تستقطب ملايين المستخدمين من جميع أنحاء العالم، ومع رغبة المراهق في تكوين علاقات اجتماعية، وتوسيع دائرة أصدقائه، ومن ثم تمكينه من التعبير عن الذات، فضلًا عن امكانية نشر صورة شخصية عليها وتلقي ردود إيجابية حولها؛ فذلك يخلق لدية شعور بالسعادة، لكنه لا يدوم طويًا والسبب في ذلك يعود إلى انعدام الخصوصية على مواقع التواصل الاجتماعي ؛ فقد تقع تلك البيانات في أيدي مستخدمين يسيئون استخدامها واستغلالها في تشويه السمعة أو نشر الشائعات أو الابتزاز وفي الأغلب فإن الابتزاز الالكتروني عن طريق الصور أو المحادثات تتعرض له أكثر الفتيات في العالم الافتراضي.
علاوة على ذلك، عدم تقبل الاختلاف والذي تتجلى صوره على وسائل التواصل الاجتماعي بما يسمى “التنمر الإلكتروني” حيث توجد فئة من المستخدمين يتعاملون مع الآخرين في الفضاء الالكتروني حسب التكوين الجسماني، والعرق، واللون، ومع ملاحظة عيب أو نقص في الشكل، يتعرض صاحبه ل السخرية والتنمر مما يؤثر بصورة سلبية على الحالة النفسية.
وعلى الجانب الآخر، انتشرت في الفترة الأخيرة أنواع من التحديات مثل تحدي التعتيم، بالجلوس في مكان مظلم بواسطة وشاح يتم الربط على الرقبة لكتم النفس، والبقاء على هذا الوضع لفترة وكل هذا يوثق عن طريق الكاميرا، بالتالي ينقطع الأكسجين وفقدان الوعي، وغيرها من التحديات المنتشرة في أوساط المراهقين عن طريق وسائل التواصل والتي تؤدي في النهاية إلى سلب حياتهم.
إن الهدف الأساسي من إنشاء مواقع التواصل الاجتماعي هو جعل الحياة أكثر سهولة والتواصل مع الأقران بدون عوائق، بالإضافة إلى حرية التعبير عن الآراء بعيدًا عن سياسة القمع، كما تعد وسيلة لاستقاء المعارف والحصول على المعلومات، إلا أنها تشكل تحدي في ظل الانفتاح على ثقافات أخرى والتي لا تناسب المجتمع العربي وقيمنا الإسلامية، بالتالي قد ينجرف البعض إلى الأفكار الإلحادية التي يتم الترويج لها عبر الشبكات الاجتماعية، وذلك نتيجة ترك المراهقين دون زاد معرفي يمكنهم من مقاومة الأفكار المتداخلة مع القيم، مما ترتب عليه الإذعان للفكر المتطرف.
في النهاية، يجب على الآباء متابعة سلوكيات أبنائهم على أرض الواقع، واستخدام أدوات الرقابة الأدوية التي تساعد على متابعة الأبناء على العالم الافتراضي، بجانب توجيههم إلى متابعة المحتوى المفيد وتجنب المحتوى السئ.