العولمة الثقافية وتأثيرها على التنوع الثقافي
كتبت: إيمان قاسم
على مدى التاريخ اتسم العالم بالتنوع والتعدد الثقافي، ومع التطور التكنولوجي والذي جعل العالم قرية صغيرة، بعدما ذلل الصعاب وأزال الحواجز والحدود الجغرافية بين البلدان، فقد تجلى من خلاله حلم السيطرة والهيمنة الاقتصادية والسياسية على العالم، وامتدت نحو الجانب الثقافي، والسعي إلى تعزيز التجانس بين الثقافات، بما يسمى “العولمة”.
تعرف العولمة أنها ثورة تكنولوجية واجتماعية، وسيطرة وهيمنة أمريكية، وأما عن العولمة الثقافية فهي ظاهرة الهدف منها إذابة الاختلافات بين البشر، حتى يغدو العالم بأكمله متشابه، وذلك عبر شبكات الإنترنت.
تعتبر العولمة الثقافية ظاهرة تدعو إلى تنميط المجتمعات وتوحيد الثقافة بصبغة غربية، من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والتي تنشر فكر، وثقافة معينة، والتي تسمي ب “ثقافة الاختراق”؛ لا يمكن أن نغفل عن دور وسائل الإعلام في التأثير على الثقافة، والمساهمة في انتشار الثقافات الغربية بالأخص الأمريكية، ويلي ذلك السيطرة على الأذواق، والفكر، والسلوك.
مظاهر العولمة الثقافية
تعددت مظاهر العولمة الثقافية في البلدان العربية والمتمثلة في انتشار المدارس والجامعات والمعاهد الأجنبية، توضح الهدف من العولمة في تبادل الثقافات الغربية ومحاولة فهمها والتعمق فيها.
يعد انتشار اللغة الإنجليزية مقابل ضعف واهمال اللغة العربية، ويتضح ذلك في وضع شرط اتقان اللغة الإنجليزية سواء في العمل أو التعليم وفي جوانب شتى من الحياة.
الثورة التقنية والمعلوماتية: تعد ثورة تكنولوجيا المعلومات والتي استطاعت اختراق جميع أنحاء العالم، عن طريق الكابلات الضوئية، محطات الإذاعة، شبكات الإنترنت، مواقع التواصل الاجتماعي، وقد ساهم انتشارها على نجاح أهداف العولمة الثقافية.
ايجابيات العولمة الثقافية
إن العولمة ليست خيرًا أو شرًا دائما، فالصورة الإيجابية
للعولمة والتطور الهائل الذي نشهده في التكنولوجيا ووسائل الإعلام والاتصال، والذي تتجلى نتائجه في تقارب المسافات بين البلدان، انتشار المعرفة بالمقارنة بصعوبة الحصول على المعلومات قبل الإنترنت، حيث كان متاح النشر الورقي فقط، أما الأن فأصبحت العديد من الكتب متاح إلكترونيا، بالإضافة إلى إزالة الحواجز التي تعيق الاتصال بين الأفراد.
علي الرغم من إيجابيات العولمة، إلا أنها تحمل في طياتها جوانب سلبية منها:
تهدف العولمة الثقافية من الأساس إلى توحيد وتنميط الثقافات إلى ثقافة واحدة، وهذا يعد سحق لخصوصية وثقافة المجتمع المتمثلة في الدين، اللغة، العادات والتقاليد التي ينفرد بها عن غيره؛ ومن مساوئ العولمة أيضًا الاطلاع على ثقافة الحضارات الغربية، وانبهار الشباب العربي بها واغترافه منها وتقاليده الأعمى لها، دون اعتبار للقيم الإسلامية واختيار ما يتلاءم معها، وترك ما لا يتوافق معها، فضلًا عن التبعية الحضارية للدول العظمى، والتي تؤدي إلى فقد الشعور بالانتماء للوطن.
وفي الختام، فإن التنوع الثقافي والقبول بوجوده داخل المجتمعات لا يشكل خطرًا، على النقيض مما تصبو إليه العولمة من فرض ثقافة واحدة، أو ما يطلق عليه “الغزو الثقافي الأمريكي” والذي تخشاه الدول لما يترتب عليه من طمس للهوية، وسحق للخصوصية الثقافية.