انتشر في وسائط الإعلام حديثًا مصطلح التنمر المشتق من ذلك الحيوان المفترس المعروف، وهو وصف يوحي بافتراس شخص لآخر نفسيًا بانتهاك حرماته الإنسانية الشخصية، أو المادية أو الجسدية، أو الاجتماعية… إلخ باستخدام أنيابه العضلية، أو غيرها،
معنى التنمر
التنمر هو سلوك اجتماعي عدواني متكرر يهدف للإضرار بشخص آخر عمداً، جسديًا أو نفسيًا، أو ماليًا ، بطرق معينة من أجل اكتساب السلطة أو إعلانها؛على حساب ذلك الشخص آخر.
مفهوم التنمر الإداري:
بناء على تعريف التنمر يمكن تعريف التنمر الإداري بأنه:سلوك عدواني في المؤسسة يصدر من مسؤول؛ أو زميل في موقع العمل تجاه فرد أو مجموعة، يتم فيه استغلال أنياب السلطة الإدارية في الإساءة لهذا الفرد أو المجموعة أو إيقاع الضرر بها بغير حق.
وهو أقسى أنواع الفساد الإداري وأكثره خطرًا وتأثيرًا على مواقع العمل والكوادر فيه.
مظاهر التنمر الإداري:
كثيرة هي ومتعددة تلك المظاهر، ولكن كأمثلة عليها:
استخدام عصا التحقيقات والشؤون القانونية مع توقيع جزاءات على هفوات غير مضرة.
استخدام فزاعة التقارير الدورية أحادية الاتجاه من المديرين.
إجبار الموظفين على العمل أوقاتًا إضافية بلا مقابل كي لا يسقطوا في دركات غضب المدير.
استخدام الثغرات القانونية للانتقام من الموظفين لأي سبب، أو إرهابهم.
إرغام الموظفين على تحمل مخاطر التجاوزات القانونية تحت ضغط الترغيب أو التهريب؛ مع بقاء المحرض في مأمن قانوني.
استقطاع أجزاء من مستحقات العاملين بقوة السند القانوني الاختياري.
التنازل الإجباري عن الحقوق تفاديًا للنقل أو تلفيق المخالفات أو تصيد الهفوات.
منع العاملين من الترشح للمناصب تحت وطأة الناب الإداري.
زهو النرجسية الإدارية.
التكبر السلطوي الإداري. انحراف ميزان توزيع المهام وفقا لمستوى إرضاء الناب الإداري.
الانحراف في توزيع المكافآت والترقيات والمميزات الأدبية.
إشراك المتنمرين في المكافآت بغير حق تفاديًا للوقوع تحت الناب الإداري.
الوساطة التدريبية ورفع كفاءات المرضٍيّ عنهم.
وغيرها الكثير والكثير.
أنياب إدارية
أسباب التنمر الإداري:
غالبا ما يكون السبب هو الحصول على مكاسب مالية أو محاولة اشباع ثقوب نرجسية عميقة في شخصية المتنمر؛ هي سبب تلك الظاهرة.
وقد يكون سببها ضعف شخصية المدير فيضطر لإخفاء ذلك الضعف بارتداء زي القسوة والتسلط.
الاضطرار للانصياع لمتنمر أقوى.
الانتقام وتصفية الحسابات.
الدفع الإجباري المتخفي للاستقالة أو طلب النقل.
إرهاب الموظفين وإشعارهم بالضعف حتى يتغافلوا عن مخالفات المتنمر.
الفساد الأخلاقي.
خلق سياج نفسي يمنع الاقتراب واكتشاف حقيقة شخصية تسلك مسالك مشبوهة إداريًا أو خلقيًا أو خلافه.
ترهيب الموظفين لمنع مطالبتهم بحقوقهم الوظيفية.
مخاطر التنمر الإداري:
هو من أسوأ معالم هدم استقرار وازدهار المؤسسات، فكلما ازداد ضعف الروابط بالمؤسسة؛ أدى لعدم الحفاظ على ممتلكاتها ومكانتها ومستوى نجاحها.
استقرار العداء الشخصي والإداري بين التحزبات والتكوينات الفئوية الإدارية.
إشعال فتيل النزاعات وإفساد المناخ الإنتاجي.
انحراف الأهداف الاستراتيجية للمؤسسة.
ضعف مستوى مديري المؤسسات وأقسامها.
فساد السمعة المؤسسية وتدني التصنيفات المختلفة لها.
الخسارة المادية على المستوى الشخصي والمؤسسي.
نشوء بعض الانحرافات من تجسس على المؤسسة أو إتلاف أصولها، أو عدم الحرص على صيانتها والمحافظة عليها.
نشوء وتعزيز سياسة الدرج المفتوح لتعويض الخصومات المالية أو لإشراك المتنمرين فيها وشراء رضاهم.
إرهاق السلطات التنفيذية والقضائية بمشكلات ونزاعات قد تكون تافهة.
إرهاق خزينة الدولة بمصروفات قد تكون وهمية أو غير عادلة تحت مسميات مطاطة غير مستحقة.
نشوء الطبقية الإدارية غير الرسمية، وما يتبعها من نزاعات وفساد.
استغلال موارد المؤسسات بدون وجه حق لتحقيق مكاسب شخصية.
علاج التنمر الإداري:
من الحلول المقترحة، وليست هذه هي كل الحلول:
حسن اختيار القيادات الإدارية مع اعتبار التاريخ الاجتماعي والتعامل مع الزملاء كأحد أهم مقومات الاختيار.
اعتماد مبدأ التقويم المتعدد الاتجاهات، بمعنى أن يقيم المدير موظفيه؛ ويقيمه موظفوه. كما يحق للزملاء خلال فترة التقييم؛ إبداء تقيمهم بسرية لسلوكيات زملائهم الإدارية والاجتماعية والأخلاقية، إلخ.
حرص كل سلطة عليا على تحقيق ومتابعة سير العدالة الإدارية في قنوات المؤسسات.
اعتماد نظام مجلس الإدارة لرئاسة وإدارة المؤسسات الحكومية.
اختيار المديرين بمزيج من الانتخاب والتعيين، حيث بنتخب العاملون ثلاثة مثلا تختار منهم السلطة العليا الأفضل كرئيس لمجلس الإدارة.
إعادة النظر في الصلاحيات الإلهية للمدير.
تفعيل دور الأخصائي الاجتماعي في المؤسسات.
تنشيط الترابط الاجتماعي والمشاركات الترفيهية الودية كداعم لأهداف المؤسسة.
تفعيل مبدأ الثواب والعقاب المحمولين على كفتي ميزان.
فصل أقسام الشؤون القانونية والمالية عن المؤسسات، وجعلها مركزية الرئاسة، مع حق مجلس الإدارة في الاقتراح والنقض.
العودة للأخلاق ومنابع الضمير.
الراعي والرعية
نهاية المقال أُذَكِّر كل مدير أنه راع وعليه أداء أمانته، وأذكر بموقفه أمام الله متعلق برقبته الآلاف من الموظفين وزوجاتهم وأبناؤهم وأحفادهم وكل من وقع عليه ضرر بسبب تنمرهم على موظف تحت أيديهم.
خاتمة:
رأيت قارئي العزيز كيف أن التنمر المبدي لأنياب إدارية خطير جدًا على الأفراد والمؤسسات، وقد يكون تنمر مرؤوس على رئيس ضعيف، ورأيت كيف يبدأ وكيف يمكن التغلب عليه أو الحد من أضرار براثنه.
عليك الآن واجب حسب موقفك، فكل منا إذا قرأ فوجد نفسه مشمولا في الكلام اتعظ وأصلح حاله وصوب طريقه، وإذا لم يكن مشمولا؛ نشر خطورة ذلك وعرف وبين لعل الله أن يفرج هم كثيرين ضاقت بهم الحياة بسبب ذلك التنمر الإداري البغيض. وإلى لقاء عزيزي في رحلة أخرى بين سطور مقال آخر.