تقارير وتحقيقات

تاريخ المسجد الأقصى

 

✍️ ملك محمد عبد الغني

المسجد الأقصى أولى القبلتين ، وثالث الحرمين ، ومهبط الملائكة ، ومسرى رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم- ومصلى الأنبياء ، وهو مسجد يمتد تاريخه إلى آلاف السنين ، عاش في كنفه معظم الأنبياء وشهد الكثير من الأحداث على مر العصور ، وأبرزها الفتح الإسلامي ومحاولات الاحتلال الكثيرة التي تعرض لها من قبل الصليبيين واليهود وبالقرب منه ستكون معركة نهاية الزمان ، وهو محشر البشر يوم القيامة.

 

ما تاريخ المسجد الأقصى منذ بنائه؟
يقع المسجد الأقصى في الجزء الجنوبي الشرقي للبلدة القديمة لمدينة القدس ، والتي تقع تقريبا في وسط فلسطين ، ويقع على هضبة مرتفعة تسمى هضبة موريا ، ويشترك في حدوده الشرقية والجنوبية مع الحدود الشرقية والجنوبية لبلدة القدس القديمة.

 

المسجد الأقصى المبارك هو اسم لكل ما دار حوله السور الواقع فأقصى الزاوية الجنوبية الشرقية من مدينة القدس القديمة ، وهو يشمل كلا من قبة الصخرة ذات القبة الذهبية والموجودة في موقع القلب منه ، والجامع القبلي ذي القبة الرصاصية والواقع أقصى جنوبه ناحية القبلة ، إلى جانب 200 نحو معلم آخر تقع ضمن حدود الأقصى ما بين مساجد ، وقباب ، ومآذن ، ومنابر ، ومحاريب ، ومبان ، وأروقة ، ومصاطب ، ومدارس ، وأشجار ، وأبواب ، وآبار ، وأسبلة مياها ، ومكتبات بالإضافة إلى الساحات.

 

تبلغ مساحة الأقصى حوالي 14 ألف متر مربع ويحتل نحو سدس مساحة البلدة القديمة في القدس ، وهو على شكل مضلع غير منتظم ، طول ضلعه الغربي 491 مترا ، والشرقي 462 مترا ، والشمالي 310 أمتار ، والجنوبي 281 مترا.

 

من الذي بنى المسجد الأقصى؟
في الواقع أن هناك اختلافا كبيرا بين المؤرخين حول هذه النقطة ، فهناك من يقول بأن الملائكة هي من قامت ببنائه ، وهناك من يرى أنه آدم -عليه السلام- من قام ببنائه ، والبعض الآخر يعتقد أنه سام بن نوح من قام ببنائه ، بينما قال آخرون إنه النبي إبراهيم عليه السلام هو من قام ببنائه ، لكن الراجحة هي أن آدم أبو البشر هو من قام ببنائه لأن الأقصى هو ثاني مسجد بني على الأرض ، وبينه وبين بناء المسجد الحرام 40 عاما فقط كما أخبر النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- ، وقد كان بناؤه من الطوب اللبن لذا أعيد تشديده أكثر من مرة على مر العصور ، فقام بتعميره النبي إبراهيم حوالي عام 2000 ق.م ثم تولى المهمة من بعده أبناؤه ، كما جدد سليمان -عليه السلام- بناؤه حوالي عام 1000 ق.م ، وقد عاش الكثير من الأنبياء والمرسلين في كنف الأقصى.

 

 

كما أنه مسرى النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- إلى السماء وفيه صلى بكل الأنبياء ليلة الإسراء ، لذا كانت هذه الأرض المباركة أرض النبوآت ومهبط الرسالات.

 

شهدت القدس الكثير من الأحداث على مر العصور وتعاقب عليها مختلف أنواع البشر ، فنجد أنها خضعت للنفوذ المصري في القرن ال16 قبل الميلاد ، وفي عهد الملك إخناتون تم الاستيلاء على القدس من قبل قبائل من البدو تسمى (الخابيرو) ، وظلت المدينة بأيديهم إلى أن عادت مرة أخرى للنفوذ المصري في عهد الملك سيتي الأول ، وقد استطاع النبي داود -عليه السلام- السيطرة على المدينة في عام 977 أو 1000ق.م ، حيث حكمها نحو 40 عاما ثم خلفه ابنه سليمان -عليه السلام- الذي حكمها 33 عاما ، وفي عام 586 قبل الميلاد تم احتلال مدينة القدس من قبل الملك البابلي نبوخذ نصر الثاني ، وفي عهد الإسكندر الأكبر قام بضم فلسطين إلى إمبراطوريته عام 333 قبل الميلاد ، ثم ضمها بطليموس إلى مملكته في مصر عام 323 قبل الميلاد ، وفي عام 198 قبل الميلاد ضمها القائد المقدوني سيلوكس نيكاتور إلى مملكته في سوريا ، وفي عام 63 قبل الميلاد تم الاستيلاء على القدس من قبل قائد الجيش الروماني بومبيجي وضمها إلى الإمبراطورية الرومانية ، وعندما أصبحت المسيحية الديانة الرسمية للإمبراطوية الرومانية أصبحت القدس مركز للحجاج المسيحيين ، وقام الإمبراطور قسطنطين الأول ببناء كنيسة القيامة فيها عام 326م .

 

 

تعرضت القدس لهجوم من الفرس الذين نجحوا في احتلالها في الفترة ما بين عام 614 وعام 628م قبل أن يستعيدها الرومان مرة أخرى وتظل في أيديهم حتى الفتح الإسلامي لها في عهد الخليفة الراشد الثاني ( عمر بن الخطاب ) -رضي الله عنه- عام 637م ، وقد قام الفاروق بنفسه بتنظيف الصخرة المشرفة التي عرج منها النبي محمد -صلى الله عليه وسلم -إلى السماء وساحة الأقصى وقام ببناء مسجد صغير أقصى جنوب المسجد الأقصى.

 

تعاقب على القدس الخلافات والدول الإسلامية حيث يهتم بها حكام المسلمين اهتماما كبيرا ، ففي العصر الأموي قام الأمويون بتجديد المسجد الأقصى كما بنى الخليفة عبد الملك بن مروان قبة الصخرة في الفترة ما بين عام 682 وعام 691م ، وذلك في موضع الصخرة المشرفة ، كما شرع عبد الملك بن مروان ببناء الجامع القبلي وأتمه ابنه الوليد عامي 705 و 714م.
في عام 1095م دعا البابا أوربان الثاني للحملات الصليبية بهدف القضاء على المسلمين وانتزاع بيت المقدس والأماكن المقدسة في المشرق من أيديهم ، وسقطت القدس في أيدي الصليبيين بعد حصار استمر شهرا عام 1099م ليرتكب الصليبيون واحدة من أفظع المجازر في التاريخ و قتلوا بالمسجد الأقصى وحده ما يزيد عن 70 ألفا ، وتم تصفية المدينة تماما ، وبقي المسجد الأقصى أسيرا في أيدي الصليبيين 88 عاما حتى جاء الناصر صلاح الدين الأيوبي ليحرره ويضع بداية النهاية للصليبيين في الشرق.

 

ما هي الأحداث التي ستقع بالقرب من المسجد الأقصى في المستقبل وتجب معرفتها؟
ستشهد الأراضي المقدسة معركة نهاية الزمان الشهيرة والمعروفة (بهرمجدون) ، وقد اختلفت آراء المسلمين والنصارى واليهود حول هذه المعركة لكن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أخبرنا بأن الغلبة ستكون للمسلمين ، ليخرج بعدها المسيخ الدجال وتبدأ علامات الساعة الكبرى.

 

من بين ما أخبرنا به النبي -صلى الله عليه وسلم- أن من علامات الساعة قتال المسلمين لليهود فيقول ” لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود ، حتى يختبئ اليهود وراء الحجر والشجر ، فيقول الحجر والشجر يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي فتعال واقتله ، إلا الغرقد ، فإنه من شجر اليهود ” ، وبالفعل فاليهود يحرصون على زراعة شجر الغرقد هذا بكثرة في الأراضي المحتلة ، وستكون تلك المعركة في اخر الزمان بعد أن يقتل عيسى -عليه السلام- المسيخ الدجال فيهزم الله اليهود ويقتلون أشد القتل ، وأخيرا سيسدل الستار على عالمنا بنار تخرج من عدن تسوق الناس إلى أرض المحشر في الشام وتحديدا في بيت المقدس فيقول -صلى الله عليه وسلم- إنكم تحشرون إلى بيت المقدس ثم تجمعون إلى يوم القيامة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا