مقالات

متحف الأجنة المشوهة

 

ملك محمد عبد الغني

 

من أغرب المتاحف في العالم كله هو متحف الأجنة المشوهة بالقصر العيني و الذي لا يعرف ما بداخله إلا قليلون، و يحتوي هذا المتحف على مختلف الأشكال من عينات لجثث أجنة مشوهة.

ما القصة الكاملة لتأسيس متحف الأجنة المشوهة؟

في يوم 5 من شهر يناير عام 1882 ولد الطبيب المصري نجيب باشا محفوظ في محافظة المنصورة.

 

و في عام 1898 دخل نجيب محفوظ مدرسة القصر العيني الطبية المعروفة حاليًا ب(كلية الطب جامعة القاهرة)، و بعد تخرج نجيب محفوظ من الجامعة عمل كطبيب تخدير لفترة من الزمن ، و كان أيضًا كثيرًا ما يساعد في عمليات الولادة ، ثم بدأ بملاحظة أن عدد كبير جدًا من الأطفال يتوفون في عمليات الولادة.

 

و لهذا قرر الدكتور نجيب محفوظ أن يتخصص في طب النساء ، و لكن لم يكن هذا التخصص موجود في مصر حينها.

 

و في عام 1908 عمل الطبيب نجيب محفوظ كطبيب تخدير في مستشفى القصر العيني و قدم طلب بإفتتاح عيادة متخصصة في أمراض النساء والولادة ، في بداية الأمر تم رفض طلبه و لكن بعد تفكير عميق في أهمية وجود هذا التخصص في المستشفى ، وافقت إدارة القصر العيني لفتح العيادة على سبيل التجربة ، و كانت المفاجأة الغير متوقعة هي أن العيادة حازت نجاح كبير جدًا و تم إستقبال حوالي 2000 حالة خلال عامين فقط ، و من أشهر عمليات الولادة المتعسرة في العالم و التي قام بها الطبيب نجيب محفوظ وهي العملية التي كانت سببًا في ولادة الأديب الراحل نجيب محفوظ و الذي تم تسميته مثل أسم الطبيب نجيب محفوظ الذي أنقذ حياته.

 

و كان الطبيب نجيب محفوظ سببًا في تأسيس أول قسم متخصص في أمراض النساء والولادة في مصر بمستشفى القصر العيني ، و عمل في هذا القسم لعدة سنين ، و رأى الكثير من حالات تشوه للأجنة و الأمراض الوراثية المختلفة ، و أراد بشدة أن يحتفظ بهذه الأجنة المشوهة و بالفعل استطاع إقناع الأهالي أن يحتفظ بجثث أطفالهم الذين توفوا و هذا في سبيل العلم ، حتى يستخدمهم كعينات طبية يشرح عليها لطلاب كلية الطب.

ما هي أول خطوة قام بها الدكتور نجيب محفوظ؟

 

بدأ باستيراد أوعية مخصوصة من فرنسا و مواد كيميائية معينة حتى يستطيع الاحتفاظ بالأجنة لوقت كبير.

 

و استطاع جمع عدد كبير جدًا من العينات و تم عرضها عام 1928 على الأطباء الأجانب الذين حضروا احتفال القصر العيني بمناسبة مرور 100 عام على إنشاء القصر ، و في عام 1932 قام الطبيب نجيب محفوظ بالتبرع ب 1500 عينة للقصر العيني و تم إنشاء معرض لها بداخل القصر و سمى المعرض ب (متحف نجيب باشا محفوظ للولادة و أمراض النساء) ، و كان متحف القصر العيني أول متحف من نوعه في قارة إفريقيا و الشرق الأوسط بأكمله ، و تم هدم مبنى القصر العيني في الثمانينات ، و تم بناء مبنى آخر في موقعه و زود بتقنيات طبية حديثة بمساعدة مجموعة من الشركات الفرنسية، ثم تم نقل متحف الولادة و أمراض النساء لقسم النساء والتوليد بمستشفى المنيل الجامعي في جزيرة المنيل ، و ما زال موقع المتحف ثابت حتى الآن في كلية طب القصر العيني.

 

ما السبب الحقيقي لظهور تلف في بعض العينات؟

مع الأسف تم تعرض المتحف للإهمال الشديد و مع مرور بعض الوقت بدأت العينات في التلف ، و لكن في عام 2017 تم ظهور فكرة ترميم المتحف و تجهيزه مرة أخرى بتمويل كامل من عائلة الطبيب الراحل نجيب محفوظ.

 

و في مارس عام 2018 تم إفتتاح المتحف من جديد من قبل إدارة القصر العيني بأساليب عرض عالمية و متقدمة جدًا ، و لكل عينة في المتحف شفرة خاصة بها مطبوعة عليها ، تستطيع من خلال إلتقاط هذه الشفرة بهاتفك الجوال أن تعرف كافة المعلومات الطبية التي تريد معرفتها عن هذه العينة المعروضة أمامك.

و يحتوي المتحف على عينات أجنة مشوهة عمرها أكثر من حوالي 90 عام ، و الحالات الموجودة بالمتحف هي حالات طبية نادرة جدًا و تكاد تكون منعدمة حاليًا بسبب تقدم الطب و تطور أساليبه ، و يعتبر هذا المتحف إلى الآن مرجع طبي و تاريخي هام جدًا للأطباء و الطلاب في مصر و في العالم كله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا