بكم تشتري نصف يوم؟
✍ أحمد خالد
لو صادف خروجك من إحدى محطات مترو الأنفاق صوت أحد الباعة الجائلين سائلاً.. بكم تشتري نصف يوم يا أستاذ ؟
كيف يكون ردك ؟
وإذا صادفت لوحة إعلانية ضخمة من تلك المنتشرة على الطرق السريعة، بها نفس سؤال ذلك البائع، ولكن بعبارة منمقة أكثر، هل سيكون لك نفس رد الفعل ؟
دعني أطرح عليك سؤالاً، ما أكثر ما يجذب انتباهك، جودة وطريقة الإعلان.. أم المنتج المعلن عنه ؟
إن تطور مجال الإعلانات للشكل الذي نراه في حياتنا بهذه الكثافة وهذه الضخامة وهذا الانتشار، يوضح لنا مقدار الاهتمام به كعامل أساسي في جذب المستهلك وزيادة الأرباح والمبيعات، وهو ما يتضح أكثر بمقدار الملايين التي تنفق فقط في شهر رمضان للدعاية والتسويق للمنتج أو الخدمة المقدمة.
هذا الأمر لم يعد يفاجأ الناس كما السابق عند معرفتهم بحجم الانفاق على الإعلانات، بات الجميع على دراية وعلم بالتأثير الهام للإعلانات كبيرة كانت الشركة أم صغيرة.
فعندما سمعت البائع المتجول يسألك بكم تشتري نصف يوم وتجاهلته حسبة منك بأنه ضرب من الاحتيال المنتشر بين الباعة على أرصفة محطات المترو والقطار، إنك لن تفعل المثل غالبًا مع نفس السؤال المنمق على اللوحة الإعلانية الكبيرة أو على شاشة التلفاز حتى لو احتوى على نفس مغزى السؤال مع كثير من الإتقان في اختيار الألوان والصور والشخصية المؤدية للإعلان، ممثل، مغني، أو لاعب كرة قدم لا فرق إنك هنا تتأثر بجودة الإعلان وإتقانه والمشاعر المنبثقة منه أكثر من تأثرك بمدى حاجتك لمعرفة الإجابة على سؤال بهذه الغرابة !
كيف يبيع أحد نصف يوم؟ وهل الوقت سلعة ملموسة يستطيع الناس بيعها وشراءها؟
أقول لك إنه ومع بعض الأموال السخية، ستجد السؤال ذا معنى، ربما يكون عن خدمة توصيل جديدة توفر عليك أوقات الإنتظار، أو سلسة محلات لا يوجد بها طوابير انتظار عند الكاشير.. الخ.
إن حقيقة ما أود قوله ونبقيك على اطلاع به هو كيفية خداعنا بالإعلانات سواء بشخصية نحبها أو بعرض تمثيلي بسيط يجذبنا أو حتى بأغنية جميلة نرددها باستمرار، أو بخصم كبير يجعلك تفكر في شراء منتجات أنت أصلًا لست بحاجة لها ولن تفكر غالبًا في شرائها مالم تر إعلانًا جذابًا كهذا.
لذا في المرة القادمة التي تغرم بمنتج ما فكر كثيرًا عن دوافع إعجابك، هل هو بالإعلان؟ أم بالمنتج المعلن عنه ولا تعتقد على وجه الحقيقة أن منتجًا ما سيغير حياتك..
أنت فقط من يقدر على فعل ذلك .
