التاريخ والآثار

لوحة المجاعة

بقلم الباحث : محمد حمدي محمود 

 

   لقد كانت مصر شاهدة طوال تاريخها علي الكثير من الأزمات ، والصعوبات ؛ حيث كانت هذه الصعوبات تتمثل إما في الأمراض والأوبئة ، أو في الغزو والاحتلال من قبل شعب خارجي ، أو قيام ثورة داخلية في أحد أقاليم البلاد ، أو حدوث كارثة طبيعية تقضي علي الأخضر واليابس ، أو حدوث المجاعات التي هي موضوع مقال اليوم .

 

ونحن في هذا المقال ليس بصدد الحديث عن المجاعات التي حدثت في مصر في العصور القديمة أو ما ترتب عليها من أثار سلبية علي موارد البلاد ، أو اضطرابات في الحياة السياسية ، والاجتماعية المصرية ، ولكن في هذا المقال سوف نتحدث عن أثر من الأثار القديمة التي تحدثت عن مجاعة حدثت في مصر في عصر الدولة القديمة وبالتحديد في عصر الأسرة الثالثة ألا وهي لوحة المجاعة الشهيرة .

 

فهذه اللوحة المعرفة بلوحة المجاعة هي عبار عن صخرة منحوتة في جزيرة ” سهيل ” بأسوان ، وهذه اللوحة تتحدث عن سبع سنوات من الجفاف ، والمجاعة ضربت مصر في عصر السرة الثالثة وبالتحديد في عهد الملك ” زوسر ” أول ملوك هذه الأسرة ، وهناك اعتقاد بأن هذه اللوحة قد نُحتت في عهد الملك زوسر بعد انتهاء المجاعة ، أو في عصر البطالمة الذين حكموا مصر منذ عام 332 : 31 ق.م .

 

وعن الوصف الدقيق للوحة فهي عبار عن صخرة ضخمة من الجرانيت تم قطع سطحها علي شكل مستطيل ، وكُتب عليها بالخط الهيروغليفي ، وتحتوي الصخرة علي عدد 42 عمود ، وفي الجزء العلوي من اللوحة يظهر ثلاث من الألهه المصرية وهم ” خنوم ، وساتيس ، وأنوكيت ” ، وأمامهم يظهر الملك زوسر وهو حامل في يده القرابين يقدمها لهم ، وهناك بعض العبارات في اللوحة لا تصلح للقراءة بسبب تضرر جزء كبير منها إما بسبب عوامل طبيعية أو عوامل بشرية تسببت في تدمير بعض أجزاء اللوحة .

 

وتصف لوحة المجاعة الغضب الشديد الذي أنتاب الملك زوسر بسبب حالة الجفاف ، وقلة الموارد التي عانت منها مصر في تلك الفترة وذلك بسبب عدم فيضان نهر النيل طوال تلك الفترة التي أستمرت لسبع سنوات ؛ حيث طلب الملك حضور الكهنة ، ووزيرة ” إموحتب ” وتشاور الجميع في هذا الأمر داخل معبد ” تحوت ” في ” هرموبوليس ” ؛ حيث أبلغ الكاهن الملك بأن من يتحكم في فيضان نهر النيل هو الإله ” خنوم ” في جزيرة ” ألفنتين ” وأنه غاضب لذلك لا يسمح للمياه بالعبور لأرض مصر فما كان من الملك زوسر إلا أن أمر بأن تحمل القرابين للجنوب من أجل إرضاء الإله خنوم .

 

وفي الليلة التالية لتقديم القرابين رأي الملك زوسر في المنام بأن الإله خنوم يخبره بانه راضي وبأن المجاعة التي ضربت البلاد لمدة سبع سنوات قد أنتهت ، فما كان من الملك إلا أن أصدر أوامره بأن يمنح معبد خنوم ربع المنطقة التي تقع ما بين أسوان ، وجزيرة ألفنتين ، وكذلك جزء من واردات بلاد النوبة .

 

وقد أكتشفت لوحة المجاعة في عام 1953م علي يد عالم الأثار الفرنسي ” بول بارجيه ” ؛ حيث أوضح بأن هذه اللوحة لها أهمية كبري في معرفة ما مر بمصر من ظروف قاسية إلي جانب ذلك ذكر بأن الخطوط ، واللغة التي نقشت بها اللوحة من المرجح أن تعود للعصر البطلمي وربما لعهد الملك ” بطلميوس الخامس ” .

 

وهناك بعض علماء المصريات يقولون بأن كهنة الإله خنوم في العصر البطلمي قد ألفوا هذا النص وذلك بسبب تصارع الجماعات الدينية علي الحكم ، والنفوذ ح حيث كان أستخدام قصة لوحة المجاعة من وجهة نظر الكهنة وسيلة لإضفاء السلطة والشرعية علي كهنة الإله خنوم في منطقة الألفنتين .

 

وعندما بدأ علماء المصريات في ترجمة نص لوحة المجاعة أعتقدوا من الوهلة الأولي بأن لها علاقة بقصة مجاعة السبع سنوات التي ذكرت في التوراة وبالتحديد في سفر التكوين الفصل 41 قصة نبي الله يوسف علية السلام ، وهي نفس القصة التي ذُكرت في القرآن الكريم في سورة يوسف .

 

ولكن هناك بعض العلماء من يرون بأن قصة المجاعة هذه ما هي إلا أسطورة مشتركة بين جميع ثقافات ، وحضارات العالم والدليل علي ذلك أن هناك قصة لمجاعة السبع سنوات قد حدثت في بلاد ما بين النهرين ، وهي الأسطورة الملحمية المشهورة ” بجلجامش ” ؛ حيث أن الإله ” آنو ” قد أعطي النبوءة عن مجاعة سوف تحدث في البلاد لمدة سبع سنوات .

 

أما في مصر فلم تكن قصة مجاعة السبع سنوات التي حدثت في عصر الملك زوسر هي الوحيدة من نوعها التي حدثت في البلاد فتروي الحوليات عن حدوث جفاف طويل لنهر النيل ، وهذا ما ذُكر في ” كتاب الهيكل ” الذي ترجمة عالم اللغة الديموطيقية  الألماني ” يواكيم فريدريتش ” ؛ حيث يذكر بان هذه المجاعة قد حدثت في عصر الأسرة الثانية في فترة حكم الملك ” نفر كا سوكر ”

اقرا ايضا:-

إختراعات مصرية قديمة غيرت العالم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا