التاريخ والآثار

الحجاج بن يوسف الثقفي

بقلم الباحث : محمد حمدي محمود

 

” فارس بني أمية المغوار والرجل المُفتري عليه ”
لقد أحتل ” الحجاج بن يوسف الثقفي ” مكانه هامة ، ومميزة بين كبار الشخصيات في التاريخ الإسلامي ، ومن الصعب أن تجد كتاباً أو بحثاً أو مقالاً يتحدث عن التاريخ أو الأدب وليس فيه ذكراً لهذا الرجل العظيم الذي يُعد من أحد صناع التاريخ الأموي بشكل خاص ، والتاريخ الإسلامي بشكل عام بما كان يملكه من الخبرة القيادية الفذة ، والمهارة العسكرية ، والقيادية التي لا مثيل لها .

 

فمن هو الحجاج ؟ من هو هذا الرجل الذي أفتري عليه الكثير من الكتاب ، والباحثين ؟ من هو هذا الرجل الذي يعود إليه الفضل في تثبيت دعائم دولة بني أمية ؟

 

هو ” أبو محمد الحجاج بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل بن مسعود بن عامر بن معتب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن قسي الثقفي ” ، يعود نسبه لقبيلة ثقيف التي يُعتبر من أشهر قبائل بلاد العرب .

 

ولد الحجاج في قرية الكوثر إحدي قري الطائف عام 41هـ – 661م ، وبها كان يعمل معلماً للصبيان يعلمهم كتاب الله عز وجل ، وكان هناك من يحتقر هذه المهنة التي أمتهنها الحجاج فكانوا يقولون ” معلم الصبيان ” ، ولكن يكفي هذا الرجل شرفاً أن يعمل في هذا العمل فأي شرفاً هذا الذي يحصل عليه الشخص عندما يكون معلم لكتاب الله وسنه رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام .

 

ولعل السبب وراء احتقار مهنه الحجاج في الطائف هو أن العرب كانوا دائماً ما يحتقرون المعلم ويصفوه بضعف العقل ، وسقوط الهمة ، وعدم سداد الرأي ، والحماقة لذلك رأي العرب أن مهنه المعلم لا يشتغل بها سوي المستضعفين من العرب .

 

ولكن علي الرغم من ذلك وكون الحجاج معلم للصبيان في الطائف فقد أختلفت المصادر في العمل الذي كان يعمل به الحجاج فالبعض يري أنه كان يعمل دباغاً ، ومنهم من كان يري أنه كان يعمل بائع ذبيب ، ولكن قصة عمله دباغاً أو بائع ذبيب مستبعدة تماماً لأن والدة كان يعمل معلم للصبيان أيضاً فمن الصعب أن يعمل الحجاج عملاً غير الذي كان يعمل به والدة ، وخاصاً وأن في تلك الفترة كان الأبناء يتوارثون مهنه الاًباء .

 

ومما سبق ذكرة نري أن الحجاج بن يوسف الثقفي كان قد نشأ نشاءة عظيمة ؛ حيث قضي جزءاً كبيراً من شبابه في بلاد العرب ثم بعد ذلك بدأ بالإتصال بدولة الخلافة الأموية مما جعل بعض المؤرخين يرون بأن نشأته الأولي كانت في بلاد الشام مهد دولة بني أمية وهذا خطأ كبير .

 

لقد شهد الحجاج بن يوسف الثقفي العصر الأموي منذ بدايته ، كان شاهداً علي كل الأحداث التي حدثت فيه ، وشهد إنقسام الجماعة الإسلامية لطوائف وأحزاب ، وشهد تشتت ، وتفرق كلمة المسلمين ، وشهد سفكهم لدماء بعضهم البعض ، وشهد الكثير من الشخصيات السياسية البارزة في مجال الحرب والسياسة كان بعضهم ولاة من قبيلة ثقيف التي ينتمي إليها الحجاج ولعل من أهم هؤلاء ” المختار بن عبيد الله الثقفي ” ، و ” المغيرة بن شعبة ” ، و ” زياد بن أبية ” فقد كان لكل هؤلاء أثراً كبيراً في تكوين الشخصية السياسية الطموحة للحجاج .

 

حيث بدأ الحجاج حياته العسكرية عندما ذهب إلي مصر وأنخرط في سلك الجندية هناك وكان في الخامسة والعشرين من عمره ، وكان ذلك في الحملة العسكرية التي قادها الخليفة الأموي ” مروان بن الحكم ” لتخليص مصر من حكم ” عبد الرحمن بن جحدم الفهري ” والي ” عبد الله بن الزبير ” ؛ حيث نجح مروان بن الحكم في ضم مصر تحت راية الدولة الأموية وتخليصها من حكم الزبيريين في ذلك الوقت .

 

كما أشترك الحجاج مع والدة في الحملة العسكرية التي أرسلها مروان بن الحكم بعد شهر من عودته من مصر ؛ حيث أرسل جيشاً للمدينة بقيادة ” حبيش بن دلجة القيني ” لقتال عبد الله بن الزبير ولكن هذا الجيش قد ألتقي بجيوش بن الزبير القادمة من مكة ، والمدينة ، والبصرة ، والكوفة وعلي الرغم من تحقيق النصر في البداية إلا أن جيش مروان بن الحكم تكبد هزيمة ساحقة وقتل منه أعداد كبيرة ونجا الحجاج ووالدة في هذه المعركة .

 

ثم بعد ذلك وفي عهد الخليفة ” عبد الملك بن مروان ” أنضم الحجاج للجيش الأموي في الشام وذلك عن طريق الإتصال بقائد الجيش في ذلك الوقت ” روح بن زنباع ” الذي كان بمثابة الوزير ، والمستشار للخليفة عبد الملك وكان لا يفارقه أبداً .

 

وقد كان الحجاج عالي الهمة ، وقوي الشكيمة في جنوده والدليل علي ذلك عندما أعد الخليفة عبد الملك بن مروان العدة لقتال ” زفر بن الحارث الكلابي ” في قرقيسياء وجد صعوبة بالغة في جمع الجيش لأن الجيش كان مختل النظام فأشار روح بن زنباع علي الخليفة بالحجاج لهذه المهمة فنجح الحجاج في جمع الجيش ولم يعد أحد من الجنود يعصون الأوامر ومن كان يفعل ذلك كان يعاقبه أشد العقاب فتذكر بعض المصادر أن بعض الجنود قاموا بعصيان الأوامر فأمر بهم الحجاج فتم جلدهم بالسياط ، وطوفهم في المعسكر ليكونوا عبرة لغيرهم وقام بحرق خيامهم.

 

وعن الحياة السياسية للحجاج في العصر الأموي فقد تقلد حكم بعض الولايات لعل من أهمها حكم الحجاز ، والعراق وقد كان للحجاج الفضل في إخماد الكثير من الثورات التي أندلعت ضد الحكم الأموي لعل من أهمها القضاء علي ثورة ” عبد الله بن الزبير في مكة ” ، والقضاء علي ثورة ” عبد الله بن الجارود ” ، و القضاء علي ثورة الزنج ، وثورات الخوارج الأزارقة ، والخوارج الصفرية ، والشبيبية ، والقضاء علي ثورة ” عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث ” بعد هزيمته في معركة دير الجماجم الشهيرة ، كما أهتم أهتماماً كبيراً بالأسطول الإسلامي الذي شارك في الكثير من الفتوحات فيما بعد .

 

ولم تكن إصلاحات الحجاج بن يوسف سياسية وعسكرية فحسب بل كان له دوراً هاماً في الحياة الإقتصادية ، والدينية ، والأدبية فقد أهتم بالقرآن الكريم ، وسك عملة الدينار العربي بعد أن كان العرب يتعاملون بالعملة البيزنطية ، وأشار علي الخليفة عبد الملك بن مروان بتعريب الدواوين كما أهتم بالزراعة ، وبناء الكثير من المدن كمدينة ” واسط ” .
وفي عام 95هـ – 713م في شهر رمضان أو شوال كما تذكر المصادر توفي.

اقرا ايضا:-

اول جبابرة الأرض(النمرود

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا