لماذا سميت سورة يوسف بأحسن القصص؟
بقلم : شيرين محمود خلف
لماذا سميت سوره يوسف بأحسن القصص ؟
تناولت السورة عدة محاور مختلفه تغطي الحياة الاجتماعية الاخلاقية السياسية الاقتصادية الزراعية والتجارية، كما اشتملت علي جوانب نفسية ارشادية وتعليمة، نذكرها في السطور التالية.
المحور الأول: الرؤية الصالحة التي تحققت في نهاية السورة وارتباطها بالروح وهي من أمر الله وتأويل يوسف لرؤيه السجينين و الملك (وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ولنعلمه من تأويل الأحاديث )٢١
المحور الثاني: قصة الكيد والغل وإلقاء يوسف في الجب انتهت بأن أصبح يوسف عزيز مصر رغم كل التخطيط والكيد وتأكيدا لمعني ولا يحيق المكر السيء الا باهله وان اراده الله فوق كل شيء (والله غالب علي أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون ) ٢١
المحور الثالث: مرحله الطفولة حيث سن اللهو واللعب والمرح وليس التكبل بالمناهج الدراسية العقيمة والواجبات المدرسية التي تفوق قدرات الأطفال، وأن لكل مرحلة مهامها (ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) البقره ٢٨٦
المحور الرابع: وهو عملية الشراء والبيع وما يخص التجارة وعدم بخس البضاعة، مؤكدا لمعني ( ولا تبخسوا الناس اشياءهم )الشعراء ١٨٣
وأن التجارة تمر بمراحل رواج التجارة وازدهارها ومرحلة توسطها ومرحلة الزهد في البضاعة عند ركود السلع (وشروه بثمن بخس دراهم معدوده٠٠)٢٠
المحور الخامس: الكذب والتلفيق وتناول السورة لذلك أولا من جانب إخوه يوسف، وثانيا من جانب امراه العزيز انتهي كلاهما يكشف الحقيقة وتاكيدا لمعني (نحن أعلم بما يقولون) ٤٥
المحور السادس :
أولا :- االإغواء والمراودة عن النفس، وأن النساء هن من يبدأن بالدعوة للفواحش والتي انتهت بحفظ يوسف من كافة الإغراءات والتسهيلات المقدمه له من قبل أمراه العزيز وتأكيد لمعني( بل الإنسان علي نفسه بصيره )القيامه ١٤
ثانيا :- موضوع تتبع العورات وإطلاق الشائعات، كما فعل نسوة المدينة تاكيدا لمعني ( أن الذين يحبون ان تشيع الفاحشه )النور ١٩
ثالثا :- الثرثره واللغو من الكلام ، حيث إضاعة الوقت في شؤن الآخرين والانشغال بالغير (واعرض عن الجاهلين )الاعراف ١٩٩
المحور السابع: الإبتلاء بالسجن، و الفترة التي قضاها يوسف في الدعوة إلي الله وتفسير الرؤيا وأنها كانت مرحلة انتقاليه تاكيدا لمعني ( وكل شيء عنده بمقدار عالم الغيب والشهاده الكبير المتعال ) الرعد ٩/٨
وأيضا طلب يوسف النجاة والخلاص (اذكرني عند ربك )٤٢
المحور الثامن: سياسي اقتصادي حيث حسن الإداره واستغلال الموارد والسيطرة علي السنوات العجاف وأسلوب الزراعه وجني المحصول وتخزينه بطريقه معينه، واختيار الملك ليوسف وجعله علي خزائن الأرض كما طلب لحسن تدبيره للأمور، و أن الملك لم يرفض ذلك لأن يوسف كان سجينا، وهو درس في علاقة الموظف وصاحب العمل
وتأكيد لمعني ( إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم )الأنفال ٧٠
ومندرج تحته حسن تخطيط يوسف وذكاؤه في أخذ أخيه في دين الملك باستراتيجيه متقنه
المحور التاسع: وهو من الدروس النفسية الهامة
أولا :- الاعتداد، وهي متمثلة في إخوه يوسف (ونحن عصبه ) ١٤
ثانيا :- الثقه بالنفس، ومتمثله في طلب يوسف أن يكون علي خزائن الأرض ونزاهته وتعميم البلاد بالرخاء والخير وليس سوء استغلال المنصب، وهو درس من دروس السياسة وتولي المناصب (اجعلني علي خزائن الارض اني حفيظ عليم )٥٥
ثالثا :- فقدان وزعزعه الثقة، مثمثله في زعزعه ثقه يعقوب في أبنائه كرد فعل بعد فعلتهم بيوسف ورفض يعقوب لإرسال أخوهم الآخر حتي يؤتون موثقا من الله، وتاكيدا لمعني أخذ المواثيق وتوثيقها حتي بين الأخوات والأهل وعدم الإخلال بها (واووفوا بالعهد ان العهد كان مسؤلا) الإسراء ٣٤
المحور العاشر : وهو في غاية الأهميه ويندرج تحته عده أمور هامة:
حيث العلاقه بين الآباء والأبناء والتي تناولتها السورة من أولها لآخرها، وارتباط يوسف الأبن بيعقوب الأب، والود والحوار وهو مما يزيد العاطفة بين الآباء والأبناء.
أولا : عدم التفرقة بين الأبناء فبالرغم من أن يعقوب هو نفس الأب، لكن عندما رأي إخوه يوسف تدليله وتعلقه الشديد به في بادىء القصة لكونه طفلا صغيرا لم يتفهموا مشاعر أبيهم لصغر سنه، وهو أمر مباح، لكن كان ذلك مدخل الشيطان بالنسبه لهم والدعوة للتخلص منه، ليخلوا لهم وجه أبيهم وينالوا حبه واهتمامه، وهو أمر متعلق بالقلب، لكنه بالنسبة لهم تفرقة معنوية وليست تفرقة مادية، وهذا درسا تربويا، وتأكيدا على أن هناك بعض الحالات الخاصه مباح فيها ذلك مثل صغر السن والمرض.
ثانيا : طاعه الأبناء للآباء وبيان ذلك عندما أمرهم يعقوب بالدخول من أبواب متفرقة، وعدم الدخول من باب واحد فلم يعترضوا أو يجادلوا تاكيدا لمعني ( وبالوالدين احسانا ) الاسراء ٢٣ ، وأيضا توقيرهم لأبوهم ولسن الشيخوخة ( إن له أبا شيخا كبيرا فخذ أحدنا مكانه إنا نراك من المحسنين )٧٨
ثالثا : مشاعر الإبوه متمثله في خوف يعقوب علي أبنائه رغم ما فعلوه لأنهم في الأصل صالحين وأمره لهم بالدخول من أبواب متفرقه وحزنه علي يوسف حتي ابيضت عيناه وإحساس يعقوب بعد ذلك عند قدوم العير بريح يوسف وإحساسه سابقا بما يضمره أخواته له، وذللك يؤكده معني ( ان كيد الشيطان كان ضعيفا )النساء ٧٦
رابعا : النصح والإرشاد للأبناء نصح يعقوب يوسف بعدم قص الرؤية علي إخوته لعلمه بأمرهم وكان لايزال صغيرا، ونصح يعقوب أولاده أيضا بالذهاب والتحسس من يوسف وأخيه ولم شملهم وتاكيدا لمعني (سنشد عضدك باخيك) القصص٣٥
خامسا: التشجيع ورفع الروح المعنويه للأبناء وإعلاء العزيمة والهمة، وذلك عندما أمرهم يعقوب بعدم اليأس (ولا تيأسوا من روح الله )٨٧
سادسا: حنان الأبناء علي الآباء متمثل في يوسف وقوله لإخوته، اذهبوا بقميصي هذا فالقوه علي وجه ابي ،
ورفعه لأبويه علي العرش بعد ذلك. بالرغم من قسوة باقي إخوته علي أبوهم ممثله في قولهم (انك لفي ضلالك القديم)٩٥ وذلك دليل علي أن النفس البشرية تختلف من شخص لآخر من نفس الخلفيه والتربية، وكان ذلك رد فعل لارتباط يعقوب بيوسف أكثر منهم.
سابعا: طلبهم من أبيهم الاستغفار لهم لكونه مستجاب الدعوه واستجابة يعقوب لذلك وغفرانه لأفعالهم السابقه وهي إشاره لعدم استمرار استدعاء الذنوب السابقة في حق الوالدين، وتاكيدا لمعني ( ان الله يغفر الذنوب جميعا) الزمر ٥٣
المحور الحادي عشر: السرقة وإتهامهم بأخد صواع الملك، الأمر الذي استدعى بذاكره يوسف إتهام إخوته له وهو صغير والذي ظل بذاكرته، ومؤثرا عليه حتي كبر.
وهي في نفس الوقت، إشاره وتوضيح لآثر الكلام السيء علي النفس والذي يستمر لفترة من الزمن، تاكيدا لمعني ( وقولوا للناس حسنا) الذي جاء قبل (واقيموا الصلاه) في سوره البقره ٨٣
وأيضا كتم مادار بذاكرته وعدم البوح به لهم للحفاظ علي الود بينهم وعدم تجريحهم (فاسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم )٧٧
المحور الثاني عشر: الاعتراف بالحق
أولا: من قبل أمراة العزيز أنا راودته عن نفسي وأن النفس أماره بالسوء.
ثانيا: من قبل إخوته واعترافهم وذلك في قولهم، لقد ءاثرك الله علينا ثم طلبهم للاستغفار من أبيهم.
ثالثا: عتراف يوسف بالصفح والمغفرة لا تثريب عليكم اليوم يعغر الله لكم وهو أرحم الراحمين.
رابعا: اعتراف يعقوب لأبنائه بحزنه من أفعالهم وإنه علي دراية بذلك (انما اشكوا بثي وحزني الي الله و اعلم من الله ما لا تعلمون )٨٦ وتاكيدا لمعني (وفوق كل ذي علم عليم)٧٦ وذلك إشارة لعدم الزهو والخيلاء بالعلم وأن الله مطلع علي جميع الأفعال وعلم الله يفوق كل علم.
خامسا: الاعتراف بنعم الله والشكر عليها تاكيدا لمعني( لَئِن شكرتم لازيدنكم )ابراهيم ٧
سادسا: اعتراف يوسف بتحقيق رؤياه وبفضل الله عليه بالخروج من السجن وعلو مكانته ولطف ورحمه الله بأهله وأن الله فضله بالملك وتأويل الأحاديث (ربي قد ءاتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث )١٠١
النهايات حيث المبشرات والمكافآت الربانية
أولا: مكافأه يوسف ونجاته وتأكيدا لمعني (ويمكرون ويمكر الله وهو خير الماكرين )الأنفال ٣٠
ثانيا: الدعاء والإلحاح علي الله ( فاطر السموات والارض انت ولي في الدنيا والاخره توفني مسلما والحقني بالصالحين )١٠١وايه ١٠٨
ثالثا: عدم اليأس ونشر التفاؤل والنصر والنجاه والتمكين والفرج وإعطاء كل ذي حق حقه وانتصار الخير علي الشر
تاكيدا لمعني (انا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياه الدنيا )غافر ٥١
رابعا : التأكيد علي معني الإيمان المختلف عن معني الإسلام ( وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين )١٠٣
قصه يوسف هي من أحسن القصص، لأنها قصه منفردة لم تذكر في أي موضع آخر ولم تتكرر في أي سوره أخرى كما أنها ذكرت بالتفصيل.