التاريخ والآثار

المرآة ودورها التاريخي عبر العصور

بقلم الباحث : محمد حمدي محمود 

 

يمر علينا اليوم الثامن من شهر مارس ذلك اليوم الذي يحتفل به العالم باليوم العالمي للمرآة ، وهذا الاحتفال يقام للدلالة علي الاحترام العام ، والتقدير وحب المرآة ، والاعتراف بإنجازاتها في شتي المجالات السياسية ، والاقتصادية ، والاجتماعية .

 

وفي بعض دول العالم مثل الصين ، وروسيا يتم تكريم المرآة في هذا اليوم بالحصول علي أجازه في هذا اليوم ، وقد كان الاحتفال بهذا اليوم جاء علي إثر عقد أول مؤتمر للإتحاد النسائي الديمقراطي العالمي في العاصمة الفرنسية باريس عام 1945م .
وفي هذا المقال سوف نتناول الدور التاريخي ، والأهمية الكبرى للمرآة في المجتمع المصري سواء في مصر القديمة أو في المجتمع الاسلامي .

 

المرآة في مصر القديمة :

 

تكمن الأهمية التاريخية للحضارة المصرية القديمة في منظومة القيم والرسالات الإنسانية التي شملت كل جوانب الحياة ، وكونت بمرور الزمن ، الجذور الحقيقة التي تستمد منها البشرية تراثها الإنساني في إجماله ، ومن أهم هذه القيم الإنسانية الاعتراف بأهمية دور المرأة في المجتمع العالمي بشكل عام ، والمجتمع المصري بشكل حاص .

 

ودليلاً علي هذه القيمة السامية للمرآة باعتبارها الشريك الوحيد للرجل في حياته الدينية والدنيوية طبقاً لنظرية الخلق ونشأة الكون الموجودة في المبادئ الدينية الفرعونية ، كانت المساواة القانونية الكاملة وارتباط الرجل بالمرأة لأول مرة بالرباط المقدس من خلال عقود الزواج الأبدية .

 

وقد وصلت المرآة لدرجة من التقديس في الديانة المصرية القديمة ؛ حيث ظهرت المعبودات من النساء إلى جانب الآلهة الذكور بل أن آلهة الحكمة كانت في صورة امرأة ، والآلهة إيزيس كانت رمزاً للوفاء والإخلاص ، كما كانت الإلهة ” إيزيس ” رمزاً للوفاء والاخلاص ، وإلهه الحكمة هي الإلهة ” ماعت ” ، و” سخمت ” ربه القوة .

 

كما استطاعت المرأة المصرية الدخول في العديد من ميادين العمل المختلفة ؛ حيث تولت عرش مصر فى عهود قديمة , ومنهن الملكة ” حتب ” أم الملك ” خوفو ” ، والملكة ” خنت ” إبنة الملك ” منكاورع ” ، والملكة ” اياح حتب ” ملكة طيبة ، والملكة ” حتشبسوت ” ، والملكة ” تي ” زوجة الملك ” إخناتون ” ، والملكة ” كليوباترا ” التي حكمت مصر في العصر البطلمى .

 

كما عملت المرآة المصرية في القضاء في عصر الأسرة السادسة فعلي سبيل المثال السيدة ” نبت ” أم زوجة الملك ” بيبي الأول ” كما تكرر المنصب في عصر الأسرة السادسة والعشرون ، كما عملت المرآة بالطب أيضاً فمن أشهر الطبيبات في مصر القديمة السيدة ” بثت ” التي كانت كبيرة الطبيبات في عصر الأسرة الرابعة ، كما عملت المرآة بمنصب الكاتبة فمنهن من تولي الإدارة ومنهن من تولي إدارة المخازن ، ومراقبة المخازن الملكية ، وسيدة الأعمال ، ومنهم من تولي منصب الكاهنة كما حدث في عصر الملكة ” حتشبسوت ” .

 

أما التعليم فقد كان من حق المرأة المصرية ابتداء من سن الرابعة وكانت تتلقى العلم من خلال مدارس ذات نظام صارم ، تركز على مبادئ الحساب والرياضيات والهندسة والعلوم بالإضافة لتعليم أصول اللغة الهيروغليفية واللغة الهيراطيقية الدارجة للاستعمال اليومي ، وفى النهاية تمنح الفتاة مثلها فى ذلك مثل الصبى لقب ” كتابة جائزة على المحبرة ” مع السماح لهن بإمكانية التخصص العلمي في أي من فروع المعرفة .

 

وقد ذكرت المرآة في الكثير من أقوال الحكيم المصري فعلي سبيل المثال :

1- إذا أردت الحكمة فأحب شريكة حياتك ” أعتني بها ، ترعي بيتك ”
2- حافظ عليها ما دمت حياً فهي هبه الإله الذي أستجاب لدعائك فأنعم بها عليك وتقديس النعمة إرضاء للإله .
3- حس بألمها قبل أن تتألم إنها أم أولادك إذا أسعدتها فقد أسعدتهم .

 المرآة في المجتمع الإسلامي :

 

دخل الدين الإسلامي لمصر مع الفتح العربي الإسلامي عام 20هـ أي قبل 1410 عام ونظم بشريعته مكانة المرأة المسلمة عموماً ، حيث رد الله للمرأة مكانتها من خلال الدين الجديد وحقق لها ذاتيتها وشخصيتها المستقلة وأعطاها من الحقوق ما لم تحظ بها المرأة في العالم المعاصر إلا في القرن العشرين .

 

وإذا تحدثنا عن حقوق المرآة في الإسلام فسنجدها كثيرة فمن هذه الحقوق علي سبيل المثال وليس الحصر :

1- خاطب الله سبحانه وتعالى المرأة في كتابة الكريم بمثل ما خاطب الرجل وساوى بينهما من حيث القيمة الإنسانية والروحية باعتبار أن الأنوثة والذكورة ليستا في نظر الإسلام فارقاً في تقرير الشخصية الإنسانية ، ونهى عن العديد من العادات والتقاليد المجحفة ضد المرأة .

 

2- كما ساوى الإسلام بينهما في العقيدة حيث لا فرق بينهما في أداء الأعمال الصالحة وكذلك العبادات ، الجزاء واحد عن العمل الصالح وغير الصالح .

 

3- كذلك ساوى الإسلام بين المرأة والرجل في القوانين المدنية والجنائية فكل منهما محفوظ النفس والعرض والمال بالقانون ولا تسلب حرية أي منهما دون أن تثبت عليه جريمة ولديهما الحرية الكاملة في إبداء الرأي .

 

4- واعترف الإسلام بحق المرأة في التعليم فنص على أن طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة سواء أن كانت علوم دينية ودنيوية .

 

5- كما أجاز الدين الإسلامي للمــرأة العمل في القطاعات المختلفة مثل الزراعة والتجارة وغيرها من المجالات ، لتكون أداة فعالة في المجتمع وخاصة في حالة وفاة الزوج أو عدم قدرته على إعالة أسرته ، وخير دليل على ذلك السيدة خديجة زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم والتي تزوجها الرسول وهى تعمل بالتجارة ، كذلك طالب الرسول عند هجرته للمدينة المنورة بالعمل للنساء والرجال على حد سواء مع المطالبة بالتخفيف عن المرأة لطبيعتها الجسمانية ، كما تولت المرأة المسلمة وظيفة الإفتاء والتي تعتبر من أخطر الوظائف التشريعية ، كذلك أفتى ” الإمام أبو حنيفة ” بجواز تولي المرأة للقضاء .

 

6- كما اشتركت المرأة في المعارك العسكرية منذ أيام الرسول صلي الله علية وسلم ، والخلفاء الراشدين وقامت بالإسعافات للجرحى وتجهيز الطعام للجنود والسقاية ، ووصل دورها للاشتراك الفعلي بالمعركة في موقعة اليرموك التي قادها القائد ” خالد بن الوليد ” وفتحت منطقة الشام بعدها .

 

7- كما حدد الإسلام علاقة المرأة بالرجل وخاصة فيما يتعلق بالزواج لما فيه من مودة ورحمة ، فالأسرة هي عماد المجتمع فإن صلحت صلح المجتمع ككل والعكس صحيح ولذلك أمر بالتعليم لكل من الرجل والمرأة لتقوم بدورها في تربية النشء على خير ما يكون .

 

8- كما أمر الإسلام الرجل بحسن معاملة المرأة وعدم الجور عليها .

 

9- وللمرأة كامل الحق في الاختيار في مسألة الزواج ، حيث موافقة المرأة شرط أساسياً من شروط شرعية الزواج .

 

10- كما ضع الإسلام شريعة الطلاق كحل نهائي للخلافات التي قد تنشأ بين الزوجين ويحق للمرأة طلب الطلاق ، وفى حال إتمامه يتكفل الرجل للمرأة بالمعيشة مع أبنائها طوال مدة الحضانة .

اقرا ايضا:-

القوة خلقت للمرأة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا