تقارير وتحقيقات

بين الإقالة والاستقالة الصامتة

 

طالب غلوم طالب 

 كاتب وباحث إماراتي.

دعونا نتحدث بشفافيةٍ دون اختلاق الأسباب وتبريرها  لتوضيح ما هية الفرق بين الإقالة  الصامتة والاستقالة الصامتة  لإلقاء الضوء على أنماطهما ومؤشراتهما وهل هي سلوكيات تُسيء إلى الموظف  ؟… وهل هي مرحلة أم حق من حقوقه الوظيفية؟

فالإقالة الصامتة هي الحالة التي يرغب فيها المدير أو المسؤول المباشر بسلطته الادارية والتنظيمية  في إقالة الموظف يراه تهديدا له أو لا يحبه أو يضمر له عداوة باطنة   ولكن  دون إظهار ذلك علناً فيبدأ في اتخاذ مجموعة من الإجراءات لدفع  هذا الموظف إلى الاستقالة  طوعًا من تلقاء نفسه فيخلق له ودون سواه  بيئة عمل عدائية عن عمد بحيث تدفعه وتدفع غيره من  الموظفين إلى ترك العمل طواعية ….!!

فالسلوكياتُ العدائية التي تتم ضد الموظف وتخلق بيئة عمل عدائية تُؤثر سلباً عليه نفسياً وتشمل هذه الأفعال جميع أنواع الاعتداءات والتهديدات والإكراه والتخويف والتهميش باعتبارها وسائل استبعاد  ممنهجة ومخطط لها منه كمدير وبطانته المخلصة له و لكنها غير أخلاقية

وتشمل أيضاً الهجوم على الشخصية أو الهجوم على الكفاءة وتشويه السمعة والإزعاج  والسخرية وكلها تُسبب محنة نفسية  كبيرة   للموظف

مؤشرات الإقالة الصامتة

ولعل من أبرز مؤشرات الإقالة الصامتة التي يمكن أن يتعرض لها الموظف : تغيير وصفه الوظيفي أو منحه مهام وظيفية لا يرغب في إتمامها أو غير متوافقة مع مهامه في   الوصف الوظيفي ، بالإضافة إلى منع الموظف من الترقيات التي يستحقها ، ومنع المكافآت المادية التي تمنح له نظير كفاءته ، و إرباك الموظف بمهام ومسئوليات غير منطقية أو بأعمال إضافية فوق طاقته ، عدم تقييم الموظف بإنصاف أو توبيخه وتقديم ملاحظات قاسية له ، أو السخرية من المقترحات التي يمكن أن يقدمها  وبالمختصر البسيط: إدارة الصراع معه بشتى الوسائل لجعله يُقدم استقالته..!!

الآثار النفسية للإقالة الصامتة :

حين يعمل المدير أو المسؤول المباشر  على إحباط الموظف ويشعره بعدم الكفاءة أو عدم التقدير فتلك التصرفات تجبره على ترك بيئة العمل طواعية نتيجة إيجاد  بيئة عمل سامة تنطوي على جو سلبي وممارسات تُؤثر سلباً في الأداء الوظيفي للموظفين وتعمل على كبح الابتكار والإبداع وتعمل على خلق سلوكيات مناوئة للعمل موهنة ومُعطلة  للمنظمة  والتي تجعل الموظف ينتهك المعايير التنظيمية ومن ثم انحراف الإنتاج وهو الفشل المتعمد في أداء مهام العمل ، كما تؤدي هذه السلوكيات العدائية إلى انتهاج سلوك (الانسحاب) ويتمثل في  تلك الأفعال التي تهدف إلى خلق مسافة نفسية بين الموظفين وبيئة العمل السامة ووفقاً لهذا المفهوم يظهر الموظفون سلوكيات الانسحاب كوسيلة لتفادي بيئة العمل الضارة ما يؤدي إلى عزل الموظف لنفسه عن الوضع الراهن بالمنظمة  ما يجعل الموظف يتظاهر بالانشغال والتلكؤ والتأخير عن أداء المهام الوظيفية والغياب والاستراحة الطويلة والاستقالة .

فينبغي على القيادات العليا بالمنظمة وغيرها  أن تنتبه إلى مثل هذه السلوكيات العدائية  من المديرين والمسؤولين  ومحاولة الحد من خلق بيئات عمل سامة تتسم بالعدائية وتوجيه المديرين والمسؤولين  الإداريين إلى دعم الابتكار والإبداع الوظيفي بما يؤدي إلى رفع جاهزية الابتكار لدى الموظفين بالمنظمة .

و على الموظف حين يستشعر التقليل من كفاءته وإبداعاته ومحاولة فرض الإقالة الصامتة عليه  أن يلتزم المعايير واللوائح القانونية للمنظمة  مع الالتزام بقواعد أخلاقيات السلوك المهني ويطلب المساعدة القانونية  ورفع تقارير مدعمة بالأدلة والقرائن الى اللجان المختصة مثل : لجنة التظلمات والشكاوى وغيرها .

الاستقالة الصامتة أو الانفصال العاطفي الصامت

فالاستقالة الصامتة هي شكلٌ من أشكال التعبير عن عدم الرضا وفك الارتباط في المنظمة  وكبح جماح المجهود بمعنى أن يتعامل الموظف بما يلقى عليه من مسئوليات فقط ولا ينظر للنتائج المترتبة على مجهوده لإتمام هذه المسئوليات ، فهي لا تعني ترك الموظف لعمله بل القيام بالمهام بالحد الأدنى ووضع حدود واضحة للأداء وقد يسببها المديرون بسبب قلة فعاليتهم

وقد تكون أسبابها عدم اهتمام المديرين بتقدير موظفيهم وعدم تأسيس سبل اتصال قوية بين الموظفين ورسالة وأهداف المنظمة  عدم تلبية معظم احتياجاتهم والتي تؤدي إلى انفصال الموظف عن المنظمة  بصورة تلقائية …

أما أنماط الاستقالة الصامتة فهي أن يكون أداء الموظف الوظيفي مقبولاً وليس ضعيفاً ولا جيداً فلا يعمل أكثر مما هو مطلوب منه  وبدون أي جهد إضافي مع عدم الإيمان بثقافة المنظمة مع كثرة التغيُّب عن العمل مع عدم الرغبة بالمشاركة بأنشطة المنظمة…

فينبغي على القيادات العليا صقل مهارات المديرين للتصدي لتحديات بيئة العمل وإيجاد سبل اتصال قوية بين الموظفين والمديرين ودعم أساليب التعاون الجماعي وإظهار النتائج الإيجابية لأداء الموظفين على المنظمة لتجنيبهم الشعور بالانفصال  وجدانيًا وشعوريًا عن المنظمة…!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا