مقالات

قابيل مرةً أخرى

 

 

✍ أسماء أشرف

 

جميعنا يعرف قصة قتل قابيل لأخيه هابيل وعلى قدر علمنا ودرايتنا بها إلا إنها أصبحت تتكرر ألاف المرات في زمننا هذا؛ فجميعنا يرى ما يحدث في شوارعنا العربية بوجه الخصوص من إنتهاك و استنزاف للأرواح..الأرواح والأنفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق أصبحت اليوم تنتهك وتغتال بدون أي وجه حق.

 

فى يومنا هذا أصبحت إراقة الدماء شيء مألوف ومعتاد عليه، أصبحت الأرواح وإزهاقها لا يشكل فارقًا كبيرًا لدى الجاني.

قابيل مرةً أخرى

حقيقةً لا أعلم لأي مدى من القسوة وصلنا.. لأي مدى من البشاعة وعدم الإنسانية آل بنا الحال ولكن ما أعلمه جيدًا وأنا على يقين تام به أننا في أسوأ حال.. أن مجتمعاتنا ليست بخير فقط بل تلاشى منها كل الخير.

 

 

نظرة الأديان للقتل

جميع الأديان تنهى عن القتل وتنفره فالنص جاء صريحًا فى الإنجيل يقول “لقد سمعتم أنه قيل للقدماء لا تقتل ومن قتل يكون مستوجب الحكم 1” متى 5-21 .

 

وكذلك الآية 151 فى سورة الأنعام تقول “قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئًا وبالوالدين إحسانًا ولا تقتلوا أولادكم من إملقٍ نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون”

وغيرهم كثير من الآيات والنصوص التي تبين لنا إنه لا يوجد دين يقبل بالقتل وأن القتل من أكبر الكبائر التي نهانا الله عنها وإنه لا يوجد دين واحد يقول اقتلوا وعادوا أخوانكم بغير وجه حق..لا توجد آية واحدة من القرآن ولا نص واحد من الأنجيل يقول اقتلوا بغير وجه حق فجميع الأديان تنهى عن القتل..

قابيل مرةً أخرى

جميع الأديان تدعو للسلام.فلأي دين ينتمي القاتل؟!

حقيقةً أنا أرى أن القاتل لا دين له فلو كان يؤمن لما اعتدى.

 

 

أسباب القتل فى وطننا العربي

مؤخرًا شاع القتل في وطننا مصر وبلادنا العربية بوجه الخصوص؛ فوفقًا لمؤشر Numbeo احتلت سوريا أعلى القائمة من حيث معدل الجريمة في عام 2022 بنسبة تصل إلى 67.4% تلتها ليبيا بمعدل 60.5% واحتلت مصر المرتبة الخامسة بنسبة 46.61% بعد كلاً من سوريا وليبيا والجزائر والمغرب، وبهذا نرى ما آلت إليه أمورنا في وطننا العربى من قتل وتخريب فوجب علينا أن نتبين أسباب القتل هذا وما الذي يدفع الفرد إلى إراقة الدماء ومخالفة دينه وقتل إنسانيته.حقيقةً أنا أرى أنه باختلاف الديانات والعقائد وتعدد الشرائع لا يوجد ما يدفعنا لقتل بعضنا بعضًا فجميعنا في النهاية مجتمعون تحت سقف الإنسانية، تحركنا فطرتنا السليمة التي فطرنا الله عليها.

فلما القتل والتخريب، لما وكل الديانات تنهانا عنه ، بعد بحث مضني توصلت لعدة أسباب واهية من وجهة نظري فأنا أرى أنها لا تغني ولا تسمن من جوع فهي مجرد حجج ضعيفة توضع عندما يضيق الخناق حول الجاني فمنهم من يدعي أنه فاقد للأهلية مختل عقليًا وكأنه بهذا يهرب من العقوبة الواقعة عليه وهو لا يعلم أنه يحتال على من لا يُحتال عليه فمهما هرب من العقاب الدنيوي فعقاب الله باقي لا مفر منه.

وتصنف جرائم القتل العمد تحت عدةً أسباب منها القتل بسبب الخلافات الزوجية والعائلية وأخرى بسبب المشاجرات والمشادات الكلامية والخلافات المالية والعديد من الجرائم تصنف وفقًا لما يسمى بجرائم الشرف التي تُرتكب بدافع إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الشرف والسمعة، وفي أغلب الأحيان تكون الشائعات التي ليس لها أي أساس من الصحة هي المحرض الأول والأخير لارتكاب مثل هذه الجرائم؛ فوفقًا لإحصائية صادرة عن المركز القومي للبحوث الإجتماعية والجنائية تبين أن 60% من جرائم الشرف السبب وراءها هو سوء الظن بالضحية.

فلأي مدى سنترك أنفسنا لسوء الظن يحركها؟!

 

 

حلول لردع القتل

أنا أرى أن الشر متأصل كما الخير أيضًا وأن القتل هو ليس إلا صورة من صور الشر المتعددة التي مهما حاولنا القضاء عليها وردعها فهي لن تندثر، فلو نظرنا لكل السابقين سنرى إنه وعلى مر العصور ينتصر الخير ولكن في المقابل يبقى الشر أيضًا.

 

وإن أنا قلت إنه تم التوصل لحل نهائي وسحري لاقتلاع الشر من جذوره فأنا كاذبة واهمة، ولكن قد تكون هناك بعض الحلول للتقليل من تأثيره على المجتمعات ومن هذه الحلول وأولها هي توقيع أقصى العقوبات من قِبل القانون على القاتل حتى يكون عبرة لكل من تسول له نفسه على إستباحة أرواح غيره من البشر، ومن أهم المقترحات أيضًا هي التوعية بأمور الدين؛ فلو نظر كل إنسان منا نظرة ولو واحدة لما يحتويه دينه وما تنص عليه تعاليمه لما آل بنا الحال لكل هذا الخراب والعنف ؛لأن جميع الأديان تدعو للسلام، ومن الحلول أيضًا شن الحملات والبرامج التوعوية بشأن الإصلاح الاجتماعي وكيفية العيش بسلام وتقبل الأخر وتطبيقها على أرض الواقع، ونشر أيضًا عدة معلومات حول الأمراض النفسية التي تكون خطرًا على من يعانيها ويصبح هو نفسه خطرًا على من حوله وأخيرًا وليس أخرًا إقامة وحدات للتأهيل والإرشاد النفسي في كل بلدة وكل قرية وإن صح القول دون مبالغة لقلت وفي كل شبر من أرض الوطن؛ فأولى الخطوات لردع القاتل عما ينوي فعله هي علاجه وتأهيله نفسيًا.

 

كل الحلول والمقترحات التي تم طرحها يمكن تطبيقها على أرض الواقع للحد من القتل ووقف القتلة عند حدودهم التي نسوها؛ فأنا أرى دائمًا أن القتل ليس إنهاء لحياة شخص فقط بل يتخطى حدود ذلك بكثير..يتخطاها لدرجة إنه يدفع مجتمع بأكمله إلى الهاوية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا