واحة الغروب الساحرة
✍ ولاء علام
دائمًا ما نتعرض في حياتنا العملية للضغط الذي يجب علينا التأقلم معه حتى نستطيع أن نكمل حياتنا ،و لأن صحتي النفسية في المقام الأول، و لأني لا أستطيع التأقلم على الضغط لفترات طويلة ، و لأن السفر هو أهم مسببات السعادة و أهم عوامل الاسترخاء بالنسبة لي ، و لأن خياراتنا في الشتاء قد تبدو للبعض محدودة ، و هذا أمر غير حقيقي بالمرة ،كانت وجهتي هذه المرة إلى الساحرة سيوة و سوف اصطحبكم معي خلال بضعة أسطر في رحلة قصيرة ،حيث الينابيع والعيون ، والنخيل ،و بحر الرمال الأعظم .
واحة سيوة تبدو من أهم معالم جذب السياح في فصل الشتاء ،تتمتع ببيئة مختلفة ، و طراز فريد يبدو جليًا من اللحظات الأولى التي تطأ أقدامك فيها أرض سيوة ، هنا كل شيء يبدو فطري للغاية ،لا تصنع و لا مزيد من الرفاهية المزيفة ،تضم الكثير من المعالم الإسلامية و الفرعونية و الرومانية ،و يتمسك أهلها بالتقاليد التراثية.
واحة سيوة تعد تابعة لمحافظة مطروح إداريًا، وتقع في الجنوب الغربي لمدينة مرسى مطروح بما يقارب الثلاثمائة و عشرون كيلومتر، و قد راقت لي كمدينة تقدم الهدوء و السكينة ، و الاستجمام على بحيرة فطناس التي ترى فيها أفضل غروب يمكنك رؤيته على الإطلاق و لذلك تسمى واحة الغروب، و يمكنك الإستمتاع بأشجار النخيل والزيتون المترامية، و هناك العديد من الأنشطة المختلفة التي يمكنك القيام بها في سيوة ، و لعل أهمها السفاري و أود أن أنوه أن السفارى في بحر الرمال الأعظم تأسر الأنفاس ،كما أنها خيار رائع لمحبي التخييم .
لأول وهلة قد يصدمك الطابع البيئي للمدينة من حيث الشكل و المكونات الداخلية ،فإن كنت عزيزي القارئ من محبي المنتجعات السياحية التي تقدم مزيدًا من الرفاهية في شرم الشيخ و الغردقة كمثال، فحتمًا سيوة ليست خيارك ، و لكن إن كنت تبحث عن طبيعة بكر، بعيدة كل البعد عن المدينة وصخب المدينة فإن سيوة خيار يعد ممتازًا.
العمارة في سيوة تشكل جانب فني رائع ، و تعطى لسيوة طابعها المميز، فقد اعتاد الأهالى على بناء منازلهم مستخدمين مادة الكرشيف وهو ما يعطي سيوة هويتها البصرية ، و تتميز سيوة بطراز يشابه الإنبهار للفراعنة القدماء ، و لكنه طراز أختلف للتأقلم في صحرائنا الغربية ، وقد حرص السيويين على استخدام الخامات المحلية، كاستخدامهم الطين والصخور الجبلية أولاً في بناء أشهر معابد سيوة ،و هو معبد آمون ، وقاعة تتويج الإسكندر ،ثم تلى ذلك الكرشيف و هو مزيج من الملح و الطين يتم جلبهم من بحيرات الملح .
أهل سيوة يتكلموا بينهم و بين نفسهم بلغة خاصة بهم هي اللغة السيوية تاسيويت و هي مشتقة عن الأمازيغية و هم أمازيغ مصر ،ثقافة جديدة لمحبي الثقافات و اللغات المختلفة ، و كانت اللغة العربية لهم إضافة للغة الأمازيغية ، وهي لغة أفرو آسيوية و تعد اللغة الرئيسية لشمال أفريقيا ، لغة كانت صعبة بالنسبة إلى أن تفهمها أو أن تعيها ، و لذلك حمدًا لله أنهم كانوا يتحدثون بلغتنا العربية و إلا ما استطعت التفهم .
أجمل ما رأيت في سيوة :
جزيرة فطناس :
من أجمل الأماكن التي يزينها غروب الشمس ،في لوحة رائعة تسدل الشمس أستارها و تلملم أذيالها هناك في مرمى البصر تعانق مياه البحيرة لترى أجمل غروب يمكنك رؤيته .
معبد آمون :
المعبد في حد ذاته يشابه في الطراز، الطراز الأشمل للمدينة ، و لكن ما خطف قلبي هنا من أعلى المعبد يمكنك رؤية المدينة في لوحة فريدة تزينها المئات وربما الآلاف من أشجار النخيل .
جزيرة طغاغين :
إنها الجزيرة الساحرة للاستجمام و الاسترخاء و الهدوء و تقع في قلب بحيرة سيوة، و إن أجمل ما يميزها هو إنطباع السماء على صفحة الماء ،في شكل مبدع .
بحيرات الملح:
من أهم ما يميز سيوة يوجد بها عدد أربع بحيرات ماء، و أهم ما يميزها كونها رائعة بالنسبة لمن لا يستطيعون السباحة ، كثافة الملح تصبح عائقا يحول عن الغرق ،بالإضافة لذلك فلون مياه البحيرات رائع حقًا ، و الملح يطرد الطاقة السلبية ،المكان حقًا جميل .
بحر الرمال الأعظم :
لي أكثر من تجربة سفاري في صحراء شبه جزيرة سيناء ،و لكن السفاري في سيوة تأسر الأنفاس، و الإثارة ترفع الأدرينالين ، تجربة رائعة بالإضافة لمنظر الرمال الشاسعة ، و تجربة التزحلق على الرمال ، نظرًا للبعد عن المدينة ،فإن رؤية النجوم في سيوة تجربة فريدة .
أنا من محبي الطبيعة في سيوة، ومن محبي الهدوء و الاستجمام فيها ، فهي مكان يستحق أن تراه في العمر حتى لو مرة ، مصر رائعة حقًا ، جميلة من أقصى الجنوب إلى أقصى الشرق إلى أقصى الغرب ،أتمنى أن تكون سيوة ضمن وجهات الأماكن التي ترغبون بزيارتها.