رؤية وابداع

ليتني صغيرة

أميرة ياسر

فتاةُ العشرين عاماً التي دائماً ما كانت تتمنى ذلك منذ طفولتها، وهي أن تصبح في هذا العمر ظناً منها أنها سوف تحقق كل ما كانت تحلم به، وهو الخروج من المنزل بمفردها دون أن يمسك أحدٌ بيدها خوفاً عليها، والاعتماد على ذاتها في شراء كل ما تحبه وتحتاج إليه، والذهاب إلى الجامعة برفقة صديقاتها المقربات، وكيف ستصبح عندما تكبر، وكيف سيكون شكلها وهي في عمر الشباب، أو كما يقولون “زهرة شبابها”.

دائماً ما كانت تراودنا أحلامٌ كتلك، بل كانت هي أقصى ما نحلم به، ولكن كيف آلَ الأمرُ بنا إلى ذلك الحال؟!

كبرنا ولكن ليس كما كنا نحلم، كبرنا وعلمنا أنَّ لدينا مسؤولياتٍ كبيرةً يجب علينا أن نتحمَّلَها، كبرنا وعلمنا أنَّ اللهوَ واللعبَ لم يعد مناسباً لنا الآن، كبرنا وليس معنا رفقاء طفولتنا التي حلمنا أن نقضيَ بقيةَ عمرنا بصُحبتِهم، أصبح كلُّ هذا مُجرَّدَ ذكرى نتذكَّرُ بها بعضنا البعض، فكلٌّ منا أصبح له دَورُه الخاصُّ في مجتمعه وحياته، كبرنا وعلمنا أنَّ الجامعةَ ليست بالأمر الهَيِّن، وأنَّ هناك مستقبلاً محتوماً ينتظرنا بعدها، أصبحنا نمر بالشوارع التي لطالما كنا نلعب فيها منذ نعومة أظافرنا.

الآن أصبحنا نمر بها ونتذكر فقط تلكَ الأيامَ والحنين بداخلنا للحظة واحدة من هذه الأيام، ونتذكر أنَّ أصدقاءَنا في تلك الفترة ومع مرورِ الزمانِ سار كلُّ واحدٍ منهم في اتجاهٍ يختلف عن اتجاهِ الآخر، ومرَّ علينا الزمانُ. كلُّ فترةٍ ولها أُناسها الذين يتعاملون معك، ولكن يظلُّ أصدقاءُ الطفولةِ هم الأساسُ.

الآن نقول: ليت الزمانَ يعود بنا إلى أيام الطفولةِ؛ لِلَّعب في الحدائق والشوارع، وللذهاب باكراً إلى المدرسة مع سماع جرس الطابور والنشيد الوطني، مع المرح والمقالب والجري واللعب تحت الأمطار، مع الجلوس أمام الشموع أثناء انقطاع الكهرباء، ونعود مُلتفِّين حولَ آبائِنا وأمهاتنا نستمعُ للقصص والمواقف التي يَقصُّونها علينا، ونضحك ونقوم باللعب معهم.

كلُّ هذه المشاعرِ الدافئةِ تَكمُنُ داخلَ كلِّ إنسانٍ منا.

ليت الزمنَ يعود بنا إلى الصغر ويتوقفُ حقّاً!، ولكن كيف …؟!، فقد بات كلُّ شيءٍ مُجرَّدَ ذكرى، كما أنَّ سِنَّ العشرين لن يدومَ فسيأتي يومٌ نقول فيه: ليتنا نعود” لزهرة شبابنا “.

وهكذا الحالُ يمرُّ بنا … كلما واجهَتْنا مواقفُ ومسؤولياتٌ ظناً منا أنها فوق طاقتنا زادنا الحنينُ إلى الأيام الخوالي، والدفء الذي كان بداخلنا، سواء أكان هذا في أيام الطفولةِ أم في زهرة الشباب.

الفترةُ الوحيدةُ التي تمنَّى فيها الإنسانُ لو يَكبُرُ هي فترةُ الصغرِ، لكن بعد ذلك يتمنى الإنسانُ لو لحظةً تعودُ من أيام الطفولةِ .

المراجعة والتدقيق اللغوي

أ. بدر الحسن

إقرأ أيضاً:

نهاية المطاف

سجين

صديقي البعيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا