جلب الحبيب بين الحقيقة والخيال
كتبت – مايا أحمد زكي:
لقد تردد على مسامعنا مرارًا وتكرارًا جملة “جلب الحبيب”، وظهر أشخاص يمتهنون جلب الحبيب لمن يريد، وتقاضوا على إثر ذلك أموال طائلة من كل شاب وفتاة أرادوا أن يحصلوا على قلوب أحبتهم عنوة، لهث كل المشتاقين للذة الحب خلف تلك الخرافات التي تدعي أنها تقرب لك البعيد.
حقيقة الأمر
ولكن حقيقة الأمر أكبر وأعمق من ذلك بكثير، الأمر أنقى من أن ترتشف فنجان قهوة ، وتأتي بالعرافين والعرافات لكي يقرؤه لك ويخبروك بالغيب عن حبيبك البعيد، الأمر أصفى من أن يقرأ لك أحدهم كفك ويقلّبه ذات اليمين وذات اليسار ليوهمك أن في كفيّك مسار حبك ومشاعرك، الأمر أجلّ من الخرافات ومن وصفات الدجل ومن آراء المشعوذين.
شحذ المشاعر
الحب لا يُجلب عنوة، ولا تستطيع أن تأسر قلب أحدهم رغمًا عنه، إذا المرء أحكم قبضته على كنوز مشاعره فلا يجدي أبدًا شحذ تلك المشاعر، إن جلب لك السحر الأسود الحبيب الذي تريده فهل وقتها ستعيش نعيم الحب الحقيقي؟ هل ستشعر أن حبيبك بالفعل يحبك؟ كلا، فإن حبيبك الآن تحت تأثير سحر كاذب، ليس تحت تأثير سحرك الحقيقي الصافي.
السحر الحلال
للإنسان سحر حلال يستطيع من خلاله جذب الأشياء التي يحبها، الإنسان الذي يعيش حقيقته دون تزييف، والذي يعرف عيوبه ويعمل على إصلاحها، وينشر الحب والخير أينما حل، والذي لا يحمل قلبه أي حقد، والذي يرضى بما هو عليه الآن ويسعى للأفضل بالطرق الشرعية، الذي لا يسلك طرقًا ملتوية لتحقيق ما يريد، بل يرفع كفيه داعيًا الله به، هذا الذي يأتي إليه ما يريد بسهولة ويسر.
طائلة العالم السفلي
لست بحاجة إلى أن تقع تحت طائلة العالم السفلي لكي تجلب حبيبك، فأنت تسطيع جلبه بل وجلب حبيبًا أفضل منه إذا وجهت تركيزك لبناء نفسك وشخصيتك بشكل سليم، حين يرتفع استحقاقك وحين تحب ذاتك، وتتخلص من صدماتك السابقة وتفرغ كل طاقاتك السلبية، وحين تصدق أنك تستحق الحب بصورته النقية السليمة، سيأتي الحب الحقيقي متجسدًا في أبهى صورة.
قصور وعقبات
من يريد جلب الحبيب بطرق غير شرعية مازال إلى الآن يشعر بالنقص ويشعر انه ليس كافيًا لأن يجذب في حياته حبًا حقيقيًا نقيًا بأيسر وأسهل الطرق وبشكل لا يتنافى مع الدين، مازال لم يتصل بالله حق الإتصال، مازال هناك قصور في إيمانه الكامل باستجابة الدعاء، مازال لديه عقبات في طريق تسليم أمره للخالق، ومازال يعاني من التعلق الشديد بأمور قد تضره أكثر مما تقدم له الراحة والنفع.
طريق الوعي
الحبيب الصادق والحب الحقيقي والزواج الناجح لا يأتي بالتحايل أو التلاعب، لا يأتي وأنت مازلت لم تعي وجهة طريق الوعي والتأمل والتخيل والتشافي، فأعظم ما يحصل عليه المرء يأتي حين يتعافى وحين يتخلص من أفكاره البالية، حين يعرف ما يحتاجه حقًا وما يريده، ليس ما يمليه عليه الآخرون.
وفي النهاية
فأنت لست بحاجة إلى ساحر يجلب لك الحبيب، كن أنت الساحر الذي يسحر ما حوله بجماله الداخلي، وكن أنت الحبيب لذاتك، كن أنت الشخص الذي تريد أن تجذبه إليك، لا تبحث عما هو خارجك وتلهث خلف سراب، أبحث داخلك لكي تكتشف انك تحوي كل النسخ التي تريد جذبها، فقط اترك لنفسك حرية التعبير عن ذاتها ليتجلى ماهو بداخلك في واقعك الخارجي.
مراجعة حنان مرسي
إقرأ أيضا:
