مقالات

عبادة جبر الخواطر

✍ نور عبد المنعم الحوفي

 

تتعدد العبادات وكُل من يحاول جاهدًا التقرب من الله عز وجل يكون له نصيب بين الصالحين، فمنا من يصلي ويصوم ويُذكي وغيرها حتىٰ يتقرب من الله ولكن بالإضافة إلى هذه العبادات توجد عبادة جبر الخواطر التي نفعلها دائمًا و تقربنا إلى الله عز وجل و جبر الخواطر هي من أسمىٰ العبادات وأصدقها؛ لأنك لم تجد جابرًا للخواطر في قلبه بغضاء أو سوء للناس.

عبادة جبر الخواطر
عبادة جبر الخواطر

 

هناك مقولة تتردد على حد قول جبر الخواطر وهي” من سار بين الناس جابرًا للخواطر، أدركه الله في جوف المخاطر” فكلما ضاقت بك الدُنيا ساعد إنسانًا لا تعرفهُ، وهذا يدل على عظمة هذه العبادة فجبر الخواطر لم يكن بالمال فحسب فمن الممكن بالإبتسامة، بالكلمة الطيبة، بالمسح على رأس يتيم، بإماطة الأذىٰ عن الطريق، أو إنك لا ترد سائل أتاكَ حتى لو جاء على ظهر فرس، فربما يكن دعائه لك في ذلك الوقت ينجيك من شئ ما لا تعرفه.

عندما يحدث لأي شخص كسر في جسمهُ فإننا نعلم بأن ما يتم من ربطًا للكسر يسمىٰ “جبيرة” وهي مأخوذة من التجبير أو الجبر وهنا حتىٰ يتم تلميم الكسر وإرجاعه إلى حالته الصحية السليمة، فجبر الخواطر هكذا أنت تفعل بعض الأشياء البسيطة حتى تجبر كسور حطمت أصحابها حتى تعود إلى طبيعتها البشرية ولم تكن الطبيعية البشرية دومًا رخاء، ولكن على الأقل يجد المرء نفسه بعيدًا عن آلام كسر الخواطر ولو لمرة واحدة في عمرِهِ.

عبادة جبر الخواطر
عبادة جبر الخواطر

 

جبر الخواطر دائمًا نقول بأنه علل الله عز وجل وهذا نسبةً إلى إسمه”الجبَّار” فالجبَّار بمعناه الرائع هو الذي يُطمئن القلب ويريح النفس الذي يجبر الفقر بالغنىٰ والمرض بالصحة والخيبة والفشل بالتوفيق والأمل فهو جبّار مُتصف بكثرة جبرهُ لحوائج الناس.

 

والجبر دومًا من الدعاء الملازم للنبي صل الله عليه وسلم حيث رُوي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صل الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين” اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وارزقني”سنن الترمذي.

 

عبادة جبر الخواطر ربما تفعلها وأنتَ لا تقصد لو كان قلبك متعلقًا بها، تفعلها عندما تبغض التنمر وتكره فعله، ربما تفعلها عندما تعمل على جعل شخص يحب نفسه بدلًا من كرهها وعدم الثقة بها، أن تجعل شخص يثق في نفسه ويرىٰ نفسه بأنه كباقي المجتمع الذي يعيش فيه، ربما تفعلها عندما تجد أم تسير بأطفالها في حالة من الحزن بسبب بكاء أحد منهم وتحاول جاهدًا تخفيف ذلك عنها حتى لو بالإبتسامة لها فربما في ذلك الوقت تخرج من دائرة الحزن وتفكر من الذي يبتسم لي وهو لا يعرفني، فإذا كنت تدرك أن جبر الخواطر هو مجرد أموال لا بل إنه مجرد أفعال بسيطة تحاول بها أن تجبر جروح تركتها الأيام في نفوس الجميع.

 

ربما أنتَ عزيزي القارئ تكن بحاجة إلى من يجبر بخاطرك ليس بالمال وربما ببعض الكلمات التي تكون بمثابة يد حنونة على أخطائك التي تجد من الجميع جلد لها في كل الأوقات، ربما فخر بما تفعله في يومك من أنجاز، ربما تريد أن تشعر بأن هناك من يحبك رغم عيوبك وحتى على سبيل جبر الخواطر، ربما تكن بحاجة إلى من يجعلك تشعر بأنك مازلت على قيد الحياة من الأساس.

 

فدائمًا وأبدًا أجعل من جبر الخواطر عبادة دائمة لك ربما تنجيك يومًا من عذاب النار، ربما تفتح لك بابًا من الخير لم تتوقعهُ، ربما تنجيك من خطر كان يلاحقك دومًا، فليست كل الكنوز هى الماديات ولكن هناك كنز لابد من أن تجعله بين يديك دائمًا وهو جبر الخواطر .

اقرا ايضا:-

الإخلاص وروح العبادة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا