التاريخ والآثار

الماعت (العدالة الكونية ):-

تظهر أولا مشكلة الترجمة في الماعت حيث انها كلمة مصرية اذا هي قابله للترجمة ولكن ماعت هي ايضا الهه هامه من مجمع الآلهة المصرية وهي ايضا تصور للفلسفه اي الرؤيه المصرية للجوانب الاجتماعية والفكرية والكونية وبهذا تكون الماعت غير قابله للترجمة الا انه في بعض الاحيان يشار اليه ببعض الكلمات مثل حقيقة وعدالة و نظام ولكن التعبير الصادق لهذا المفهوم يجب ان يكون اكثر اتساعاً لما تعنيه الكلمة.

 

وطبقا لتعريف زجفريد مورنز فان الماعت كانت الوضع الحق في الطبيعة وفي المجتمع كما ظهرت في عملية الخلق والتي ينحدر منها مفاهيم اكثر تخصصاً مثل القانون والنظام والعدالة والحقيقة.

 

والماعت هي ايضا الهه عند المصري القديم حيث كانت تمثل علي هيئة سيدة تعلو راسها ريشه النعام رمز العداله وممسكه بمفتاح الحياه (عنخ) في احد يديها وتمسك باليد الاخري صولجان الحكم ويرمز لالهه الحق والعدالة احيانا بالريشه.

 

دور الماعت في الحساب في العالم الاخر:-

 

كانت الماعت تمثل لدى قدماء المصريين العدل والحق والنظام الكوني بهذا تكون ريشتها في محكمة الآخرة ذات مركزا مميزا، حيث يقاس بالنسبة لريشة الحق الماعت وزن قلب الميت لمعرفة ما فعله الميت في دنياه من حياة صالحة سوية مستقيمة تتفق مع «الماعت» أم كان جبارا عصيا لا يؤتمن إليه كذابا.

 

وهذا يشير بشكل كبير الي ما سيحدث في محاكمه الاله الخالق سبحانه وتعالي حيث يتم محاسبه الانسان علي اعماله بميزان الحسنات والسيئات كما قال الله في كتابه العزيز “فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية واما من خفت موازينه فامه واهية وماادراك ماهيه نار حامية ” مما يدل علي اتساع أفق وتصورات المصرية القديم عن محاكمته في الحياة الاخري .

 

ويذكر في كتاب الموتى عند قدماء المصريين بأنه عند حساب المتوفي في العالم الآخر كان قلب الميت يوضع على الميزان في كفة وريشة الإلهة ماعت في الكفة الاخري. فاذا رجحت كفة الريشة فإنه يدخل الفردوس في معتقداتهم، وأما إذا رجحت كفة القلب فإنه يذهب إلى الفناء والذي كانت المعتقدات المصرية القديمة تمثله على هيئة وحش مفترس تخيلي اسمه عمعموت ، رأسه رأس التمساح وجسمه جسم الأسد والجزء الخلفي له من جسم فرس النهر.

 

وكانت هيئة المحكمة في العالم الآخري تتكون من 42 قاضي بعدد أقاليم مصر، ويرأسهم أوزير.

 

عملية وزن قلب في الميزان والمقارنة بريشة ماعت (الحقيقة والعدل) ويقوم بها الإله أنوبيس .

 

ويقوم الإله تحوت بتسجيل نتيجة الميزان فإذا كان قلب الميت أخف من الريشة سمح له الحياة في الآخرة. وإذا كان قلب الميت أثقل من «ريشة الحقيقة» (ماعت) فمعنى ذلك أن الميت كان جبارا عصيا وكاذبا في حياته في الدنيا يفعل المنكرات، عندئذ يلقى بقلبه ويلتهمه الوحش الخرافي العمعم المنتظر بجانب الميزان، وتكون هذه هي نهايته الأبدية.

 

وتصور قدماء المصريين عن يوم الحساب أن يصاحب أنوبيس الميت إلى قاعة المحكمة، ويبدأ القضاة في استجواب الميت عن أفعاله في الدنيا، وهل كان متبعا ال ماعت أم كان من المذنبين ويبدأ الميت في الدفاع عن نفسه ويقول: لم أقتل أحدا، ولم أفضح أنسانا، ولم أشكو عاملا لدي رئيس عمله، ولم أسرق. وقد كنت أطعم الفقير، وأعطي ملبس للعريان، وكنت أساعد اليتامى والأرامل، وكنت أعطي العطشان ماءً. ثم يبدأ القضاة في سؤاله عن معرفته بالآلهة، فكان عليه أن يذكر الآلهة بأسمائها وحذار أن ينسى واحدا منهم. وكان كتاب الموتى الذي يوضع معه في القبر يساعده على (التذكر) وحفظ أسماءالآلهة المهمين أثناء تواجده في القبر.

 

ثم يأتي وقت البعث ويذهب أنوبيس بالميت إلى عملية وزن القلب أمام ريشة ماعت للفصل في الأمر. فإذا نجح في ذلك يسموه «صادق القول» بمعني المغفور له. ويعيدوا تركيب قلبه في جسمه (المحنط) ويعطوه ملابسا بيضاء زاهرة ويدخل جنة، يلتحق فيها بزوجته ويساعدهما فيها خدم يسمون أوجيبتي أي مجيبين ويلبون طلباتهما وهي التي يطلق عليها الان المساخيط (الاوشابتي). وإذا لم ينجح وطب قلب الميت في الميزان، يكون هالكا حيث يكون عمعم واقفا بجانب الميزان منتظرا لكي يلقوا إليه القلب المذنب فيلتهمه على الفور، ويكون ذلك المصير النهائي للمتوفي .

 

أقدم دليل على وجود معبد مخصص لعبادة ماعت يعود إلى عصر الدولة الحديثة (حوالي 1569 إلى 1081ق.م). وللأهمية الكبيرة التي كانت تولى لماعت، أمر أمنحتب الثالث بإنشاء معبد لها في مجمع الكرنك، وتشير الأدلة النصية.

 

وجود معابد أخرى لماعت في منف ودير المدينة. كما استخدم معبد ماعت في الكرنك كمحكمة للاجتماع فيما يتعلق بعمليات السطو على المقابر الملكية خلال حكم رمسيس التاسع.

 

كانت ماعت أقرب إلى الروح التي يتم بها تطبيق العدالة اي القانون ، وليست العرض القانوني المفصل للقواعد. مثلت ماعت القيم العادية والأساسية التي شكلت خلفية العدالة التي يجب تنفيذها بروح الحقيقة والإنصاف. منذ الأسرة الخامسة فصاعدًا، أطلق على الوزير المسؤول عن العدالة اسم كاهن ماعت، وفي فترات لاحقة ارتدى القضاة صور ماعت.

 

قوانين ماعت هي 42 قانوناً يتلوها الميت وهو يدافع عن نفسه لماعت أثناء محاكمته في العالم السفلي وعليه أن يكون صادقاً لكي ينجو من العذاب، وهي تشير إلى الضوابط الأخلاقية العميقة في الدين المصري القديم وعموم الحياة الاجتماعية.

 

ارتباطها بالآلهة الأخرى

 

ارتبطت “ماعت” بالعديد من الأرباب والمعبودات، ويأتى في مقدمتها الأرباب الكونية، فهى ابنة للمعبود “رع”، وكان لها دور بارز في رحلة الشمس والأناشيد الشمسية.

 

وتجسد “ماعت” النظام الكونى الذى أوكل المعبود “رع” إلى الملك إرساءَه وإقامتَه في حكم الأرض. فكان على الملك القيام بذلك، والقيام بطقسة تقديم “الماعت”، كناية عن ذلك كله وحول “قربان ماعت”.

 

كما ارتبطت بالمعبود “چحوتى” رب الحكمة والمعرفة، وعرفت كزوجة له، وقد ظهرت معه في مشهد وزن قلب المتوفى، وكذلك ظهرت على مركب رب الشمس رع وارتبطت ماعت بالملك، والذى كان مسئولاً أمام الأرباب عن إقرار النظام والعدالة، وإقامة الـ “ماعت” في نصابه الذى خلقه الأرباب للكون.

أقرأ أيضا : حلم الشهرة و أحلام البسطاء

بعد تصدرها التريند.. سطور من حياة وفاء سالم

حياةُ العُمر

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا