“دماء على أرض الحرم “

 

كتب : عبدالعزيز مصطفى 

نحن الآن بالعام ثلاثمائة وسبعة عشر للهجرة النبوية الشريفة ، أرض العرب يشوبها بعض الإستقرار حتي مع وجود ثلاثة خلافات للمسلمين تتوزع عليها اراضي وصلت الي حدود أوروبا و الصين ،

 

الأولي و الأقدم بينهم كانت خلافة بني أمية الثانية في الأندلس بعد دحرهم في الشام و خلافه الثانية و الاكبر بينهم كانت خلافة بني العباس في بغداد و ثالثهم كانت الخلافة الفاطمية الشيعية الوحيدة بينهم في مصر و بلاد المغرب العربي ،

 

و سبقها خلافة الأدارسة بالمغرب لكنها صارت من الماضي بعد ظهور الفاطميين و مع خلافهم في احقيه كل منهم بحكم اراضي غيره لم يدخلوا كل هؤلاء في حروب حقيقة ضد بعضهم البعض منذ أعوام طوال فكان كل شئ علي مايرام حتي موسم الحج هذا العام الذي كان كغيرة من السنين الماضية اعتيادي بشكل كبير،

 

كما جرت به العادة قوافل المسلمين تتعاقب من بكل بقاع المعمورة و الكل في رحاب بيت الله الحرام أمن و ونبض السكينة و الهدوء بين جنباتة قلوبهم تشتاق لجوار رسول الله و تداعبهم المشاعر التي تتخالط بالدموع مع الطواف و كل مناسك الحج ،

 

كان كل شئ على مايرام حتي أتت جحافل جيوش تتشح بالكره و الموت علي نصالها و الغضب يملأ نفوسهم و الحقد يبرز من أعينهم كما الصواعق ، هؤلاء هم القرامطة ،لعنه الأرض و غربان الصحراء قادهم غرورهم بقوتهم ليفعلوا ما لم يفعله ابرهه بأهل مكة المكرمة فقتلوا الحجاج و نصبوا الفخاخ و سبوا النساء و قتلوا بجيشهم الجرار زهاء ثلاثون ألف من زوار بيت الله الحرام لتكون تلك الواقعة ذكراهم الوحيدة في كتب التاريخ بحروف من دم و صرخات من ألم..

 

القرامطة و سرقة الحجر الأسود

قد لا يعرف الكثيرون من المسلمين أن الحجر الأسود قد تعرض للسرقة أصلا و لمدة 22 عاماً، و بأن ذلك كله قد وقع على يد القرامطة، وهم فرقة دينية ظاهرياً لا يعرفون الحلال والحرام الكل عندهم مباح حتى دماء المسلمين الذين تعلقوا بأستار الكعبة المشرفة ،

 

و أما عن القرامطة لمن لا يعرفهم فهم فرقة سياسية دينية ظاهرياً و قيل أنهم من غلاة الشيعة و قد أسسها حمدان بن الأشعث الملقب بقرمط وهو إسماعيلى المعتقد و الفرقة الإسماعيلية هي من الفرق الشيعية المتشددة و كان منهم الفاطميين و لقد سميت الإسماعيلية نسبة إلى الإمام إسماعيل بن الإمام جعفر الصادق..

و لقد كان للقرامطة قوة عسكرية بدوية ضاربه تعتمد فى حياتها على الغارات التى تشنها على الدول المجاورة، وكان القرامطة من ألد أعداء دولة العباسيين و قد عللوا ذلك العداء لأن العباسيين اضطهدوا العلويين وطردوهم في كل مكان وقتلوا منهم الكثير علي حد قولهم،

 

و لقد كانوا على علاقة صداقة فى بادئ الأمر مع الخلافة الفاطمية على أساس أن كلاهما يدينون بالمذهب الشيعى، ثم انقلبوا على الفاطميين وهاجموا أملاكهم فى الشام وفلسطين و صارت كل حدود الخلافات الإسلامية المتاخمة للقرامطة،

 

في حالة حرب معهم و تأمين مستمر لثغور وظلوا كذلك حتى وفى عام 317 هجرية هاجمت جيوش القرامطة مكة المكرمة التى كانت تتبع الخلافة العباسية و دارت رحى معركة غير متكافئة و انتزعوا الحجر الأسود من الكعبة و هشموا وانتزعوا بابها الكبير وقاموا بأعمال دموية بشعة يندى لها الجبين فقتلوا من الحجاج 30 ألفاً من الذين قاوموا بثيابهم البيضاء و أجسادهم العارية،

 

ثم عادوا لديارهم في الأحساء ومعه الحجر الأسود وباب الكعبة ووضعوه فى كعبة بديلة فى الإحساء ليحج إليها الناس و كان ذلك في مستهل قيام دولة خاصة بهم لا مركزية ..

 

و علي الناحية الأخري ظل الحجر الأسود معهم فى الإحساء لمدة تجاوزت ال 22 عاماً، والناس يطوفون حول الكعبة ولا يجدون الحجر الأسود طوال تلك الأعوام، حتى هدد الخليفة العزيز بالله الفاطمى ثاني خلفاء الدولة الفاطمية فى مصر القرامطة بأنهم إن لم يعيدوا الحجر الأسود موضعه بأن يسير لهم جيشاً عرمرم إلى الإحساء ليعيد لبيت الله الحرام الحجر الأسود، فخافوا وقتها على ملكهم ودولتهم الناشئة في الإحساء فأعادها الحجر الأسود إلى مكة في حوالي سنة 339 هجرية علي غضاضة منهم ..

و من روايات يوم المذبحة انها قد حدت في صحن الكعبة يوم التروية، حيث قام اميرهم أبو طاهر القرمطى بغارة على مكة والناس محرمون، واقتلع الحجر الأسود و هشمه، وأرسله إلى هَجَر وقتل عدد كبير من الحجاج، وحاولوا أيضا سرقة مقام إبراهيم ولكن أخفاه.

 

قتها السدنة، وفى 318 هـ تقريبا سنّ القرامطة علي الناس الحج إلى الجش بالقطيف بعدما وضع الحجر الأسود فى بيت كبير، وأمر القرامطة سكان منطقة القطيف بالحج إلى ذلك المكان، ولكن الأهالى رفضوا تلك الأوامر، فقتل وقتها القرامطة أناساً كثيرين من أهل القطيف لعدم امتثالهم لما قد عرضوا عليهم

إقرأ أيضا:-

” الشدة المملوكية “

لملكة (مريت آمون )

مسجد ” الحاكم بأمر الله ” الخليفه الفاطمي