رؤية وابداع

 في خيالنا حياة

دينا توفيق

تفشى الأسى في الأرجاء بين الجميع، حتى والناس نيام الحزن بين ثنايا صدورهم، نسوا طعم السعادة وجعلوها في مخيلاتهم فقط، في خيالنا حياة ونور وسعادة لم تكن علي أرض الواقع، تركتنا الأحلام وذهبت إلى بلدٍ بعيد استحال الوصول إليها خوفًا من الضياع، أصبحنا بسن السبعين ونحن مازلنا في العشرين؛ لشدة الهلع والخوف من الواقع، لعلك تستيقظ وتطلب من الله أن يمدك بالقوة حتى تُهدَم هذه القوة من أثر كلمة أو موقف صغير، تنام وتتأوه بدون صوت، تبكي وتبكي ولا يُجدي البكاء بفائدة سوى مضاعفة الألم، كل الملاذ يكمن في الخيال، أنا هنا بين الناجحين وبين أشخاصي المفضلين وأمتلك كل الأشياء التي تمنيت نيلها يومًا من الأيام، كل هذا في الخيال، ربما الخيال أصبح أجمل بكثير من الواقع ومرارة الواقع، في مخيلتي كل شيء مُجاب وأكثر مما أتمني، كم تمنيت أن يكون الواقع هكذا، ولكن ربما الحياة ليست نعيمًا دائمًا ولا شقاءً متصلًا وإنما هي مزاج منهما، ولكني لم أرَ وهلة في النعيم لإطالة الأسى حتى ظننت الخلود فيه، بالنسبة لي الحياة جانبين: الجانب المظلم هو الواقع الذي تملؤه المرارة والحسرة على ما فات والخوف مما هو آتٍ، أما الجانب المنير فهو الخيال الذي أراه عندما أغمض عينيَّ الباليتين، الخيال يبدو رائعًا للغاية، في خيالنا حياة كحياة الأطفال البريئة التي لم ترَ همًّا قط، نحتاج إلى الخلود الأبدي في الخيال حتى ننسى مرارة الواقع، ليلة أمس كانت ليلة عارمة بالأفكار الفوضوية حتى أتى طيف من الخيال على هيئة حُلم مليء بالسعادة، أنساني ذاك الحلو عناء يوم شاق وغير مريح، مازلنا نحيا ما دام في خيالنا حياة..

إقرأ أيضاً:

سيرة داحس والغبراء

عزيزي

إذا أنت يومًا أردت الحياة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا