رباط البيوت
كتب.. أحمد فوزي
من : مصري في شرخ الشباب
إلى : المصريين و المصريات
من أيام قلال صدرت معركة على مواقع التواصل بدت لدى الأجداد و السالفين أنها تافهة أو تلاعب غلمان و صبايا لا أكثر .
و لكن و لو تأملنا فإنها قضية محكمة بتدمير أفكار و أعراف و عواطف هي أساس رباطنا و استقرارنا .
الزوجة غير ملزمة و الرجل المصري ذكوري متوحش ،المرأة المصرية كائن مستغل و آلهة النكد .
فيمن نقول هذا أو ذاك
أيها الشباب و الصبايا :
مُنذ ولدت في عمري القصير هذا لم يرد في سمعي أو قراءتي أن الأسرة المصرية تزعزعت مثل هذه الأيام .
لنذهب لمحكم الشرع
الرجل مُلزم تمامًا بالأعمال الباطنية و إشباع أهل البيت من حاجاتهم من مأكل و مشرب و ملبس و هلم جرا من سبيله .
وقفة نحن الرجال .
هل قضينا كل الحوائج ؟
سيدي آدم نحن في حياة و معركة صعبة نخوضها صبح كل يوم حتى الليل و إن أسدل الدُجى بستاره تلوذ لأهل بيتك مغبون بنعمتي الصحة و الستر .
و على هذا المنوال تحيا حتى تشيب رأسك و ينحني ظهرك متكًأ على حواء .
هذا جميعه معلوم
و لكن هل الأمس كاليوم ؟
لا ، آدم الأمس غير آدم اليوم ، و حواء الأمس غير حواء اليوم .
لذا فوجب العودة لما يربطنا ببعضنا .
يقول اللّٰه سبحانه و تعالى في محكم التنزيل :
” و لا تنسوا الفضل بينكم ”
قبل التوجه للانفصال والطلاق و المغادرة و سوء المعاشرة تذكر هذه الآية دائما .
ألم ترَ أن تعدد مدى الواجبات و إحصاء التقصير إلى اختناق البيت و برود الود و جعل أساور الحب إلى حبال من قطن هشة تُقطع حتى و إن أردنا عليها راحتنا .
إذن سر فشل أي علاقة شرعية بيننا تحت سقف واحد هو الندّية في إحصاء الحقوق قبل الواجبات .
و إعلاء راية الحرب في وجه الطرف الآخر
إن كان التقصير منه ، وعدم التغافل لذلات قد تكون عفوية و أخذها على محمل الجدية المفرطة .
لذا علاج هذا الداء كلمة ذكرها الناموس الأعظم
_ القرآن الكريم _ ؛ الفضل .
الفضل ؛
في أن هناك مودة و رحمة بين الطرفين .
محبة تعلو وتسمو إلى ما فوق الشكلية و الظاهرية يبقى في الوجدان و الروح مهما تباعدت المسافات و تنازعت الأزمان ، مهما ساء الحبيب و أهمل المحبوب ، إيمانًا بأن الفضل العلي في تلك المحبة الربانية سيكون السيء قد أرام إلى أعظم ما يُرام .
و ليس ذاك تبعية للخيال الأفلاطوني أو الغرام اليوتوبي ،بلا القناعة التامة بأن الحياة لا يحلو مرها إلا بالحبيب .
فضل القلب على القلب أن يُجبر كسره فور العتاب .
و أن العتاب بين الزوجين هو أقسى عقاب ،و أن العقاب بينهما فقط لإصلاح الشرخ العاطفي ليس للتشفي أو الشماتة .
لا يصح إلينا الإساءة للمرأة المصرية و إن بالغت في العتاب بمنزلة التجاوز .
فهي ابنة مارية رضوان اللّٰه عليها زوج النبي صلوات اللّٰه عليه و أم إبراهيم ابن الحبيب .
و هي حفيدة هاجر أم إسماعيل ابن الخليل سلام اللّٰه عليهم جميعًا و على موضع قدمها خرجت أطهر مياه الأرض وعلى خُطاها جاءت شعائر الصفا و المروة .
إنهن أعظم نساء الأرض و ليست عُصبة أن أفاخر بأمي و أختي ، و لو ضاقت بهم منافس الحياة و تداخلت عليهم الأفكار الشاذة الهدامة للمجتمع و لكن أقسم أن ليس هناك ما هو أصلب من الأسرة المصرية .
لكن أعاتب حفيدة مارية و هاجر .
أن تسيء للرجل المصري بصفة خاصة عتابا ؛
يحسب أولًا محبة لمقامها الرفيع و يحسب ثانيًا عقابًا محببًا لمقامها الرفيع أيضًا.
الرجل المصري تضافرت عليه طباع بلدته و أعرافه بعد دينه ومعتقده .
فخلقت فيه اللين والصلابة معا .
فهو غيور قوي شديد على آل بيته و شديد اللين عليهم ،أما الشدة الأولى آلت به الغيرة و الخوف من ضربات الدهر .
و أما الشدة الثانية فهو كفوهة البركان الخامل ؛
يحمل في جوفه حنان الدنيا إلى قيام الساعة .
إن آنت الفرصة لإخراج ما به يُكِن .
سالت منه العبرات كنهر النيل الذي يشربه .
عَبرات عذبة خارجة من مهجة قوية صلبة وهشة مكسورة تريد فقط الاطمئنان ، كنف أمين يحتضنه هربًا من صعاب الحياة .
إن هذا الرجل العظيم لا يأخذ شمائل رجال العالم من مظاهر و وسامة .
لأنه كالروح يُحس به بحدس إلهي يُحب و يُود و يُأمن على الحياة .
لا يغرنكم المصريين و المصريات
ما يحدث من تلاعب بأفكار و تلاعب بمعتقدات الدين و العرف و غيره مما نعتضد عليه بمعصم صلب .
أنه ملاذا للأفضل .
كلاَّ أنتم في الأفضل ، و أنتن في الأفضل .
للّٰه درّ الحبيب صلوات اللّٰه عليه حينما قال ؛
“أهلها في رباط إلى يوم القيامة ”
فهذا الرباط القويم لم يأتِ فراغًا بلا ؛
و إن فيه شعور الأهلية و القرابة أولًا في الأسرة التي هي المجتمع الصغير و النشأ الأول .
و لهذا فنحن _ مغبونين _ في نعم كثَّة و أعظمها أن اللّٰه أنعم علينا ” بالرباط ” كصفة خاصة في أهل مصر لتماسكهم و مودتهم ، و” الفضل” الذي هو نعمة عامة لجميع الأزواج بعد ضيق التنفس بهم و سوء المعاشرة .
فهل بعد هذين العاصميين نهدم بيوتنا بصخر من ورق!.