مقالات

ظاهرة السحر والشعوذة جريمة اجتماعية تهدد المجتمع

كتبت : أميرة أيمن

 

يعاني المجتمع من ظاهرة السحر والشعوذة لأنها جريمة اجتماعية تدمر البيت والأسرة و هي من الملفات الشائكة المتغاضى عنها التي يجب العودة إلى مواجهة تداعياتها الخطيرة علي المجتمع.

 

فقد انتشرت فى الفترة الأخيرة علي بعض القنوات الفضائية على هيئة إعلانات عن برامج السحر و جلب الحبيب و جلب السعادة و جلب المتوفى و غيرها من الخرافات و الخزعبلات و تقوم تلك القنوات أيضًا باستضافة هؤلاء الدجالين لأسباب لا نعلمها ربما لجذب متابعين لهم أو ليس عندهم ما يقدموه للمشاهد أو لتحقيق أرباح مالية لأنها تجارة رابحة وذلك على حساب خداع المشاهدين البسطاء وتدمير المجتمع.

 

و هو ما يسبب الأذى للأشخاص لأن السحر عمل شيطاني و ضد الأخلاق وقيم وتقاليد المجتمع وضد النظام العام ويتم صرف مليارات الجنيهات على هذه الخزعبلات و الخرافات و تكلفة السحر والشعوذة علي مصر كبيرة للغاية.

 

وبالرغم من أن هذه الظاهرة ليست حديثة العهد وإنما لها جذور ممتدة بعيدة و لم يتم التصدي لها بشكل كاف، و ظل القانون غافلًا عن معالجتها.

 

التساؤل الذي يطرح نفسه هنا ما موقف القانون المصرى من ذلك هل وضع نص صريح لذلك حيث أنها جريمة يصعب ثبوتها ؟.

 

القانون المصري لم يتطرق من قريب أو من بعيد لجرائم السحر والشعوذة لكن يمكن جمع الأشخاص الذين يقومون بأعمال السحر و الشعوذة و الدجل إلى جريمة النصب، طبقًا لنص المادة ٣٣٦ من قانون العقوبات المصري ويكون العقاب فيها الحبس من أربعة وعشرون ساعة إلى لمدة ثلاث سنوات مع الشغل والنفاذ.

 

مع الأسف الشديد إن المضرور أو الذى تم عمل ما سحر له لا يوجد قانون ينصفه؟!. ولا يستطيع أن يحرر أي محاضر ضد الساحر أو المشعوذ لأنه لا توجد رابطة بينهما حتى لو تم الإضرار به، و لكن الوحيد الذى يحق له الرجوع على المشعوذ أو الساحر هو الشخص المتعامل مع الساحر بصفته أنه تم النصب عليه من الساحر أو الدجال أو المشعوذ وأنه تحصل منه على أموال نظير أعمال قد أوهمه بها ولم تتحقق.

 

إن الجريمة بلا قانون تتسبب فى نشر الفوضى لمعرفة مرتكبيها بقدرتهم على الإفلات من العقاب لعدم توافر شرط من الشروط التي يتطلبها القانون لإثبات وقوع الجريمة وتوجيه التهمة والإفلات من العقوبة أصبح ظاهرة في مجتمعنا و واقعًا نعيشه وذلك يرجع إلى حالة من الفراغ التشريعي لتلك الجرائم والتي جاء القانون خالٍ من التوصيف لها وبالتالي لم يتم سن مواد توصف هذه الجرائم وبالتالي لا يوجد تشريع يعاقب عليها ولا يكيف إِدانة محدد لمرتكبها على الرغم أن المجتمع يعانى منها.

 

و فى القانون الجنائي المصري الذى لم يتطرق لجرائم السحر والشعوذة التي تدمر الأسرة بعكس بعض قوانين الدول العربية التي تعاقب عليها منها.

 

1- المملكة المغربية حيث ينص القانون المغربي في الفصل 609 من القانون الجنائي المغربي في فقرته 35 على أن “من احترف التكهن والتنبؤ بالغيب أو تفسير الأحلام يعاقب بغرامة تتراوح بين 10 و 120 درهمًا و يعتبر هذا الفعل مخالفة من الدرجة الثالثة. وينص الفصل 726 من قانون الالتزامات و العقود على بطلان كل اتفاق يكون موضوعه تعليم أو آداء أعمال السحر و الشعوذة أو القيام بأعمال مخالفة للقانون”.

 

2- دولة السودان نص قانون النظام العام الولائي لسنة 1996م في المادة «22» منه علي الدجل والشعوذة أنه لا يجوز لأي شخص ممارسة أعمال الدجل والشعوذة والزار، ولم تفرد لها عقوبات محددة و إنما ترك أمر العقوبة للنص المخصص للعقوبات في ذيل القانون ومحاكمته وفقاً للمادة «26» التي تقول «يعاقب كل من يخالف أحكام هذا القانون بالسجن أو الغرامة او العقوبتين معاً» ومصادرة الأدوات المستخدمة أو سحب الترخيص وإغلاق المحل لفترة من الزمن و تشديد في العقوبة في حالة العودة للجريمة.

 

3- في سوريا ينص القانون السوري على أنه يعاقب بالحبس التكديري و بالغرامة من 500 – 2000 ليرة من يتعاطى بقصد الربح، مناجاة الأرواح، والتنويم المغناطيسي، والتنجيم، وقراءة الكف وورق اللعب و كل ماله علاقة بعلم الغيب و كما يعاقب في حالة العودة بالحبس حتى ستة أشهر و بالغرامة حتى ألفي ليرة ويمكن إبعاده إذا كان أجنبيًا و إن المشرع اشترط لقيام الجرم أن يكون بقصد الربح فقط وهذا النوع فقط تتوجب معاقبته لأنه يقبض المال، أما من لا يهدف للحصول إلى المال فلا تجريم له، وأن عقوبة من 500- 2000 ليرة والحبس التكديري الذي تصل مدته من يوم إلى عشرة أيام ليست عقوبة رادعة ولا تتناسب مع خطورة الفعل وهذا يعد فجوة في التشريع لأن هؤلاء يمثلون خطرًا حقيقيًا على المجتمع.

 

4 – في الملكة الأردنية الهاشمية بمطالعة نصوص قانون العقوبات الأردني نجد أن المشرع جرم أفعال السحر والشعوذة في المادة 471 منه والتي نصت علي أن يعاقب بالعقوبة التكديرية كل من يتعاطي بقصد الربح مناجاة الأرواح أو التنجيم أو قراءة الكف.. وكل ما له علاقة بعلم الغيب وتصادر الألبسة والنقود والأشياء المستعملة.

 

5- في دولة لبنان نصت المادة 768 من قانون العقوبات اللبناني أن يعاقب بالتوقيف التكديري وبالغرامة من عشرة آلاف إلى عشرين ألف ليرة لبنانية من يتعاطي بقصد الربح مناجاة الأرواح والتنويم المغناطيسي والتنجيم وكل ما له علاقة بعلم الغيب وتصادر العدد المستعملة و يعاقب المكرر بالحبس حتي ستة أشهر وبالغرامة ويمكن إبعاده إذا كان أجنبيًا.

6- في مملكة البحرين جرم السحر والشعوذة في قانون العقوبات رقم (15) لسنة 1976 وتعديلاته في المادة (310 مكرراً )علي أنه يعاقب بالحبس والغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من زاول على سبيل الاحتراف والتكسب أيًا من أعمال السحر أو الشعوذة أو العرافة ويعد من هذه الأعمال الوصول بأفعال أو التلفظ بأقوال أو استخدام وسائل القصد منها إيهام المجني عليه بالقدرة على إخباره عن المغيبات أو إخباره عما في الضمير أو تحقيق حاجة أو رغبة أو نفع أو ضرر بالمخالفة للثوابت العلمية والشرعية” و هناك مطالبات من البحرينيين وأعضاء في البرلمان بتغليظ تلك العقوبة.

7- في دولة الإمارات العربية المتحدة نص قانون العقوبات الإماراتي المعدل بالقانون الاتحادي رقم 7 لعام 2016 قد تطرق لجرائم السحر الشعوذة و حيث عرفت المادة 316 مكرر 1 مفهومي السحر والشعوذة والمادة 316 مكرر 2 البيان منها أنها لم تكتف بتجريم وتحديد عقوبة من يقصد ساحرًا أو مشعوذًا، و الاستعانة به بقصد الأضرار بالغير بل أنها جعلت العقوبة نفسها والتي هي الحبس والغرامة لكل من تصرف بأي نوع من أنواع التصرف في كتب أو طلاسم أو مواد أو أدوات مخصصة للسحر أو للشعوذة.

 

وبالتالي يكون القانون قد جرم ثلاث ممارسات وأفعال تتعلق بالسحر والشعوذة، أولها الساحر أو المشعوذ، ثانيها من يقصد ساحرًا أو مشعوذًا ويستعن به بقصد الإضرار وإلحاق الأذى بالغير، وثالثها من يتصرف بأي شكل كان بمواد أو أدوات مخصصة للسحر أو الشعوذة بما في ذلك الكتب المخصصة لهذا الغرض و ذلك حفاظًا على مجتمعهم.

 

إن العوامل البيئية والاجتماعية لها تأثير كبير في انتشار هذه الظاهرة وأن كثيرًا من المشاكل الاجتماعية التي تؤدي إلى الخلل النفسي تجعل الإنسان أن يصدق أي شيء وأن انتشار الظاهرة ليس مقتصرًا علي فئة مجتمعية معينة بل تشمل جميع الطبقات سواء غنية أو فقيرة متعلمة أو جاهلة سواء مجتمع ريفي أو حضري، شرقي أو غربي.

 

و بناء عليه نناشد المشرع المصري إيجاد نظام تشريعي خاص يجرم جرائم السحر الشعوذة حفاظًا علي مجتمعنا ولمواجهة تلك الظاهرة الشيطانية الخبيثة التي تنال من صحة المجتمع وسلامته ونموه.

أقرأ أيضاً:-

عالم السحر والسحرة فى مصر القديمة 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا