مقالات

ظاهرة المخدرات .. وأضرارها على المجتمع

كتبت: رويدا عبد الفتاح

 

تعتبر المخدرات من أخطر المشكلات التي تعاني منها مجتمعات كثيرة حول العالم، ولم تعد أضرارها تقتصر على الشخص المُتعاطي فقط، بل أصبحت تتجاوز حدود الفرد، وتنتشر في الأسرة والمجتمع ككل، وأصبح داء خطيرًا يجب التعامل معه بحذر وحزم.

ظاهرة المخدرات .. وأضرارها على المجتمع
ظاهرة المخدرات .. وأضرارها على المجتمع

 

وكثيرًا ما يظن الشخص الذي يعاني من الإدمان أنها مشكلته وحده، ويتساءل ما هي آثار المخدرات على المجتمع؟ للأسف، إذا كنت تعاني من الإدمان، فأنت لا تعاني وحدك، ولكن تعاني دائرتك المقربة، وكل من يهتم لأمرك يعاني، كما يؤثر إدمانك على جميع البيئات التي تحتك بها، والمدارس، والجامعات، وأماكن العمل، بالإضافة إلى لانتشار المرض، والجريمة، وعلى جميع الجبهات، يمكننا القول أن الإدمان يضمن للجميع مجتمعًا مريضًا وغير آمن، ويمكن أن يعني مجموعة من الأشخاص يعيشون في نفس المكان، ويمكن أن يطلق على المجتمع أيضًا مجموعة من الأشخاص لهم خصائص معينة مشتركة، ويشمل هذا التعريف المدارس وأماكن العمل، وبالتالي فإن أضرار المخدرات على المجتمع تشمل جميع جوانب الحياة المختلفة.

ظاهرة المخدرات .. وأضرارها على المجتمع
ظاهرة المخدرات .. وأضرارها على المجتمع

أضرار المخدرات على المجتمع:

 

• تأثير الإدمان على بيئة العمل:

 

العمل عبارة عن مجتمع صغير، كل أعضائه يؤثرون على بعضهم البعض، ومن المحتمل أن يؤثر تعاطي الشخص للمخدر بصفة منتظمة على مسار عمله، مثل أن يؤدي إلى انخفاض الإنتاجية، وزيادة التأخير، بل ويمكن أن يؤدي إلى الانقطاع الكامل عن العمل، بالإضافة إلى السلوكيات غير المناسبة مثل الترويج للمخدرات بين زملاء العمل، مما قد يؤدي إلى الفصل، وإذا كانت ظروف العمل تشمل التعامل مع المعدات الثقيلة، فإن وجود فرد مدمن على تعاطي المخدرات قد يجعل بيئة العمل بيئة غير آمنة، لأن تعاطي المخدرات يؤدي إلى سوء التقدير واليقظة والتنسيق الحركي.

 

• التأثير السلبي على الصحة:

 

تسبب المخدرات عدة اختلالات في صحة الأفراد، حيث أنها تؤثر على آليات الدماغ في توجيه الإنسان، فمثلاً تفرز دماغ الإنسان مادة الدوبامين عندما يقع في الحب، أو عندما يتناول وجبة لذيذة. إذا قرر شخص ما اللجوء إلى العقاقير لإعطائه نفس النتيجة، فسوف يعتمد جسده عليها، ويتوقف عن إنتاج الدوبامين بشكل طبيعي، مما قد يسبب مشاكل عاطفية، وقلة الشعور بالمتعة، ويمكن للمواد الأفيونية أن تؤدي لإبطاء التنفس لدرجة فقدان الوعي والموت، ويمكن أن يؤدي الكوكايين إلى تصلب عضلات القلب، مما قد يؤدي إلى نوبة قلبية، ويمكن لمدمني العقاقير، مثل: LSD، أن يؤذي نفسه دون وعي منه.

 

• أثر الإدمان على الاقتصاد:

 

من الصعب تتبع الخسائر الاقتصادية الناتجة عن الإدمان، ولكن بالنظر إلى الأسباب غير المباشرة التي تحدث في بيئة العمل، فقد يتضح التأثير، مثل انخفاض الإنتاجية، وإهدار وقت العمل في مراقبة بيئة العمل، والعمل على إصلاحها، وتوقيع الجزاءات، وعدم وجود بيئة عمل آمنة في وجود هؤلاء الأشخاص غير المدركين تمامًا، وقد يصل الأمر بهم إلى الاختلاس، وليس فقط التأثير السلبي على الأرباح، فكل الخسائر التي يتعرض لها كل صاحب عمل، بسبب ما قد يتعرض له من إدمان، يصب في النتائج الإجمالية لـ الاقتصاد ككل.

 

تأثير الإدمان على النظام الصحي:

 

يمكن أن يكون الإدمان مكلفًا للدولة نظرًا لاستهلاك موارد الصحة النفسية، أو من خلال مشاركة الإبر، فضلاً عن خدمات الطوارئ، والخدمات الطبية الأخرى، وعلاج المرضى المقيمين للتعافي، و أبحاث الوقاية والعلاج.

ظاهرة المخدرات .. وأضرارها على المجتمع
ظاهرة المخدرات .. وأضرارها على المجتمع

• الارتباط الوثيق بين تعاطي المخدرات والجريمة:

 

و للمخدرات أثر كبير في زيادة معدلات الجريمة حيث تبين أن معظم المعتقلين كانوا تحت تأثير المخدرات، أو الكحول وقت ارتكاب الجريمة، ومن أشكال الجرائم المتعلقة بالمخدرات الأكثر شيوعًا هي:

 

– القيادة تحت تأثير الكحول.

 

– جرائم العنف المرتكبة تحت تأثير المخدرات.

 

– عنف العصابات.

 

– السرقة والاحتيال من أجل شراء المخدرات.

 

• تأثير المخدرات على البيئة:

 

إن إنتاج مادة مثل مادة “الميثامفيتامين” له مخاطر بيئية هائلة. يمكن أن تتسرب المواد السامة إلى الأرض والمياه الجوفية، وبالتالي تلوث الأبخرة الهواء مسببة تلف الرئة. يتم تصنيع معظم الأدوية التي يتم الترويج لها في سوق المخدرات في بيئة غير آمنة. من المعروف أن المواد الكيميائية المستخدمة في صناعة العقاقير بشكل عام قابلة للاشتعال، ويمكن لشرارة واحدة أن تحرق المعمل، وتحرر السموم إلى السماء.

ظاهرة المخدرات .. وأضرارها على المجتمع
ظاهرة المخدرات .. وأضرارها على المجتمع

أضرار المخدرات على الأسرة:

 

1- التفكك الأسري:

تؤدي المخدرات إلى التفكك الأسري الذي ينتهي بالانفصال؛ نتيجة لـ سوء العلاقة الزوجية، وكثرة الخلافات بسبب عدم تحمل المدمن مسؤولياته.

 

2- تدهور الوضع الاقتصادي والمادي:

وبما أن جميع المصادر المادية للمدمن تتجه للحصول على المخدرات، فقد أدى ذلك إلى تدهور واضح في الوضع المادي للأسرة، وعدم قدرتها على تلبية احتياجاتها الأساسية، بالإضافة إلى قيام المدمن بسرقة متعلقات المنزل الخاصة بـ الأسرة سواء كانت أموال أو مشغولات ذهبية.

 

3- النبذ ​​الاجتماعي:

إن وجود فرد مدمن في الأسرة يعرضها للنبذ الاجتماعي، وعدم رغبة أي شخص في الاختلاط أو الاقتراب من أفرادها، مما يؤدي بهم إلى حالة الاكتئاب والحزن.

 

4- تسرب الأطفال من التعليم:

بسبب نقص الموارد المادية الكافية للإنفاق على متطلبات الدراسة، أدى ذلك إلى تسرب الأطفال من المدرسة والبحث عن وظائف للعمل.

 

5- ولادة الأطفال بتشوهات خلقية:

يؤدي تناول المخدرات أثناء الحمل إلى انتقالها إلى الجنين، والإصابة بتشوهات خلقية ومشكلات في النمو والانتباه، وقد يؤدي أحيانًا إلى الإجهاض أو تسمم الحمل.

 

6- العنف الأسري:

كما أن العنف الأسري وضرب الزوجة والأطفال والآباء أيضًا، هي سمة من سمات مدمن المخدرات، بسبب نوبات الهياج التي يتعرض لها إذا لم يتعاطى المخدرات.

ظاهرة المخدرات .. وأضرارها على المجتمع
ظاهرة المخدرات .. وأضرارها على المجتمع

تأثير المخدرات على الشباب:

 

لا شك أن تعاطي المخدرات له سلبيات تفوق الوصف، ولكن الإدمان له الأثر الأكبر على عقول ونفسية المراهقين، فهم مجرد أطفال في طور النمو، وتتأثر حياتهم بشدة إذا أصيب أحدهم بصدمة أو فشل، وتعاطي المخدرات يمكن أن يؤدي إلى صعوبة في التركيز، ومشاكل في الذاكرة، وعدم القدرة على معالجة المعلومات بشكل صحيح، مما يؤثر على مستوى دراستهم، والمستوى المهني فيما بعد، وهؤلاء الطلاب هم الأكثر عرضة للفشل الأكاديمي، وهذا له أثره على ميزانية الدولة، والعديد من الجهات التي قد تدفع ثمن تخلي الطالب عن مستقبله.

ظاهرة المخدرات .. وأضرارها على المجتمع
ظاهرة المخدرات .. وأضرارها على المجتمع

طرق الوقاية من تعاطي المخدرات:

 

الوقاية من الوقوع في الإدمان يمر بعدة خطوات، تبدأ بالأسرة والمجتمع للتعريف بالمخدرات وتجنب آثارها السلبية، منها:

 

1. نشر الوعي:

إن نشر الوعي بأضرار المخدرات وآثارها الكارثية هو الطريقة الأولى للوقاية منها، وذلك في المدرسة والأسرة.

 

2. الابتعاد عن البيئة التي تشجع على التعاطي:

ألا يكون في بيئة اجتماعية أو بين دوائر من الأفراد الذين يشجعون على تعاطي المخدرات.

 

3. تلقى العلاج النفسي اللازم:

العلاج السريع للأمراض النفسية، مثل: “الاكتئاب، التوتر، الفصام، واضطراب ثنائي القطب”، والتي قد تؤدي إلى تعاطي المخدرات.

 

4. وجود رِقابة أسرية على الأطفال:

يجب توفير الرِقابة الأسرية الدقيقة على الأطفال، ولكن يجب إعطاء الثقة معها، بالإضافة إلى عدم منح الكثير من الأموال، ومراقبة المحتوى المقدم لهم في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي.

 

الإدمان على المخدرات آفة اجتماعية خطيرة يجب مواجهتها والتصدي لها، حفاظا على صحة الفرد، والأسرة والمجتمع، ويجب مساعدة المدمن على التعافي من حالته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا