التاريخ والآثار

الألوان والرمزية في مصر القديمة

كتب/ على سرحان

 

تعتبر الرمزية من أهم القيم الفنية التي كانت سائدة في فنون العالم القديم بصفة عامة، إلا أنها كانت أكثر تطورا ونضوجا في الحضارة المصرية القديمة، فكانت واضحة في تشكيل الآلهة، وفى التعبير داخل المقابر، في أعمال النحت والتصوير، وفى أعمال الحلي والأثاث وسائر الأعمال الدقيقة.

عندما يعبر الفنان عن الألوان في الرسوم فلقد كانت إيحائية أكثر منها حقيقية، ولذلك فقد عاش فنه لا يداخله تصنع أو تكلف محافظا على أصالته، وما أن يصبح الغرض دينيا بحتا أو جنائزيا حتى يتغير مغزى الألوان.

 

فيرمز الأخضر لازدهار الحياة والخصوبة، بينما يرمز الأسود للظالمات الممهدة لظهور النور (عندما يدخل إله الشمس عالم الموتى المباركين فيعمهم بالنور ويوقظهم للنظر إلى بهائه)، ويرمز لون (طمي النيل) الذي يخفى البذور وهى تنبت للبعث. أما اللون الأصفر فيأخذ مكان الذهب تلك المادة الخالدة التي لا يتطرق إليها الفساد والتي تجسد الشمس الخالدة واهبة الحياة… ولذا يكتب اسم الملك داخل خراطيش على خلفية صفراء، كما تشيع الخلفية الصفراء في غرفة الدفن بهياكلها الذهبية في أعماق القبور الملكية (بيت الذهب حيث يستريح الفرعون المتوفى).

 

وفى أحيان عديدة أستخدم اللون الواحد للتعبير عن أكثر من معنى فاللون الأسود مثلا كان لونا متناقضا حيث استخدم رمزا للبعث والحياة في آن واحد، لهذا لونت به تماثيل الإله أوزوريس، وتارة أخرى كانوا يلونونها باللون الأخضر تعبيرا عن الحيوية والشباب نقلا عن طبيعية هذا اللون في النباتات والأشجار.

 

وكان الرسامون يلونون بشرة الرجال باللون البني دلالة على القوة والاستمرار في العمل، أما بشرة النسوة والآلهة فكانت تلون باللون الأصفر إشارة للذهب. أما اللون الأبيض والأحمر دلالة سياسية ولا سيما بعدما وحد الملك مينا القطرين حيث كان تاجه أبيض وكان من الجنوب وتاج ملك الشمال أحمر، لهذا كان اللون الأبيض رمزا للقوة والنصر والطهارة، على عكس اللون الأحمر الذي اعتبر رمزا لسوء السمعة، لذا كان الكتبة في كتاباتهم يدونون الكلمات الشريرة بالمداد الأحمر وسط النصوص التي كانت تدون بالمداد الأسود. فالأحمر هو اللون الملعون للإله [ست] وهو لون الدموية ولون النيران.

 

وفيما يلي عرض لأهم هذه الألوان ودلالتها الرمزية بالتفصيل:

الأبيض

ويعد الأبيض منذ القدم من أكثر الألوان ميلا إلى المعاني الدينية والأفكار الروحية، لذلك استخدمه المصري القديم كلون مميز لثوب الكاهن دليلا على الطهارة والنقاء، كما استخدم كثيرا كلون للرداء الملتف به الإله [أوزوريس]، إلى جانب أنه كان لونا مميزا لتاج الوجه البحري لذلك اعتبره المصري القديم رمزا للسعادة والانتصار.

نبغ المصريون القدماء في صناعة الألوان والأصباغ المختلفة التي تقاوم عوامل الزمن كما يظهر من هذه اللوحة الخشبية الملونة للإله “حورس” (على يمين اللوحة) والتي ترجع إلى الفترة من 950 – 730 ق.

الأسود

ارتبط اللون الأسود دوما عند المصري القديم بفكرة العالم الآخر والبعث بعد الموت، ولذلك كثيرا ما لون به الإله [أوزوريس] إله الموتى (كان يلون كذلك باللون الأخضر)، وعلى العكس مما هو سائد اليوم ارتبط اللون الأسود عند المصري القديم بالخصوبة والحياة الأبدية حيث استخدم كثيرا في الأغراض الشعائرية الدينية وخاصة فيما يتعلق بالإله [انوبيس] إله التحنيط.

الأحمر

وقد كان اللون الأحمر في مصر القديمة لونا عجيبا ومحيرا، حيث كان لونا معبرا عن النار وقوى الشر، إلا أنه كان في ذات الوقت معبرا عن فكرة الحياة لارتباطه بلون الدم، بالإضافة لارتباطه بعقيدة الشمس، كما أنه اعتبر لونا ملكيا دالا على النصر، إلا أنه استعمل كثيرا على النقيض كإشارة على الانقلاب والعصيان. وقد كان اللون الأحمر مميزا لتاج الوجه القبلي لذلك اتخذ منه المصريون لونا دالا على سوء السمعة والتمرد والشر.

 

وأكبر دليل على ذلك أنه كان اللون المميز للإله [ست] الإله العاصي، كذلك صورت به جميع العناصر اللعينة أو المخيفة سواء كانت هذه العناصر إنسانية أو حيوانية حتى أنه في الكتابات التي كانت تدون على الحوائط أو على أوراق البردي كانت الكلمات التي تتضمن المعاني الشريرة أو الكريهة تكتب باللون الأحمر بينما يكتب باقي النص باللون الأسود المعتاد.

الأصفر

وقد استخدم اللون الأصفر كثيرا في أعمال التصوير المصري سواء بشكل نقى أو مخلوطا مع غيره من الألوان، حيث كان هو اللون المعبر عن الذهب كما كان يمثل الطبيعة البشرية (لحم الآلهة)، كما أنه استخدم مخففا كبطانة أو أرضية أولية لغيره من الألوان.

الأخضر

يعد اللون الأخضر من أحب الألوان في الحضارات الشرقية القديمة عموما، حيث ارتبط عند المصريين بمفهوم النمو والنضارة والحيوية والشباب الدائم، كما أنه ارتبط كذلك بإعادة البعث واستخدم كثيرا كرمز للإله [أوزوريس] في ردائه المعروف.

الأزرق

في عهود الدولة الحديثة ظهر الإفراط في استخدام اللون الأزرق [التركوازي] المشهور بعلاقته ورمزيته الدينية وارتباطه بالإله [آمون رع]، رمزا وتعبيرا عن لون السماء .

أقرأ أيضاً:-

الرسام فى مصر القديمة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا