نحاول لنعيش
جهاد سعيد
لم يتوقف العالم لحُزني،
ولم تتوقف الكرة الأرضية عن حركة دورانها لأجل إرهاق روحي،
ولم يظل الأصدقاء كما هم معي لأجل حزني.
كل يوم أخبر نفسي أنني في الغد سأكون أفضل، ولكن الحزن يأكل جدار قلبي كل صباح.
كل يوم بالمساء أقول لنفسي سيراسلني صديقي الساعة القادمة قبل انتهاء اليوم وبمراسلته سأكون أفضل،
ولكن يوم يأتي بعد يوم حتى صار اليوم شهرًا، وحتى صار الشهر عامًا ولم يراسلني، وأصبحت بذلك أشد حزنًا، وهلكت تمامًا.
عندما أحزن أتذكر كل مرة خاب أملي بسبب صديق،
كل مرة خُذلت من نفس الجهة،
كل مرة أشعر بنفس الشعور بقسوة،
كل مرة نفس الحُزن،
وكل هذه المرات تُصيب الجانب الأيسر من جسدي بوجع شديد وكأن سهم رمح رشق به!
الإنسان هو من يُخطيء بحق نفسه دائمًا،
يخطيء عندما يأمن لأحدهم دون ضمان قوي،
وضمان الإنسان الوحيد هو الطمأنينة في كل خطوة سير.
خطأ الإنسان الفادح في هذا العالم أنه يشعر، يشعر بشدة.
العالم يُحب كل ما هو متبلد في مشاعره.
أدركت مُؤخرًا أنه لابد للإنسان أن يعيش في ركن بعيد لطالما أنه يشعر ويدقق في التفاصيل، ويتخذ الأمور على محمل الشعور والتركيز في التفاصيل الصغيرة، وتلك العيشة هي عيشة مؤلمة حقًا -العيشة في ركن- لكنها صحية كثيرًا للإنسان دون تعب كل ليلة وبكاء من بعد فلان وتغير فلان.
أخبرت نفسي بعد ركل كومة الأحزان، أنني أملك قلبًا جميلًا للغاية،
وأنني عندما أحب أحب بشدة،
ولا أمنع عطائي عن أحد، سواء بإنصاتي له أو بنظرة عيناي الجميلتان أو بحديثي الجميل.
أنا نفس من صنع الله تستحق الحب ، تستحق الأمان، تستحق أن تعيش مطمئنة في طرقها، نفس تستحق أن تشعر أن لها قيمة ولا تشعر لحظة بالهلاك بسبب السير في جهة خاطئة.
سأكون ذاك الإنسان الجميل الشجاع ، الذي يسير بمعيّة الله وعونه فقط، إنسان مكتفي بمحاولاته للحفاظ على نفسه، واضع كل شعور حُلو في سبل إسعاده هو فقط.
فلا صديق يستحق الحزن بعد بُعده عني عمدًا،
ولا طريق مقفول يستحق كل ذلك اليأس، هناك طرق أخرى تستحق المحاولة.
لا العالم سيتوقف من أجلي وأجل حزني،
ولا الكون ستنقلب ثوابته من أجلي أيضًا، لذلك سأحاول مرة أخرى، الله معي فأنا بأمان.
