مقالات

الإنسَانُ : سَعيٌ وَ وُصُول

 

قلم : أَحْمَد فَوْزي

 

قال تعالى

” وَ قُلْ اعملوا فسيرى اللّٰه عملكم “

مرحلة ما قبل السعي :

لعلَّ المشاكل النفسية لدى الشباب مؤخرا تترواح بين أسباب متشجرة و عدة .
لكن في الحُسبان نأخذ حسابًا بعينه ؛
أن فراغ النفس و شغلها له الدور الأعظم في رضا المرء عن نفسه أو سخطه .

الإنسَانُ : سَعيٌ وَ وُصُول
الإنسَانُ : سَعيٌ وَ وُصُول

و ليكن ما كان من مشاكل عاطفية و نفسية و أفكار مبحطة بداية من الحزن القليل إلى الحزن الشديد إلى الاكتئاب القانط ،يكون الحل هو العمل .

نعم فإن العمل فطرة وليده بميلاد المرء مع اختلاف مراحله من نعومة أظفاره إلى اشتعال البياض في رأسه .

 

السعي مقدمة الأعمال :

هنا يكون الدور في السعي

يقول اللّٰه في كتابه العزيز :

“و أن ليس للإنسان إلا ما سعى .. و أن سعيه سوف يرى “

في دائرة الحياة الغير نهائية كل ما نحاكيه من نية و قول و فعل و ما يحوينا من حدث و زمان و مكان و كل أولئك ينتمون إلى السعي .

السعي استمرار كل ما سبق ذكره في الحياة لغرض الوصول .

و هنا العمل يقتضي السعي أي الاستمرارية
ليش شرطاً أن يكون عملاً بعينه و لكن الشريطة في جوهر العمل .

أي أن يعمل الإنسان لغرض الوصول .
و هنا الوصول الساكن في أذهاننا ليس مشروطا .
فإننا كل يوم نصل لغاية جديدة بعملنا و بشغلنا و نحن لا ندري .

فلو تأملنا لبُرهة صغيرة ، سنرى أن كل نتيجة ما هي إلا سبب لنتيجة أُخرى .
و كل محطة وصول هي في الجوهر محطة انتقال لوصول آخر .

 

الوصول يخيف أكثر ما يُحفز :

فأكثر وقوع الشباب دائما في فخ واحد،أن المرحلة العمرية فيها وصول واحد .
بل إن نقطة وصول واحدة فقط و دونها مجرد عبثيات حياتية لا قيمة لها .

فمثلاُ طالب في سني هدفه الوصول لوظيفة ما .
هنا في اعتقادي أن الوصول في حياتي كلها ليس إلا في تلك الوظيفة،لم أحسب أن الدراسة سبب سعي لها .
و أن الوظيفة التي هي وصول في معتقدي مجرد سعي لوظيفة أُخرى .
و أنني إن لم أحصل على تلك الوظيفة فإنني ههنا لم أصل .
كل أولئك حقيقة تراهات أكثر ما هي جِديات .
فإن كل غد وصول لسعي أمس .
و هلم جرا إلى ما نهاية من السعي و الوصول حتى بياتنا في بطون القبور .

 

إذن العمل هو إرضاء النفس لذاتها آنما تخرج السجية العاملة المنشغلة في إعمار الأرض .
في صورة سعي مستمر .
و السعي غايته الوصول و الوصول له أكثر من صورة .

بين السعي و الوصول سر من اللّٰه :

و بين العمل الذي هو في جوهره سعي و الوصول الذي في جوهره غاية السعي .
هناك الإخلاص و هو شريطة جميع ما سبق .

يقول اللّٰه سبحانه في حديثه القُدسي :

الإخلاص سر مني استودعته قلب مَن أحببت مِن عبادي”.

فإن السعي و الوصول يشترط سر من اللّٰه و هو الإخلاص
حينها ستَتَداركنا سريرة عظيمة لم نحسب لها شعورا :
الأعمال الصغيرة_ مهما بلغت من الصغر _
التي نتقنها فنحسنها و نخلص فيها و الغاية فقط الشعور بالاطمئنان و الرضا ، قد احتوت على كل مقومات السعي و الوصول .

‏ذلك في العمل و السعي بإتقان ؛ و هو الإخلاص و هو سر من اللّٰه ، و النتيجة و الوصول لا نتفكر فيها بشائبة و سوء ظن بل إننا تيقنّا أنَّا واصلون للغاية و هي راحة النفس و طمائنينتها .

فهذا يُنبهنا لشيء هام ، فصغائر الأمور هي ما تغير حياتنا ليس لأنها كالقش القاسم ظهر البعير .
بل إن الأمور الصغيرة وحدها قادرة على قياس الإخلاص و الإتقان فينا و هو ما يفيء إلى السعي و الوصول في أسمى صورها .

 

معادلة الحياة :

لو أردنا وضع معادلة للحياة نؤوب لها كمرجع وثيق سنرى أن :
العمل + السعي + الإخلاص + الإتقان + الحب بالعقل + الحب بالعاطفة =

الغاية + الوصول + النتيجة المؤقتة + الانتقال + السبب و تحويل النتيجة لسبب لنتيجة ثانية =
عملية الجمع الأولىٰ + عملية الجمع الثانية إلى ما لا نهاية =

الحياة في جوهرها سر من أسرار اللّٰه

هذه المعادلة حينما نهمُّ لفعل شيء ما فهو يقتضي جميع ما سبق من جمع لا نهائي .

الذي بدوره يبين مدى أن الإنسان مخلوق عظيم عند اللّٰه
و مهما كان العمل المُخلَص صغير فهو عند اللّٰه أثقل من الطود العظيم .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا