التاريخ والآثار

أبيدوس هي كعبة المصريين القدماء

بقلم : علي سرحان 

 

تضم من بين أهم آثارها القائمة حتى الآن مصارعا الزمان ومطاولا عنان السماء، معبدها الخالد معبد الملك سيتى الأول.

المعبد الذى أنشأه سيتي الأول لإثبات ولائه لربه أوزير ولكى ينال هو شخصيا التقديس فيه مثل أرباب المصريين القدماء؛ ويعد بحق واحدا من أجمل المعابد فنيا ومعماريا فى مصر على الإطلاق.

تتبع منطقة أبيدوس مركز البلينا بمحافظة سوهاج وتقع على حافة الصحراء الغربية، وقد عرفت قديما باسم “أبجو”، وأبدلت الجيم إلى دال “أبدو” ثم أضيف إليها المقطع (وس) فى العصر اليونانى؛ فأصبحت “أبيدوس” باسمها الحالى.

وكانت أبيدوس قديما هي العاصمة الدينية للإقليم الثامن من أقاليم مصر العليا (تا- ور) أي (الأرض العظيمة)، و مقرا رئيسيا لعبادة أوزير (أوزيريس) صاحب الأسطورة الشهيرة وعبدت معه زوجته  أسة (إيزيس) وابنهما حور (حورس).

وقد حظيت المنطقة بتقديس وإجلال المصريين لها فى مختلف العصور بسبب اعتقادهم أن رأس ربهم أوزير قد استقرت ودفنت فى هذا المكان، لذا فقد أقام المصريون بها الأعياد كل عام احتفالا باوزير.

أما عن فكرة الحج لابيدوس فقد كانت أمنية كل شخص، أيا كان مستواه الاجتماعي أن يأتى للحج إلى المدينة حاملا إليها اللوحات النذرية التي تشهد وتخلد ذكرى حجه لهذه البقعة المقدسة؛ أو قد يحالفه الحظ فيدفن بها بعد موته؛ فتكون مقره الدائم ليتقرب إلى ربه المهيمن على الأخرة في معتقده أوزير؛ وذلك لما للمدينة من قدسية دينية كبيرة.                                            

وقد بني هذا المعبد فى عهد الملك سيتى الأول وأكمله من بعده ابنه الملك رمسيس الثاني ثم أضاف إليه حفيده مرنبتاح بعض الإضافات الخارجية.                                          

 وقد رأى سيتي الأول أن يتقرب من مواطني الإقليم  لإثبات ولائه لربهم أوزير خاصة وأنه قبل الحكم كان منسوبا إلى ربهم الشرير ست، فنسب نفسه إلى أسة زوجة أوزير وبنى لزوجها أوزير وابنهما حور معبد؛ وتمجيدهم وأرباب مصريين آخرين مع كل من سبقوه من ملوك فى حكم مصر على مر التاريخ من خلال قائمتين متقابلتين واحدة    بأسماء الأرباب والأخرى بأسماء من سبقوه على عرش مصر؛ نقشته في ممر قائمة الملوك داخل المعبد.

يشبه المعبد فى تخطيطه حرف L، ويبدأ بحوضين للتطهير على جانبي المدخل ثم واجهة المعبد وبها سقف يرتفع على ١٢ عمودا مربعا من الحجر الجيري، ثم صالتي أعمدة؛ الأولى بها ٢٤ عمودا فى صفين يتوسطهما المدخل، وشيد تلك الصالة الملك رمسيس الثاني، والثانية شيدها سيتى الأول وبها ٣٦ عمودا على مستويين من الإرتفاع؛ أولهما يضم ٢٤ عمودا، والثانى يضم ١٢ عمودا، ومن خلال درج فى نهاية تلك الصالة يصل الزائر لما يسمى المقاصير السبعة وهى لستة أرباب (حور – إسة _ أوزير – أمون رع – رع حور آختي – بتاح) والسابعة كرست لتمجيد سيتي الأول نفسه.

وفي نهاية مقصورة أوزير المفتوحة ما يسمى بملحق الثالوث الأوزيري، وإلى اليسار من مقصورة سيتي الأول ملحق بتاح سوكر، وبجانبه ممر على جدرانه قائمة الملوك الشهيرة، التي كتب فيها أسماء جميع الملوك الذين حكموا مصر منذ مينا حتى سيتي الأول باني المعبد ويقابلها قائمة الأرباب، ومن هذا الممر يصل الزائر إلى عدة حجرات تعددت استخداماتها ما بين حفظ التماثيل، وذبح القرابين والأضاحي التي تقدم للأرباب. واحتوى المعبد أيضا على مقصورة، ربما استخدمت كمكتبة؛ حيث نقش على جدرانها الملك مرنبتاح، ومناظر خاصة بصناديق ربما كانت تحتوي على وثائق هامة.

وتولى الدولة اهتمامًا  بالغًا  بالمنطقة؛ إذ نالت التطوير المتعاقب أكثر من مرة، وتضج بعثات الحفائر وعلماء الاكتشافات من مختلف بلدان العالم، وتحظى جامعة سوهاج بفريقي بحث من علماء قسم الجيولوجيا والآثار المصرية يواصلون الليل بالنهار لإيجاد حلول للمياه الجوفية وظاهرة التجوية والتملح التي تهدد آثار المنطقة، كما تسعى المحافظة من خلال صندوق تنمية صعيد مصر لتمويل البنك الدولي لإحداث نقلة نوعية للمنطقة بخطة تطوير مقدمة مني شخصيا، كما تضم الخطة مقترحا لإنارة المعبد وتمهيد ممر من الحجر الرملي يربطه بمعبد رمسيس الثاني لتسهيل مسار الزيارة.

 

إقرأ أيضًا:-

نظم ومعايير فصل الشتاء عند المصريين القدماء

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا