الكوخ العظيم
أحمد فوزي
أيها العابر في الحياة دعك من صراطك
و اتبعني .
و لا تقل في خُلدك مجنون
و تتركني .
تعال معي إلى الكوخ العظيم .
****
حيث بساتين من المرمر
و قوالب من الذهب
و جداول من الكوثر
في رياض الكوخ العظيم .
***
تعال
و شد الرحال
و اتبع لاوعيك في سويعات الصفا
أو سنون المزاج الأليم
****
كم من مرة تلوذ إلى الوهم
بل من الحياة و قواسم الظهر
من ذنوب الأمس الميت
تحيي شعائره بادئة و خاتمة كل دهر
فتعال معي
حيث يداعب الضبع الفراش و الريم
*****
أغمض عينيك
و صُم أذنيك
واتبع حدس جوارحك
و تعال
أتذكر حبيبك الأول ؟
و منازل هواك إن تعددت
و مقاصد صبابتك إن ترددت
أليس ذلك بعذاب أليم
*****
فتعال
إلى الكوخ العظيم
أتذكر ساعة الاحتضار ؟
و مخافة انسلاخ الروح جيفتك
أتخاف النار ؟
أم تراه فراق أحبتك وعطيتك
في بعد هزيم
*****
أتذكر التبغ والدخان ؟
إكسير الهوى و الوهم
و نخر العظم
و الاتهام بالسفه و القصف بضعف الإيمان
و بُعد كل خليل
و قُرب كل غريم
****
أنسيت مؤانسة الانطواء ؟
يهرول قِبلتك حفيف الأفاعي
و يزحف إليك سرب العنقاء
طوعًا
رميت نفسك في قاع الجحيم
*****
أنسيت الضحى والسحر والسمر ؟
وتواشيح البروج وأناشيد القمر
و بكاء الأشجار و صراخ المطر
آنها
ودعت العالمين بلا رجعة
وسلمت روحك لوقائع القدر
ظُفرانًا بغُرف النعيم
****
أحضرت و كنت غائبًا ميراث مشاعرك ؟
بايعوا مقتلها و تقاسموا بيعها
حبيبك باعها
بأبخس شروة تزكى بها نخاسها
كأنك سُليةً يخوض فيها الشاري ويلعبها
كان عباءة حبيب و في جسم خصيم
******
افتح عينيك
أجئت الكوخ العظيم ؟
ماذا ترى ؟
أمندهش ؟
لا ترى جداول الكوثر
ولا ترى حدائق المرمر
و لا ترى قوالب الذهب
ما رأيك في ذاك العجب
أتريد العذاب أكثر ؟
الكوخ العظيم هو العذاب الأليم
من اقترتَ عليه الفرح فجاءك فرح عديم
من استخسرت فيه المظفرة فجاءك خُسران هزيم
******
في صفد الهوى الكوثر العظيم
تراه
يراك
تتودده
يتمناك
في سُكر وهيم
خلقته
وأحببته
وفارقته
ولعنته
وعذبت ذكراه
وجعلته حفرة من بقايا الرميم
ترىٰ يا سجين وهمك
هل ستعود إلى الكوخ العظيم ؟؟
