مقالات

للحقيقة وجوه أُخرى

 

كتبت: آيات مصطفى

 

نشأنا صغارًا بقلوبٍ ممزقة على دولنا العربية، وهي تعاني ويلات الحرب تارة بين بعضها البعض وتارة ما بينها وبين دولٍ طامعة في خيراتنا وعروبتنا ، القلب كان يعتصر على فلسطين المحتلة ومازال ينزف ولا يجد من يطيبه فلا مجلس أمن منتبه ولا جامعة دول تنصف وفلسطين تنزف كل يوم وتزف شهداء مابين شباب وأطفال وشيوخ ونساء لم يفرقوا ولم يشفعوا لضعفهم وقلة حيلتهم ولم يلتفت لهم أحد ولم تهتز لهم دول الغرب ولم توقع على الجاني عقوبات بل وبكل دمٍ بارد يتم اتهامهم بالأرهاب ليس لشيء غير أنهم يدافعون عن أنفسهم وأوطانهم وحريتهم فهم لا يملكون أسلحة نووية ولا يملكون رفاهية عيش لتمكنهم من الترحال من ديارهم بل وغير مرحب بهم من جميع الدول الغربية .

للحقيقة وجوه أُخرى
للحقيقة وجوه أُخرى

 

و نتعايش الآن مع حربًا جديدة حربًا ذات مغزى آخر فليست عدوان من أجل التوطين، ولا هي حرًبا من أجل الثروات، فالمُنتهك والمُستباح دولاً من الطراز الأول بل هي حرب بقاء واستقواء ،ولكن ما يستدعي اهتمامنا نحن كعرب أن لكل حرب مذاق وأثر فنحن لسنوات وعقود نتذوق طعم الغصة لدم عربي ينتهك ويسال بدون وجه حق ولا نجد دولاً غربية تندد ولا مجالس تعقد ولا مساعدات ترسل، إلا القليل جدا هنا أو هناك مما رحم ربي ونجد الآن الحناجر عالية للمطالبة بتوقيع العقوبات على روسيا واتحادات من دول تعقد لفحص كيفية ردع هذا الانتهاك والعدوان ، يا إلهي !! ؛ ألهذا الحد دمنا العربي الحر صار هينا!! أم أن دمهم البارد ثمينًا ونفيس وتهتز له دولاً وعروش .

للحقيقة وجوه أُخرى
للحقيقة وجوه أُخرى

 

فنجد منذ أول ساعة لإعلان الحرب والاجتياح الروسي على أوكرانيا تهتز دول العالم وترتفع الأسعار بحجة الحرب الروسية على أوكرانيا و مع إننا لا ناقة لنا فيها ولا جمل ولكننا نتحمل أعباء وعقوبات وندفع ثمنًا باهظًا من عروبتنا، فها هي أطفال فلسطين كانت تقتل بدمٍ بارد، ولم نرى ذهبًا يرتفع ارتفاع جنوني أو بترول يرتفع ثمنة ولا سلعًا تكلفتها تصل للذروة ،فكم من مذابح ومجازر حدثت ولم تهتز لها عروش الدول فمن منا ينسى مذبحة صبرا وشاتيلا، و مذبحة الخليل ،وحرب الرصاص المصبوب على غزة؟ ومن منا يستطيع أن يبرئ عروبته من دم الطفل الشهيد محمد الدرة الذي ارتمى في أحضان والده يحتمي من رصاص الغدر فلم يجد غير جسدًا ممزقًا وقلوبًا من حجر ألهذا الحد دمنا العربي رخيص !!!

للحقيقة وجوه أُخرى
للحقيقة وجوه أُخرى

 

كل المنصات والقنوات الفضائية تتحدث الآن عن مذبحة ماريوبول و بوتشا ونجد تعاطف ودموع تذرف ومساعدات ترسل ودول ترحب بالنازحين، ولكن هل نسينا تدمير حلب ،واجتياح العراق ،وتمزيق ليبيا من جميع الأعراق أمريكان وروس وبريطانيين وفرنسيين تحالفوا على انتهاك ثروات العروبة بحجة القضاء على السلاح النووي العراقي تارة ،والقضاء على الإرهاب المحتمل تارة ،و ماهي إلا حججًا واهية لنهب ثروات البلاد وتدمير هويتها العربية والقضاء على حضارتنا العربية فهل من لبيب يفهم ويتعلم من جميع تلك الأحداث الجارية .

للحقيقة وجوه أُخرى
للحقيقة وجوه أُخرى

 

ولنا هنا وقفة مع الذات لنتعلم الدروس المستفادة مما يجري حولنا على مر التاريخ و أولها ألا ننخدع بالشعارات الرنانة للدول الراقية المتقدمة التي تتغنى بحقوق الإنسان وعدم التمييز بين دين وعرق ولون ونحن يجب أن نعلم أنها مجرد أكاذيب واهية تخفي وراء ستارها ألاعيب شيطانية و وجوهًا أو أقنعة مشوهة ، وهاهي الحرب الروسية على أوكرانيا شاهد عيان وخير دليل على ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين في التعامل مع الأزمات التي تواجه العالم والتي عرفنا من خلالها أن العالم ينقسم إلى شعوبًا راقية ذات أهمية وشعوبًا قد يرون أنها متخلفة ليس لها ثمن من وجهة نظر الغرب فها هي الشعوب الأوربية تستقبل النازحين من الحرب الروسية بكل حفاوة وكرم ويوفرون لهم المشرب والمأكل والمأوى والعمل فقط لأنهم أوروبيون بعكس الفارين من أوطاننا العربية من ويلات الحروب التي هم أنفسهم سببًا رئيسيًا فيها فبقوا عالقين على الحدود غير مرحب بهم ، ويتركوا للجوع والبرد ينهش في ما بقى لهم من قوة ، فمتى نستفيق من سباتنا العميق و غيبوبتنا العربية ونتعلم الدرس ونعلمه لأبنائنا وشبابنا المتطلعين إلى الهجرة لدول تحترم الحرية واهمين أنهم إذا تنازلوا عن جنسيتهم وهويتهم العربية سينالوا العزة والكرامة، ولم يفطنوا أنهم بتنازلهم عن هويتهم وعروبتهم فهم يتنازلون عن ما بقى لهم من كرامة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا