التاريخ والآثار

نشأة الدولة العباسية الجزء الثاني .

بقلم/ يوسف محمد

إن الطريقه التي قامت بها الدولة العباسية لم يسبق أن قامت بها اي دولة أو خلافة إسلامية أخري حيث قامت الخلافة الراشدة على أساس الشورى وأيضاً الخلافة الأموية قامت على نفس النمط وهو الشورى بعد تنازل الحسن بن علي عن الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان لكن قيام الدولة العباسية جاءت على هيئه ثورة ضد الأمويين فبدأوا دعوتهم من أواخر القرن الأول الهجري وكان من دهاءئهم اختيار المكان والزمان حتي الأعوان وكل هذا لنجاح خطتهم.

ذكرنا في السابق خطة نصر بن سيار والحرب الدعائية ضد الدولة العباسية فكان لابـد من الصـدام بينهم لتحديد الموقف السياسي والعسكري واتعمد ابو مسلم الخراساني إلى أسلوب المزج بين السياسة والقوة العسكرية بهدف التفريق بين القوى الخراسانية المختلفة ودفعها للاصطدام حتى لا تتحد كلمتها ويقوى أمرها وهذا يشكل خطراً على دعوة آل عباس فنجح بدهائه في الإبقاء على العداء بين الوالي الأموي في خراسان ضد نصر بن سیار وخصومه
لكن نجح في القضاء على خصومه والتفرد بحكم خراسان.

ذكرنا سابقاً العصبية القبلية والصراع بسببها كان قد اشتد في خراسان وكان ذلك في صالح الدعوة العباسية حيث استغل العباسيون الصدام وبدأ يجمعهم حول قضية واحدة تؤلف بينهم فنجحوا في ذلك ودخل في الدعوة عدد كبير من العرب من كل القبائل.
وعندما جاء أبو مسلم الخراساني عمل على استمالة أحد جوانب الصراع إلى جانبه من جهة كما عمل على إنهاء الصراعات بين مختلف الجوانب لإضعافها من جهة أخرى وهي العباسيين
واستعان ابو مسلم إلى القبائل اليمنية التي كان يتزعمها جديع بن علي الكرماني
عمل أبو مسلم بعد نجاحه في استمالت جديع على حدوث الصراع بين جديع وبين نصر بن سیار لكن تمكن نصر من قتل جديع الكرماني.

ثم قام أبو مسلم باستمالة ابني جديع وهما علي وعثمان إلى جانبه ووعدهما
بمساعدتهما في أخذ ثار أبيهما من نصر وأنصاره فانضما إلى أبي مسلم وعمل على ضم شيبان بن سلمة الحروري الذي كان قد جاء إلى خراسان بعد الهزام الخوارج في الجزيرة علي يد مروان بن محمد فبخل شيبان في صف الكرماني ولم يقبل عرض الذي قدمه إليه نصر .

ثم حدث محاولة من قبل بعض العرب لجميع القبائل العربية كلها ضد أبي مسلم وتوسط يحيى بن نعيم بن هبيرة الشيباني زعيم ربيعة بين اليمنية والمضرية لجمعهم ضد أبي مسلم الذي رأى فيه شخض يشكل خطراً يمكن أن يقضي
عليهم جميعا ورغم أن هذه المحاولة نجحت في بادي الأمر إلا أن أبا مسلم تمكن من فك هذه الموادعة وأرسل إلى شيبان الحروري لموادعته كما أرسل سليمان بن كثير الداعي العباسي في إقليم خراسان أرسله لابن الكرماني لإثارة حفيظته على نصر لقتله أباه ونجح الاثنان في نقض الصلح الذي انعقد بين العرب وهكذا عاد تحالف الكرماني وأبي مسلم من جدید ثم سعى نصر إلى مصالحة أبي مسلم لكنه رفضه واختار التحالف مع الكرماني لعلمه أن نصرا كان يهدف إلى تهدئة الموقف حتي تأتيه الإمدادات التي أرسل في طلبها إلى مروان بن محمد الخليفة الأموي وهكذا استطاع أبو مسلم بالتعامل الذكي مع الأطراف
المتنازعة أن يتفادى اجتماعها ضده وسوف يعمل على القضاء عليها جميعا واحدا تلو الآخرة .

واستمر الخلاف بينهم حتي العباسية تمكن الخليفة الأموي مروان بن محمد من كشف الإمام الذي يدعو له أبو مسلم الخراساني وشيعته وأنه إبراهيم بن محمد ابن علي العباسي فأرسل إلى والي دمشق الوليد بن معاوية بن عبد الملك يأمره باتخاذ الإجراءات للقبض على إبراهيم الإمام فقبض عليه عامل البلقاء وأرسله إلى دمشق ثم أرسل إلى جران حيث اتخذها مروان بن محمد عاصمة له انذاك فسجنه مروان وانتهى الأمر بوفاته في السجن وكان إبراهيم الإمام قد وصي اهل بيته عند ما قبض عليه وأمرهم بالمسير إلى الكوفة وأوصى إلى أخيه أبي العباس عبد الله بن محمد بالإمامة من بعده فسار أبو العباس ومن معه من أهل بيته، ومنهم أخوه عبد الله (أبو جعفر المنصور)، وأعمامه داود وعيسى وصالح وإسماعيل وعبد الله وعبد الصمد وكذلك بعض أبناء إبراهيم وبنو عمومتهم فقدموا الكوفة في صفر (سنة ١٣٢هـ) فأنزلهم أبو سلمة الخلال دار الوليد بن سعد مولى بني هاشم وكتم أمرهم نحواً من 40 يوما وذلك لأن أبا سلمة لما بلغه خبر مقتل إبراهيم الإسام في سجن الخليفة الأموي فكر في نقل الخلافة إلى العلويين ربما لأنه ظن أن العباسيين ليس فيهم من يستطيع الإهتمام بمهمة الخلافة بعد وفاة إبراهيم الإمام أو لأنه رأى أن تأييد الناس لخليفة من العلوبين سوف يكون أقوى خصوصاً وأن هواه كان علوياً من قبل حيث كان احد أتباع أبي هاشم أو ربما لأنه أراد أن يلعب دور صانع الخلفاء وأيا كان الأمر فقد راسل أبو سلمة ثلاثة من العلويين هم جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي وعبد الله بن الحسن وعمر الأشرف بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي إلا أنه لم ينجح في إقناع أي منهم في القيام بمهام الخلافة ولم يلبث أمر أبي سلمة أن انكشف من قبل دعاة العباسيين وقادتهم حيث تمكن أبو حميد محمد بن إبراهيم الحميري المروزي أحد قادة العباسيين من معرفة مكان أبي العباس وأخرجوه ثم بايعوه بالخلافة في ١٢ ربيع الأول سنة ١٣٢ هـ وبذلك تم إعلان الخلافة العباسية وأصبح أبو العباس أول خليفة عباسي وكان عليه أن يتم القضاء على الأمويين وبقية أفراد البيت العباسي،وأخبر بذلك بقية الدعاة والقادة فجاؤوا إلى ويجهز على البقية الباقية من جيوشهم.

رأى أبو العباس بعد أن تمت له البيعة في الكوفة لابد وأن يتخلص من مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية فأرسل إليه عمه عبد الله بن علي الذي أوقع به الهزيمة على نهر الزاب أحد روافد نهر دجلة وأخذ يتعقبه في بلاد الشام حتى اضطر مروان للاتجاه إلى مصر فدخل الفسطاط ثم رحل إلى بوصير – من أعمال الفيوم – حيث قتله صالح بن علي العباسي في أواخر عام ١٣٢ هـ لينتهي بذلك حكم البيت الأموي ولينتقل مركز العالم الإسلامي من الشام إلى العراق.

مرت الدولة العباسية عبر تاريخها بعصور عدة ، لم تقسم تلك العصور حسب إنجازات وأسماء خلفاء بعينهم أو حسب ظروف طبيعية ولكنها قسمت حسب العنصر المسيطر عليها من فرس وترك ولم يكن لتلك العناصر من نفوذ في الدولة العباسية عن طريق الاحتلال ولكن كانت لهم السيطرة في بادئ الأمر بمحض إرادة الخلفاء من في العباس فمنهم من استعان بالفرس عند بداية الدعوة لآل البيت ولما تسلط هؤلاء على الخلفاء بعد قيام الدولة العباسية حاول الخلفاء الحد من قوتهم والاستغناء عنهم بجلب عناصر تركية االتي حلت محل الفرس ف سيطر العنصر التركي وعند ضعف الترك عاد الفرس للسيطرة من جديد على شؤون الدولة العباسية ولكن بشكل أكبر في ظل ضعفاء الخلفاء .
وتنقسم الدولة العباسية الي أربع عصور :
• العصر العباسي الاول من ١٣٢ ه‍ ل ٢٣٢ ه‍
• ‏العصر العباسي الثاني من ٢٣٢ ه‍ ل ٣٣٤ ه‍
• ‏العصر العباسي الثالث من ٣٣٤ ه‍ ل ٤٤٧ ه‍
• ‏العصر العباسي الرابع من ٤٤٧ ل ٦٥٦ ه‍

المصادر والمراجع :
• الكامل في التاريخ ل ابن الأثير
• ‏التاريخ العباسي والفاطمي ل احمد مختار العبادي
• ‏الدولة العباسية ل بدر عبد الرحمن
• ‏تاريخ الدولة العباسية ل سهيل طقوش

إقرأ أيضًا:_

الخديوي إسماعيل 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا