مقالات

الأم في حياة العظماء ..

 

 

كتبت: منى النجار 

 

في غضون أيام قليلة ستبدأ الاحتفالات بعيد الأم تكريمًا لكل أم علي جهدها وعملها الشاق وسهرها وتعبها في تربية أولادها .

 

وكما أمرنا به أيضًا ديننا الإسلامي في القرآن والسنة حين أوصانا الرسول صل الله عليه وسلم “أمك ثم أمك ثم أمك” 

 

كما برز دور الأم في الديانة المسيحية وتخليدا لأثر _والصلاة في هذا اليوم_ الذكري السيدة العظيمة الطاهرة مريم العذراء .

 

و لا شك أن للأم دور كبير في حياة أبنائها ، ومهما تعددت أدوار المرأة يظل دور الأمومة دورا رئيسيا في حياة المرأة .

لما تقوم به من دور بارز وتأثير بالغ في تكون شخصيات الأبناء .

الأم في حياة العظماء ..
الأم في حياة العظماء ..

 

وفي هذا اليوم يتفنن الأبناء في إسعاد أمهاتهم وإدخال السرور على قلوبهم  الأحياء منهم والأموات ؛ بهدايا ومقتنيات تدخل السرور لفؤادهم أو ربما بعمل خير أو دعاء أو صدقة جارية تشفع لهم وترفعهم درجات في الآخرة ..

 

كما أن التاريخ حافل بأمثلة لدور الأمهات في حياة العظماء

 

ومن أشهر الأمثلة في التاريخ الإسلامي :

 

*السلطان محمد الفاتح 

كانت أمه تأخذه وهو صغير وقت صلاة الفجر لتريه أسوار القسطنطينية وتقول له أن يا محمد تفتح هذه الأسوار .

فقال : كيف يا أمي افتح هذه المدينة الكبيرة. 

فتقول له بحكمة: بالقرآن والسلطان والسلاح وحب الناس . 

 

*سفيان الثوري 

والدة سفيان الثوري رحمة الله عليه ترعاه وهو صغير،فقد كانت يتيمًا مات والده وهو صغير وكان فقيرًا معدمًا ولكنه مولعًا بالعلم وطلبه ولكنه لا يملك ما لا ينفق منه على والدته وعلى نفسه. 

 

فلما رأته والدته أمه العظيمة ورأت حيرته وهمه .. قالت تلك المقولة العظيمة ” أطلب العلم وأنا أكفيك بمغزلي هذا “

فكانت تغزل بيديها وتبيع ما تغزله لتعلم ولدها،وكانت تعمل بجهدها 

لكي لا تضعف همته عن العلم ومجالسة الفقهاء والعلماء.

الأم في حياة العظماء ..
الأم في حياة العظماء ..

 

فعانت وتعبت وضحت بجهدها وعملها ونفسها ليصبح ولدها من طلاب العلم، واستمرت على ذلك إلى أن بلغ الصغير مراتب عالية من الطلب وأصبح سيدًا من سادات العلماء الكبار حتى قال عنه الإمام الأوزاعي رحمه الله عليه :

(لم يبق من تجتمع عليه الأمة بالرضا إلا سفيان )

وكيف لا يبلغ هذا المبلغ وقد رزق أمًا صالحة تتعهده بالنفقة والنصيحة وتحثه على العلم والمطالعة وتبذل كل الجهد حتى لا يحتاج قرة عينها وفلذة كبدها ولا يشغله شيء عن مقصوده. 

 

كيف لا .. وهي امرأة صبرت و قاست وعانت من أجل أن يبلغ ابنها أرفع المكانات فكيف ياتري جزاؤها بعد كل حديث رواه ابنها وكل أجر يكسبه ابنها فهو ثوابها .

الأم في حياة العظماء ..
الأم في حياة العظماء ..

*الإمام أحمد بن حنبل 

صفية بنت ميمونة رحمة الله عليها والدة عظيم من عظماء الأمة ورابع الأئمة المتبوعين وإمام الحديث ، فهو إمام أهل السنة والجماعة وقال عنه الإمام الشافعي 

“خرجت من بغداد وما خلفت بها أحدًا أورع ولا أتقي ولا أفقه من أحمد بن حنبل “

فهذا العالم الجليل كانت وراءه امرأه تقية نقية صابرة محتسبة عندما مات زوجها وأحمد صغيرها في كنفها، فربته وعلمته الكتاب والسنة و كانت تحثه على طلب العلم والذهاب إلى حلقات العلماء 

وكانت تسعى جاهدة في تربية ولدها ،فكانت توقظه قبل صلاة الفجر وتحمي له الماء وتخرج معه إلى المسجد خوفًا عليه ثم كانت تنتظره في الخارج حتى يعود وتسير معه،وكانت تطمح نفسها إلى أن يكون عالمًا مهابًا يملأ الدنيا فقها وعلمًا. 

 

ولم يخيب الله رجائها وقد جنت ثمرة تعبها وكدها عليه ،فقد أصبح نور عينيها  سيد العلماء بل أحد أهم الأئمة المتبوعين،حيث حفظ الله به السنة وأصبح يلقب بإمام أهل السنة. 

 

إنها الأم الصابرة الصالحة التي نذرت نفسها ووقتها وجهدها لتربية ولدها على الدين والأخلاق وحب العلم ورفعة الدين وسمو مكانته. 

 

كلها نماذج وأمثلة كيف ينشأ أشخاص عظماء على يد أمهات أعظم 

 وصدق الشاعر أحمد شوقي :

الأم إذا أعددتها….. أعددت شعبًا طيب الأعراق 

 

فأمك هي جيشك الأول والأخير هي وطنك وملاذك الآمن 

هي دعمك وسندك  وأمنك وأمانك وإيمانك بذاتك هي  النصيحة والمشورة  هي ثقتك وقوتك في هذه الحياة .. 

هي أنت في جسدًا آخر ..

 

فقد فاز ورب الكعبة من حظي بوجودها ودعائها وحبها ودعمها 

وقد خاب وخسر  من سخطت عليه أمه وماتت وهي غضبانة عليه

ويعوضه الكريم الرحيم من فقد أمه وتركته وحيدًا في هذا العالم بلا ملاذ ولا دعم ولا حضن ولا وطن يرعاه. 

 

فاحرص على برها .. تربت يداك  .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا