مقالات

حواء لم تخلق للإهانة

كتبت: نور عبد المنعم الحوفي

 

حواء لم تخلق لِتهان ولا لِيؤذي مشاعرها أحد، حواء خلقت لتكمل الرجل، فالحياة بغيرها تكن كالأرض البور التي لا زرع فيها، وبدون الزرع فلم نستنشق هواء نقي ولا نستطيع الحياة، فحواء هي الأم والأخت والزوجة والحبيبة، فلم تأتي أنت أيتها الطاووس المتعجرف لِتقوى عليها وتظن بأن الحياة ستكون مبهجة بألوانك فهى حواء التي بدونها ربما لم تكن أنت وجدت على الإطلاق.

 

حواء لا يعرف قلبها سوى الرحمة والرأفة والحنان فقلبها كالندى المبلل الذي يزين الأشجار وينزل عليها لترتوي بها، لم يكن قلبها حاملًا للقسوة ولا البغضاء وإن حدث فإن ذلك يكون بسبب تداعيات الحياة وضغوطها عليها ولكنها في جميع الأحوال تكن حواء التي كرمها الله سبحانه و تعالى ووصى عليها رسوله.

 

ومع ذلك يأتي اللئيم ليهين بالضرب بالسب بالقصف بكل أشكال الإهانة، لم أرى شخصًا سويًا في حياتي يعامل المرأة على إنها مجرد جامد يحركه كما يحلو له، فالشخص السوي يعرف بأن المرأة لها دورها ولها حياتها التي تستطيع أن تعيشها وليس كما يريد المتعجرف والمتكبر عليها، فلولا حواء ما خُلقت أنت حتى تتعالى وتنظر إلى نفسك بعين القوامة عليها التي تراها قوامة في ممارسة سُلطة اليد فقط وليست القوامة في العقل والمساعدة والمساندة.

 

دومًا تنظرون بأن المرأة هى ناقصة العقل والدين ولم تعرفون سوى هذه الجملة مثلها مثل مقولة الشرع محلل أربعة ولا تنظرون لباقي الكلام أنتم فقط تأخذون ما تريدون أخذه وتنكرون الباقية فلو تنظرون إلى الحديث ككل لم تقولون هكذا فهل النبي صلى الله عليه وسلم يوصي عليهم وفي نفس الوقت يهينهم فهل هذا يعقل مثلًا ويتقبله منطق.

حواء لم تخلق للإهانة
حواء لم تخلق للإهانة

فنص الحديث يقول ” عن أبي سعيد الخدري قال: خرج رسول الله ﷺ في أضحى أو فطر إلى المصلى، فمر على النساء، فقال: “يا معشر النساء تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار” فقلن: وبم يا رسول الله؟ قال: “تكثرن اللعن، وتكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن”، قلن: وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال: “أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل” قلن: بلى، قال: “فذلك من نقصان عقلها، أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم”، قلن: بلى، قال: “فذلك من نقصان دينها”

مبدائيًا كان ذلك في يوم عيد فهل كرم وأخلاق سيد الخلق بأن يهين النساء وفي يوم عيد، وثانيًا “ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن” فهل في هذا القول تقليل من شأنها أم زيادة قدرها حيث إنها قادرة على أن يذهب عقل الرجل الحازم القوى عندما يتعلق بها ونقصان العقل والدين هو شئ لا حيلة لها فيه، فهو شئ فرضه عليها لتكريمها وليس لإهانتها والتقليل من شأنها.

 

فحواء ليست جارية خلقت لتباع وإنما هى جوهرة خلقت لتُصان وليست تباع لمن يدفع الكثير فثمنها ليس المال ولكن ثمن إمتلاك قلبها وحياتها أيضًا هو تقديرها والحنان عليها عند الخطأ وليس تعنيفها وضربها والتعامل معها بمنتهى الوحشية كما لو إنها جامد لا يشعر فما عليه أن يتحرك لرغبة مالكه.

 

حواء لم تحتاج في حياتها طاووس متعجرف يعيش في دور ” سي السيد وأمينة ” فهذا الزمن انتهى، فهى تريد من يعاملها معاملة الرحمة والرأفة والمودة، أرى مثلًا متداول وهو ” أقرب طريق لقلب الراجل معدته” فوالله لم أرى طريق أقرب وأقصر لقلب المرأة سوى احترامها وتقديرها.

 

فحواء خلقت لتكمل الحياة وليس تهان بها، فلو تعامل المرأة على إنها هكذا فأنك لازالت لا تعلم قيمتها حقًا، فعليك بالحنو عليها في وقت الضيق ومعاملتها بالمودة والرحمة وليس العجرفة والتعالي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا