التاريخ والآثار

جامع السلطان أحمد في إسطنبول

بقلم الأثرية/ أسماء أحمد أبو قرن

تزخر مدينة إسطنبول التاريخية بالمنشآت المعمارية الأثرية التي تبهر الناظرين وتجذب قلوبهم قبل أبصارهم لما تحمله عبق الماضي العريق الذي يفوح بكل ما هو جميل .
ومن أحد أهم المباني الروحانية وهو جامع السلطان أحمد الذي يتربع وسط المدينة، واطلقوا عليه الأوروبيون(الجامع الأزرق ) نسبة إلي اللون الأزرق الذي يغلب علي الزجاج والزخارف والإضاءة ، وبما أن رؤية الزوار للمسجد عبر السنين قد اقترنت لديهم باللون الأزرق “Blue Mosque”.

حيث يُعتبر جامع السلطان أحمد واحداً من أهمّ المعالم التاريخيّة البارزة في مدينة إسطنبول، وقد تمّ إنشاؤه من قبل السلطان أحمد الأوّل الذي استلم الحُكم عام 1603م، وسعى لإكمال ما بدأ به السلاطين من قبله ببناء المساجد والأبراج على تلال إسطنبول.

حظي المسجد بمكانة خاصّة لدى السلطان أحمد الأوّل على اعتباره أكبر إنجاز تمّ على عهده، حيث تم الإنتهاء منه عام 1616م وافتتح المسجد للعبادة عام 1617م.
وقام المعماريّ ” محمد آغا” أحد تلامذة المعمار الشهير “سنان” بتصميم هيكل المسجد الأوّل بستّ قباب، وتمّ تزيين المسجد من الداخل بأكثر من 21 ألف قطعة خزفيّة من خمسين نوعاً مختلفاً كانت قد أُحضرت من ازنك وكوتاهيا يغلب عليها اللون الأبيض والأزرق.

يضمّ جامع السلطان أحمد ستّ مآذن عليها 16 شرفة، وقد اعتمد المعماريّون هذا الرّقم إشارة إلى ترتيب السلطان أحمد من حيث تسلسل تولّي عرش السلطنة.
وعلى الزاوية الشماليّة الشرقيّة من الفناء الخارجيّ للمسجد يقع قبر السلطان أحمد.
من أهم الميزات الأخرى التي تميّز جامع السلطان أحمد عن غيره من المساجد العثمانيّة أنّه أول مسجد يحوي ممرّاً من قصر السلطان إلى المحفل الذي يصلّي فيه السلطان وحاشيته المسمى hünkar mahfili.

جامع السلطان أحمد في إسطنبول

موقع وطريقة الوصول الى جامع السلطان احمد

يقع جامع السلطان أحمد في منطقة الفاتح بإسطنبول ويحيط به العديد من المرافق الأثريّة التي تعود الى الحقبة البيزنطيّة والعثمانيّة ويقابله مباشرة جامع آيا صوفيا الذي كان عبارة عن كنيسة وتحولت الي مسجد في عهد العثمانيين الذي لا يقلّ عنه أهميّة تاريخيّة، ويجاوره قصر توب كابي.
يعدّ استخدام ترامواي باغجلار-كابتاش من أسهل الطرق للوصول الى منطقة جامع السلطان أحمد حيث يمكن النزول عند موقف السلطان احمد حيث سيكون المسجد على بعد خمس دقائق مشياً على الاقدام.
أمّا من القسم الآسيوي فأسهل طريقة هي الانتقال الى امينونو عبر المترو ثمّ استخدام خط الترامواي للانتقال الى السلطان

يفتتح جامع السلطان أحمد للعبادة منذ صلاة الفجر ويتمّ اغلاقه بعد صلاة العشاء، أمّا زيارة قبر السلطان أحمد فهي من الساعة 8:30 صباحاً إلى الساعة 18:30 مساءً، وفي فترة الشتاء تكون بين 8:30 صباحاً إلى 17:00 مساءً.
ويتوجّب على الزائرين الالتزام بقواعد معيّنة على اعتبار أنّ الجامع مفتوح للعبادة بالدّرجة الأولى.

تولي السلطان أحمد الحكم في سن صغيرة، وكان هذا من بين الأسباب التي أدت إلي تعرض الدولة إلي اضطرابات داخلية ، وعمل بجدية في إدارة الشؤون الدول ولم يترك كل شيء لوزرائه ، وحاول جاهدا حماية مصالح الدولة ، وكان متدينا ، ومعتدلا في مظهره، شاعرا ، فارسا ، يستخدم السلاح بمهارة.

جامع السلطان أحمد في إسطنبول

– المولد والنشأة
الحرب مع النمسا

بدلاً من أن يتقدم العثمانيون إلى الأمام لفتح بلاد جديدة عادوا إلى الخلف، وكانت فكرة المحافظة على ما تملكه الدولة قد سيطّرت على عقول سلاطين الدولة الذين فقدوا روح الفتوحات وطاقة التحرك، وظلت الجبهة العثمانية النمساوية مفتوحة، واستمرت المناوشات بعد ذلك.
ولما تولَّى السلطان أحمد الأول استمرت الحرب مع النمسا، واستعاد العثمانيون “إستركون” بعد حصار شديد بعد أن ظلت أسيرة في أيدي النمساويين عشر سنوات، كما استعادوا بعض القلاع، ووصل الجيش العثماني إلى أقصى الشمال الشرقي من المجر.
أدركت النمسا خسارتها في الحرب فطلبت الصلح، وكان هذا مطلبًا عثمانيًا حتى تتفرغ الدولة لحربها مع إيران، فعُقدت معاهدة بين الطرفين عُرفت باسم معاهدة ستفاتوروك في (10 من رجب 1015هـ = 11 من نوفمبر 1606)، وانتهت بها تلك الحرب التي استمرت نحو ثلاث عشرة سنة ونصف السنة.
وبمقتضى هذه المعاهدة دفعت النمسا إلى الدولة العثمانية غرامة حرب قدرها 67000 سكة ذهبية، وأُلغيت الجزية التي كان يدفعها إمبراطور النمسا إلى الدولة العثمانية كل سنة، وثبتت الحدود على أساس أن لكلٍ الأراضي الموجودة تحت سيطرته، وأن تخاطب الدولة العثمانية حاكم النمسا باعتباره إمبراطورًا لا ملكًا، يقف على قدم المساواة مع السلطان العثماني.

 

الصراع مع إيران


بدأت الحرب بين الدولة العثمانية وإيران بهجوم الصفويين على تبريز في السنوات الأخيرة من حكم السلطان محمد الثالث، ونجح الشاه “عباس الكبير” في الاستيلاء على “تبريز”، منهيًا بذلك الحكم العثماني بها، وقد توغل في الأراضي العثمانية بعد أن عجزت الدولة العثمانية عن إيقاف هذا الزحف.
وقبل الطرفان الصلح، ووقّعا معاهدة عُرفت باسم “معاهدة إستانبول” في (24 من شعبان 1021هـ = 20 من نوفمبر 16012م)، وانتهت الحرب التي دامت نحو تسع سنوات بين البلدين، وبمقتضى هذه المعاهدة استعادت إيران ما يقرب من 400,000 كم2 من الأراضي التي كانت قد استولت عليها الدولة العثمانية من قبل، بما فيها مدينة بغداد.

القضاء على الثورات الداخلية

لم تكن الصراعات الخارجية وحدها موضع اهتمام السلطان أحمد وعنايته، وإنما واجهته مشكلات داخلية وقيام حركات التمرد والانفصال داخل أراضي الدولة العثمانية، وقد نجح في إخمادها والقضاء عليها؛ حيث قام الصدر الأعظم “مراد باشا”- وكان قائدًا محنكًا قد تجاوز الثمانين من عمره- بالقضاء على فتنة “جان بولاد” الكردي في حلب سنة (1016هـ = 1067م)، واضطر بولاد بعدها إلى الهرب إلى السلطان معتذرًا، فقبل السلطان عذره وعفا عنه.
كما نجح الصدر الأعظم في هزيمة “فلندر أوغلي” والي أنقرة، بعد أن استولى على “بروسة” و”مانيسا”، وشنَّ حملة على الأمير الدرزي

“فخر الدين المعني الثاني” حاكم لبنان، الذي جمع حوله الأتباع من النصارى والدروز والنصيريين- وكانت تدعمه إيطاليا- وأعلن العصيان على الدولة سنة (1022هـ = 1613م)، وبعد هزيمته فر إلى إيطاليا

جامع السلطان أحمد في إسطنبول

وفاة السلطان أحمد

استطاع السلطان أحمد الأول في الفترة الأخيرة من حكمه أن يكتسب خبرات واسعة، وأصبح سلطانا ناضجا عاقلا، وأظهر قدرات في الحكم أشبه بقدرات سلاطين الدولة العثمانية العظماء، لكن القدر لم يمهله فأصيب بالحمي في بطنه، ودام مرضه عدة أسابيع، ثم لم يلبث أن توفي في (23 من ذي القعدة سنة 1026 هجرية = 22 من نوفمبر 1617 م ) ، ولم يكن قد أكمل الثامنة والعشرين من عمره.

إقرأ أيضًا:-

الغازي….

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا