التاريخ والآثارمقالات

سليمان الجوسقى المحارب الأعمى

بقلم : عبدالعزيز مصطفى

 

بعد أن صفعه قال له معذرة يا بونابرته هذه ليست يدى .. هذه يد الشعب .. حكايتنا اليوم عن “سلطان العميان ” العالم الشيخ سليمان الجوسقى ، وقد كان الجوسقى رجلاً ضرير (أعمى) قال فية المؤرخ المصرى عبدالرحمن الجبرتى فى كتابه”عجائب الآثار فى التراجم والأخبار”، بالجزء الثانى ص 278،” و قد مات العمدة الشهير الشيخ سليمان الجوسقى شيخ طائفة العميان بزاويتهم المعروفة الآن بزاوية الشنوانى، و كان قد تولى شيخا على طائفة العميان المذكورين بعد وفاة شيخهم الشيخ الشبراوى، وسار فيهم بشهامة وصرامة وجبروت وجمع بجاههم أموالاً عظيمة وعقارات فكان يشترى غلال المستحقين المعطلة بالأبعاد بدون الطفيف ويخرج كشوفاتها وتحاويلها على الملتزمين ويطالبهم بها كيلاً وعينًا ومن عصى عليه أرسل إليه الجيوش الكثيرة من العميان فلا يجد بُدًا من الدفع أمام تلك الجموع الغفيرة ، وإن كانت غلاله معطلة صالحة بما أحب من الثمن، و كان له أعوان يرسلهم إلى الملتزمين بالجهة القبلية يأتون إليه بالسفن المشحونة بالغلال والمعاوضات من السمن والعسل والسكر والزيت وغير ذلك ويبيعها فى سنى الغلوات بالسواحل البحرية والرقع البعيدة بأقصى قيمة ممكنة ويطحن منها على طواحينه دقيقا ويبيع خلاصته فى البطط بحارة اليهود ويعجن نخالته خبزًا لفقراء العميان يتقوتون به مع ما يجمعونه من الشحاذة فى طوافهم آناء الليل وأطراف النهار بالأسواق والأزقة وتغنيهم بالمدائح الخرافات وقراءة القرآن فى البيوت ومساطب الشوارع وغير ذلك ومن مات منهم ورثة الشيخ المترجم المذكور وأحرز لنفسه و لطائفة ما جمعه ذلك الميت وفيهم من وجد له الموجود العظيم ولا يجد له معارضًا فى ذلك أبدًا “..

العالم الشيخ سليمان الجوسقى
سليمان الجوسقى المحارب الأعمى

وفى رواية أخرى فقد ذكر الجوسقى فى كتاب المقاومة الحضارية : دراسة فى عوامل البعث فى قرون الإنحدار و قيل عنه الآتى .. “كان الجوسقى شيخًا لطائفة العميان، وقد أحسن تنظيم العميان وتفانى فى خدمتهم ورعايتهم واستخلاص حقوقهم بالقوة ، وتفنن فى وسائل توفير الموارد لكفايتهم حتى صار للعميان فى عهده صولة بحيث يخشى منهم ولم يقتصر عطاء الشيخ على طائفة العميان، بل كان يقرض أكابر البلاد الأموال الكثيرة”..

وعندما قامت ثورة القاهرة ضد الفرنسيين، عرف نابليون أن الشيخ الجوسقى ورجاله العميان من صناع هذه الثورة، لذا أمر نابليون بالقبض عليه، وحاول استمالة الشيخ، قدم له العديد من العروض التى رفضها وقابلها بالإستهزاء، إلى أن قدم له العرض الأكبر، وهو أن يجعله سلطانًا على مصر، فأظهر الشيخ قبولاً للعرض، ومد نابليون يده إليه متنفسًا الصعداء و الفرح، ومد الشيخ يده اليمنى مصافحًا إياه، وكانت المفاجأة أن رفع يده اليسرى ليصفع الأوروبى العظيم صفعة قوية على وجهه، وسجل الأديب الكبير على أحمد باكثير هذا الموقف فى مسرحيته الشهيرة “الدودة والثعبان”، وأورد على لسان هذا البطل قوله: ” معذرة يا بونابرته هذه ليست يدى .. هذه يد الشعب”، فجن جنون نابليون وأمر بقتل الرجل وإلقاء جثته فى النيل مثلما فعل بالآخرين من الثوار الذين تم قتلهم و ازهاق أرواحهم فى ليل مصر الحزين ..

العالم الشيخ سليمان الجوسقى
سليمان الجوسقى المحارب الأعمى

و بالفعل تم اقتياد سلطان العميان الجوسقى بواسطة العساكر الفرنسيس إلى السجن الكائن بالقلعة لاستجواب الشيخ ومحاكمته وإعدامه، ورغم إدانته من قبل نابليون لم يتم إعدامه مع قادة الثورة الذين أعدمهم الفرنسيون لكونه كفيفاً و لخوفهم من بطش طائفتة بل قيل أنه قد ظل فى سجن قلعة الجبل منع عنه الدواء لبضعة أشهور حتى لقى ربه شهيداً فى سبيل وطنه و بلاده و يقال حسب روايات الجبرتى و غيره أن الجوسقى قد مات لوضعهم السم فى طعامه وشرابه ..

 

إقرأ أيضًا :-

معدن السماء “Pi3 m Pt”

Wpt Rnpt nfrt

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا