تقارير وتحقيقات

إيمان بخيت أحمد تكشف لقراء رؤية وطن طبيعة العلاقة بين إسرائيل و الأكراد

 

حوار – أمير أبورفاعي

يبدوا أن تنامي إهتمام إسرائيل بالأكراد ليس وليد الصدفة أو من باب البحث عن الحريات ، فالأمر إن كان كذلك فمن باب أولى بإسرائيل أن تنهي إحتلالها للأراضي الفلسطينية بكل بساطة و لكن لأن في الأمر ما هو أبعد من الشعارات ، سعت رؤية وطن في محاولة لإستجلاء حقيقة الأمر كي تضيف للقارئ ما يساعده على بلورة تصوره في ظل عالم باتت تملئه الدعاية المروج لها بإتقان في حصار للعقول لفرض وجهات نظر و رؤى محددة تخدم في نهاية المطاف مصالح أصحابها ، كانت رؤية وطن على موعد مع أ/إيمان بخيت أحمد الباحثة في المركز المصري للدراسات الإستراتيجية وتنمية القيم الوطنية ، للحديث عن الأكراد و علاقتهم بإسرائيل و علاقتها بهم و عن تواجدهم داخل المجتمع الإسرائيلي و التأثير البيني لهذا التواجد ، حيث أكدت الباحثة إيمان بخيت أحمد ، أن

الأكراد من الأقليات التي تعيش منذ القدم دون أن يكون لها وطن يجمع شعبها تحت راية واحدة، فلم يستطع الأكراد من إقامة وطن قومي لهم طوال تاريخهم، وذلك على الرغم من ثوراتهم ونضالهم لتحقيق هذا الهدف وكانت أشهر ثورات الكرد هي ثورة عبيد الله النهري عام 1880 والتي باءت بالفشل .

و وفقاً لإتفاقية لوزان عام 1923 والتي قسمت المنطقة في تلك الفترة فقد تم توزيع الأكراد بين كلٍ من تركيا والعراق وإيران وسوريا وأذربيجان ، و كانت النسبة الأكبر في تركيا وتقدر نسبتهم مابين 8-12 مليون نسمة، ثم إيران مابين 4-6 مليون نسمة، ومن ثم العراق مابين 3-4 مليون نسمة وكل هذه التقديرات غير رسمية .

هناك من يرى إنه على الرغم من أن الأكراد المسلمون واليهود عاشوا بجوار بعضهم البعض إلا إنهم لاتوجد بينهم أي صلة عرقية، ومعظم اليهود من الأكراد يعيشون في إسرائيل والتي هاجروا إليها بعد إقامة الدولة عام 1948، يرى شيوخ المجتمع الكردي في إسرائيل أن السبب وراء تسميتهم أكراد هي فقط بسبب أصلهم من كردستان وبالتالي فالتسمية مجرد تسمية جغرافية .

و أضافت إيمان بخيت أحمد ، البعض يرجع أول ظهور ليهود كردستان في فلسطين منذ القرن السادس عشر الميلادي، لكن الهجرة الاساسية ليهود كردستان كانت منذ بداية القرن الثامن عشر لكن بصورة محدودة فيما

لايوجد دليل على هجرة يهود كردستان على نطاق واسع وبطريقة منظمة حتى نهاية القرن العشرين، عندما بدأ اليهود من كردستان في الهجرة بأعداد كبيرة نسبياً واستقروا بصورة أساسية في القدس، وقاموا بتأسيس مجتمعات كردية داخل أسوار المدينة القديمة وفي نحالوت .

بحلول عام 1952 لم تكن هناك جالية يهودية في كردستان العراق وكردستان التركية، فقد تم إخلائها من يهودها، أما بالنسبة ليهود إيران فقد هاجروا بعد قيام الثورة الإيرانية عام 1979 فقد هاجر معظم اليهود غما للولايات المتحدة أو إلى إسرائيل .

 

أما إذا ما تطرقنا للحديث عن الجالية الكردية في إسرائيل ، فنجد أن هناك روايات حول بداية الإستيطان الكردي في إسرائيل وخاصة القدس وقد بدأ هذا مع بداية القرن التاسع عشر، وقد استقروا في مدن ذات جاليات يهودية كبيرة نسبياً، مثل يافا، صفد وبيت شيان، وقد عملوا في الزراعة وبعض الحرف اليدوية مثل الخياطة.

و لقد ساعدت المنظمات الصهيونية القائمة في فلسطين عملية تأسيس القرى لأفراد الجالية الكردية من رابطة “كيديم”، وقد كانت هناك هجرة هائلة من العراق بعد انتهاء الحكم الملكي هناك وذلك كان بعد عشرين عاماً من نهاية الحرب العالمية الأولى في الثلاثينيات ، و غالبية اليهود الكرد من العراق غادروها كذلك بعد أن أقرت الحكومة العراقية قوانين تلغي المواطنة وتجمد ممتلكات اليهود وكان ذلك تزامناً مع سلسلة الهجمات على المعابد اليهودية ووالمقاهي وكل ما يخص حياة اليهود هناك، وقد كانت العراق من ضمن الدول التي إتخذت موقف ضد إسرائيل عام 1948 واعلنت الحرب ضدها، وقد كانت هذه هي نقطة التحول في حياة اليهود ليس في العراق وحسب لكن في معظم دول الشرق الأوسط.

و عن عدد الأكراد في إسرائيل قالت الباحثة إيمان بخيت أحمد ، فإنه يبلغ الأكراد في إسرائيل الأن حوالي 200 الف نسمة، ويستقر أغلبهم في القدس، وبعضهم في النقب والبعض في الجليل ، و يعمل البعض كما سبق وذكرنا في الزراعة والبعض في البناء والأعمال العامة، وقد تلقى الأكراد تعليمهم بشكل أساسي في بلدانهم الأصلية.

هذا و قد حصل اليهود الأكراد على العديد من المناصب القيادية في إسرائيل سواء في الجيش كضباط رفيعي المستوى أو قوات الشرطة أو الخدمة المدنية فكان من بينهم وزير الدفاع الأسبق يتسحاق مردخاي وقد كان قائد القيادة المركزية للجيش الإسرائيلي في اواخر التسعينات.

و يحتفل أفراد الجالية الكردية والذين أسسوا منظمة الجالية الكردية منذ عام 1945، بعيد يسمى عيد ” الهلال” والذي يقام مرتين خلال أسبوع عيد الفصح، وخلاله يتجمع أفراد الجالية للغناء والرقص وتناول الطعام وفقاً لتقاليد وعادات مجتمعهم ، و ربما يكون هذا الإحتفال هو الرابط بين اليهود الأكراد وبين موطنهم الأصلي سواء كان في سوريا أو العراق أو تركيا وإيران ، فقد فقدوا كل ما يربطهم بهذا الوطن واختفت ثقافتهم وتقاليدهم بين زخم الحياة وبهذا الإحتفال يستطيعوا مرة أخرى الأرتباط بذكريات عاشوها حتى تكون فرصة لتعريف أبنائهم بالعادات والتقاليد المتبعة في موطنهم الأصلي.

 

و عندما تجتمع الجالية اليهودية من الأكراد الأن وخلال إحتفالاتهم فهم يتذكرون الأحداث المؤلمة في سوريا وما يحدث للأكراد هناك، في إحتفالاتهم الأخيرة عمل أبناء الجالية على تحديد ما يحدث في وطنهم القديم وتقديمه على المسرح ” فيرتدون الأوشحة السوداء ويتم عرض صور المحاربين في الخلفية ، وهذا الإحتفال هو إحتفال مألوف بين يهود كردستان ويحتفلوا فيه أيضاً بالعلاقات الحسنة بينهم وبين جيرانهم من المسلمين .

 

و على الرغم من هجرة الأكراد اليهود من أوطانهم منذ سنوات عديدة إلا إنهم مازالوا متابعين لما يحدث في بلدانهم التي تركوها قديماً ويتألمون لما يحدث لأبناء عمومتهم هناك فهم في النهاية كانوا أقواماً مترابطة، وربما للظروف التي يعيشون فيها في إسرائيل هي التي تجعلهم يشعرون بالحنين لأوطانهم الأصلية، فقد فقد الأكراد كل ما يتعلق بتقاليدهم وعاداتهم حتى يتمكنوا من مجاراة الأوضاع في وطنهم الجديد والظروف المعيشية الجديدة.

في بعض المجتمعات الكردية في إسرائيل يتم التأكيد على الروح الكردية والعادات والتقاليد وخاصة أن هذه المجتمعات مأهولة بالسكان الأكراد وحتى أن اللغة الأرامية لاتزال تُسمع حتى الأن في هذه المجتمعات، وهذا على عكس الأجيال الجديدة من الاكراد والذين إبتعدوا عن كل هذه العادات و أصبحوا يتعلمون في المؤسسات والجامعات الإسرائيلية وأصبحت لغتهم هي العبرية و اختلطوا بالمجتمع المحيط بهم وتزوجوا من أعراق أخرى غير الاكراد.

أما عن

الدور الإسرائيلي في كردستان العراق ،

بالنسبة لتدخل إسرائيل في دعمها لقيام دولة كردية مستقلة، فيرى أبناء الجالية في إسرائيل أن ذلك من أجل اليهود الأكراد الذين يقيمون في إسرائيل ، وهذا من ضمن العوامل التي تفسر إهتمام إسرائيل بقضية الأكراد في كل من العراق وتركيا وإيران ، ولما تدعم إقامة وطن قومي يجمع أبناء المجتمع الكردي في كل مكان ، هذا بجانب أهمية كردستان العراق بالنسبة لأمن إسرائيل ، وهناك من يرى أن المجتمع الكردي في إسرائيل هو مايدفع إلى إقامة علاقات مع إقليم كردستان في كافة المجالات، وذلك لإمتنان الجالية اليهودية من الأكراد في إسرائيل تجاه أكراد العراق والذين قد عاشوا بينهم طوال سنين عديدة، فيُكن هؤلاء اليهود تعاطفاً كبيراً تجاه القضية الكردية ويشعرون بالإضطهاد الذي يتعرض له الأكراد في مختلف أماكنهم، فهم يُذكرونهم بأنفسهم حين كانوا مشتتين دوون وطن خاص بهم، لذلك يدعم هؤلاء اليهود الأكراد في إقامة وطن لهم.

ولذلك فقد كانت إسرائيل أول من دعمت إقامة دولة كردية في 9 سبتمبر 2017، و أيدت ودعمت الإستقلال الكردي، فهي الدولة الوحيدة الداعمة لإستقلال الإقليم الكردي في العراق وهذا ليس بجديد فخلال سنوات 1965-1974 كان هناك تعاون كبير بين أكراد العراق وإسرائيل، فقد كانت سنوات هامة في تاريخ العلاقات بين هذا الثنائي، وكان من خلال الإتصال بين زعماء الأكراد والاسرائيليين، وهذا من خلال المستشارين العسكريين وغيرهم ، فقد كانت إسرائيل من الدول القليلة جداً التي كانت تساعد الأكراد سواء في المعدات العسكرية والاستراتيجيات وتكتيكات الحرب أو من خلال الإمدادات العسكرية والتقنية وغيرها من مساعدات .

اقرأ ايضا

جمعية القلم للثقافة والتنمية تناقش دور الصحافة في تحقيق التنمية المستدامة في تشاد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا