موسم الحصاد وارتباطه بعيد القمح
بقلم : أمل حسين
هو من أقدم الأعياد المصرية ورغم أن مصر الحديثة تعد أكبر مستورد للقمح في العالم ، إلا أن قد عرف المصريون القدماء منذ آلاف السنين إحتفالات ضخمة بموسم الحصاد ، فكان يحتفل المصريون بموسم حصاد القمح وهو أحد مواسم الخير التي ارتبطت بطقوس شعبية وأناشيد ينشدها العمال طوال مراحل حصاد القمح .
وكان عيد القمح هو من أقدم الأعياد المصرية ، ويرتبط بفصل الحصاد” شمو” والذي يبدأ من فبراير/شباط حتى يونيو/حزيران ، وكان القمح وقتها الطعام الرئيسى للمصريين القدماء الذي يصنعون منه أساس وجباتهم وهي الخبز . وكانت مظاهر هذه الإحتفالات تتجلى في خروج المصريين للحقول والمتنزهات ويتناولون ما جادت به أرضهم عليهم من خيرات ومحاصيل في ذلك الموسم ، فيكثرون من تناول “الخس” البلدي الذي أطلقوا عليه كلمة “عبو” .
وكان حصاد القمح والشعير في مصر القديمة من الأشياء الهامة المقدسة المرتبطة بطقوس خاصة بها ، ويشرف عليها الملك بنفسه في حضرة “النترو” الكبار ” الكائنات الإلهية” لدى القدماء ، وكان أهمها المعبود “مين” رب الخصوبة ، فكان الحصاد يتوافق مع الإحتفالات بعيد هذا المعبود .
و كان يتم الإحتفال “بعيد تجلّي مين” إله الخصوبة في كل معابده بالقطر مع بداية موسم المحصول ، وكان تمثاله يحمله الكهنة على أعمدة وتتبعهم مجموعة أخرى صغيرة من الكهنة حاملة معها لفائف الخس ، وهو النبات المقدس للإله “مين” . و كان يتم اقتياد ثور أبيض في الموكب ، بينما تماثيل الملك ورموز أو علامات الآلهة ترفع على الساريات ، وعندما يعتلي الملك عرشه المسمى “تحت مقصورة” فإن سنبلة قمح كانت تقطع للإله ، وتطلق 4 طيور لأركان المعمورة حاملة الإعلانات المكتوبة عن العيد ، ويشارك فيها الفرعون نفسه ، حيث يقدم حزمة من باكورة القمح في هذا الموسم إلى المعبود “مين” .
وكان للحصاد أهمية بالغة عند المصري القديم ، وكان عند المصرى القديم معبودة خاصة بالحصاد تدعى “رننوت” برأس ثعبان ، وكان للثعبان أهمية في فترة الحصاد كان يقتل الفئران التي تضر بالمحصول ، وكانت تتم عملية الحصاد باستخدام المنازل ، ويشرف رب الحقل على حقله ويحضر عمليه الحصاد وفصل البذور عن السنابل بعد الهرس ، وعملية زراعة القمح وحصاده مصورة علي جدران المقابر والمعابد الفرعونية .
وكان لحصاد القمح عند المصري القديم عدة مراحل وهى :-
أولًا: مرحلة الدرس : هي عملية دوس السنابل لفصل الحب من سنابله، وتتم بواسطة الحمير والبقر والثيران ، وقد وجدت إحدى الأغنيات على جدران مقبرة “باحرى” في الكاب تقول: “ادرسى أيتها الثيران فـالتبن” سيكون علفًا لك والحب من نصيب أسيادك ، فليطمئن قلبك فالجو صحو وجميل” .
ثانيًا: مرحلة التذرية : وهي فصل الحبوب عن “التبن” ، وعهد إلى النساء في أغلب الأحيان بعملية التذرية ، لما تحتاجه من صبر ومثابرة ، ووجدت مشاهد منها علي جدران مقبرة بيتوزيريس . وكانت الأدوات المستخدمة من الخشب أو من الخوص ، ويقوم الشخص بغرف كمية ورفعها للأعلى فتأخذ الرياح القش بعيدا لأنه أخف ، أما الحبوب فتتساقط رأسيًا ، وبذلك يتم فصلها والحصول عليها نقية .
ثالثًا: مرحلة الغربلة : وهى بعد أن يُكوم الرجال الحبوب المخلوطة بقشرتها ، يقومون بتقليب تلك الكومات عاليًا في الهواء ، فيحمل نسيم الهواء القشرة الخفيفة بعيدًا ، بينما الحبوب تسقط على الأرض ، وكان القائمون على الغربلة يضعون وشاحات على رؤوسهم حتى لا تعلق القشور بشعرهم ، وكانو يستخدمو الأداة الممسكة باليد “مذراة الغربلة” ، وكانت تصنع من الخشب .
رابعًا: مرحلة التخزين : وهي المرحلة الأخيرة ، حيث يجمع ويحفظ القمح في صوامع تخزين لاستخدامه طول العام لحين موسم الحصاد الجديد ، ووجدت مشاهد منها علي مقبرة بيتوزيريس .