التاريخ والآثارمقالات

دور المرأة ومكانتها فى المجتمع المصرى القديم

بقلم : أمانى حمام زغلول

 

إن مشاركة المرأة اليوم فى الحياة العامة يمثل محط أنظار العالم أجمع , فكيف تكون مكانة المرأة فى المجتمعات القديمة التى وجدت قبل خمسة آلاف سنة فى الشرق الأدنى القديم ؟؟

لقد قدس المجتمع المصرى القديم المرأة فجعلو لها حقوقا ومكانة كبيرة, فلولاها ما استمرت الحياة البشرية فى التجدد والازدهار حتى أن المرء كان ينسب الى أمه وليس أبيه ..

لم تكن المرأة المصرية القديمة ربة منزل فقط وإنما ساهمت مع الرجل جنبًا إلى جنب فى حياته العملية بكل قطاعات الحياة وحتي السياسية ..

حظيت المرأة المصرية على المساوة الكاملة تقريبًا مع الرجل, فقد تمتعت باحترام كبير من حيث الحرية والحقوق الدينية والمدنية وحصلت على العديد من الإمتيازات حتى أنها شاركت الرجل فى اتخاذ القرار السياسى للدولة المصرية, فقد كان لها دور فى كافة المجالات ..

 

دور المرأة فى التعليم فى مجال التعليم والثقافة

فقد أشاد المصري القديم إلى رجاحة عقل المرأة وباتساع ثقافتهن, فقد تمتعت بنصيب وافر من الثقافة , كما تمتعت بحق التعليم تمامًا مثل الرجل ,ولقد أظهرت بعض الوثائق والنصوص أن من الإناث من كن يعرفن القراءة والكتابة ويسهمن فى الثقافة ويتذوقن الأدب, ومن النماذج المعبرة عن ذلك هناك سيدة كانت تتولى كتابة الرسائل الملكية, وهناك سيدة من الدولة القديمة كانت تستطيع قراءة الخط الهيروغليفى بسهولة, ثم هناك من الأسرة السادسة أميرة كانت تعتز بألقابها وهى القاضية فى القصر وبنت تحوتى , ومن الأسرة الحادية عشر خنواردو الذى خدم فى بلاط إحدى زوجات الفرعون إلى ما كانت تتمتع به سيدته من مركز أدبى ممتاز فقد أشار إلى اهتمامها بإقامة دار للثقافة فى دندرة لتعليم المرأة وتثقيفها , مما يشير إلى الدور الذى لعبته النساء فى تلك المرحلة فى الحياة التربوية إلى جانب الرجال ..

مكانة المرأة فى المجتمعات
دور المرأة ومكانتها فى المجتمع المصرى القديم

المرأة من الناحية الأجتماعية

(الأم – الزوجة) إن مركز المرأة ومدى نهضتها هو المقياس لمدى رقى الحضارة ,وتقدمها ومن واجب التاريخ التربوي إذا أراد أن يعطى صورة صادقة لتربية شعب من الشعوب أن يهتم بدراسة حياة المرأة وأثرها فى تربية الأبناء فكانت مكانة المرأة الاجتماعية محاطة بكل تقدير واحترام قفد أدرك المصرى وظيفة المرأة فى تعمير الكون وظيفة مقدسة فلولاها ما ولد مولود من ذكر وأنثى ولا أستمرت الحياة فى التجدد والأستمرار إلى أبد ألابديين, ولا شعر الرجل بهذا الفيض النورانى الذى يعمر قلبه .

كانت المرأة بالنسبة لزوجها تعرف ب(حمه) بمعنى حرمة , وأيضا كلمة (مرة) بمعنى حبيبة, وكلمة( سنة) بمعنى أخت وإذا تحدث الناس عنها قالو ( نبت بر ) بمعنى ست البيت ,وكانت رعاية الأطفال من مسئولية الأم .

فلقد شاركت المرأة المصرية زوجها فى تربية الأولاد فى بعض سنوات عمرهم حيث شاركته رعايتهم فى مراحل طفولتهم وصباهم وسلمت له زمام الأمر فى مراحل نضجهم , كذلك كانت تقوم بالأعمال المنزلية كالطبخ وتنظيف المسكن ونقل الماء من النهر أو الآبار وتنظيف الحبوب وتخزينها وطحنها وخبزها وتغزل وتحيك وتدجن الحيوانات وتصنع الثياب والفخار وغيرها من اللوازم وتعلم وتدرس بناتها علي هذه الأعمال ليساعدوها, فمن وجهة نظرى أن المرأة بدورها تعمل أكثر من وظيفة فى آن واحد وتستطيع أن تكون ناجحه فى جميع وظائفها على عكس الرجل .

فكانت المرأة بمثابة الدم الذى يجرى فى عروق البلاد , لا نكاد نمس جانب من جوانب الحياة إلا ونجد مكانا للمرأة فية فتبوأت العديد من الحقوق القانونية مثل المشاركة فى التعاملات التجارية وامتلاك الأراضى والعقارات الخاصة وإدارة بيعها وصياغة التسويات القانونية وإبرام التعقدات وكن يشهدن فى المحاكم ويقمن دعوات ضد أطراف أخرين ..

 

دور المرأة من الناحية السياسية

شغلت المرأة فى مصر القديمة مكانة عالية ومرموقة , حتى أنها وصلت إلى العرش على الرغم من أن الأ مور جرت فى مصر أن يتولى الحكم الملوك,إلا أنه كان يعتقد أن خط العرش ينتقل عن طريق المرأة. وأشير إلى أن الإنسان المصرى لم يستخدم كلمة (ملكة) وإنما عبر عنها بكلمة مركبة وهى (حمت تسر) وكذلك سيدة السيدات وسيدة زوجة الملك , والأم الملكية الأولى أو أم الملك , فقد لقبت الملكة ( نى ماعت) بهذا اللقب فى بداية الأسرة الثالثة .

ومن ناحية أخرى قامت بعض الأمهات الملكية بالوصاية على أبنائهن حتى بلغن سن الرشد, ومنهن (مرى راع ان أس) وهى أم الملك بيبى الأول , كما قامت أم بيبى الثانى بالوصاية عليه أيضًا, إذ تولى العرش وهو طفل ,بالإضافة إلى متون الأهرام وجدت سبيلها إلى أهرام ملكات بيبى الثانى الثلاث دون مقابر بقية أفراد الأسرة المالكة , وفى هذا دلالة على مكانتهن, وكانت الملكة أحيانا هى الحاكمة والمتصرفة فى شؤون البلاد وفى هذا المجال تجدر الإشارة إلى الملكة (نيتوكريس) التى حكمت فى نهاية الدولة القديمة, وكانت الملكة سبك نفرو هى ثانى ملكة فى تاريخ مصر استطاعت أن تجعل من نفسها ( ملكة مصر العليا والسفلى) فى نهاية عصر المملكة الوسطى التى شاركت أباها أمنمحات الثالث فى الحكم ثم انفردت بالعرش بعد موته وموت أخيها أمنمحات الرابع أما بالنسبة للقب الزوجة الإلهية (حمت نثر) فهناك بعض الإشارات غير الكافية قبل عصر الدولة الحديثة, وأحمس نفرتارى هى التى بدأت سلسة الزوجات الإلهيات ملكات كن أو أميرات فى بداية الأسرة الثامنة عشر .

وقد أثبتت المرأة دورها الكبير فى حروب التحرير ففى الإستطاعة القول بأنه كما شاركت المرأة المصرية الرجل فى الحكم, فأننا نرى أنها شاركت الرجل فى حروب التحرير , وتوجد أسماء لأميرات من عصر الأسرة السابعة عشر قامت بطرد الهكسوس مثل الأميرة ( تتى شرى) أم سقن رع والملكة إياح حتب وبجانب هذة الملكة تجدر الإشارة إلي الملكة حتشبسوت بنت تحتمس الأول والملكة أحمس فى عصر المملكة الحديثة والتى انفردت بالحكم فى عصر الأسرة الثامنة عشر, وكذلك الملكة نفرتيتى والتى تزوجت من امنحوتب الرابع من أجل أن تدعم حقه فى وراثة العرش تبعا للتقاليد المصرية القديمة , ثم دور الملكة كليوباترا السابعة التى تعد آخر ملكات الأسرة البطلمية فى مصر , والتى حرصت على إعادة مجد وقوة تلك الأسرة , واهتمت بتطوير ممتلكاتها ورفع شأنها فى مواجهة قوة روما المتزايدة ..

مكانة المرأة فى المجتمعات
دور المرأة ومكانتها فى المجتمع المصرى القديم

المرأة فى نظر الحكماء المصريين القدماء

أبدع المصريون القدماء فى رسم صورة جميلة من خلال كتابتهم المملوءة بالنصائح والمواعظ الحسنة اتجاه المرأة التى كانت تعد جزءا مهماً فى بناء الدولة المصرية القديمة .

فيقول الأديب بتاح حتب (هو حكيم مصرى عاش فى عصر الدولة القديمة) عن المرأة (إذا أحببت فتاة وبادلتها حب بحب فأياك وأن تخونها . وكان الحكيم بتاح يؤكد على قوة الروابط الأسرية , ويؤكد على المعاملة الحسنة للمرأة المصرية القديمة فأوصى بها قائلاً (إذا كنت عاقلا فأسس لنفسك دار وأحبب زوجتك حباً جما ) ثم يأتى حكيماً أخر وهو الحكيم أنى أحد خلفاء الحكيم بتاح من القرن السادس عشر قبل الميلاد, فكان يرشد ولده إلى مقومات السعادة فى الأسرة فقال له ( تخير زوجتك حين صبا وأرشدها كيف تصبح إنسانة ) فهنا يوصى الزوج بمراعاة الزوجة ومعاملتها معاملة حسنة , ويقول أيضا ( لا تقس على زوجتك فى دارها إن أدركت صلاحها ولا تسألها عن شىء أين موضعه إذا تخيرت وضعه الملائم افتح عيناك وأنت صامت تدرك فضائلها وأن شئت أن تسعد فاجعل يديك معها وساعدها وبذلك تتجنب كل خلاف فى البيت).

والخلاصة أن المجتمع المصري القديم لم يأب أن يتيح للأنثى مشاركتها فى مجريات الحياة المدنية والدينية طالما تمتعت بالكفاية الشخصية وظفرت من الثقافة بنصيب يناسب عصرها وتقاليده .

 

إقرأ أيضًا :-

لعنة الفراعنة داخل كل بيت مصرى

لمحة حضارية فى سطورٍ تاريخية (الجزء الثامن والأخير)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا