التاريخ والآثار

« تقديس الحيوان في مصر القديمة »

 

بقلم المرشدة السياحية : رنا إسماعيل الصيرفي.

لقد غلبت روح التدين عند المصرى القديم منذ بدايات وجود الإنسان المصرى على أرض مصر الطيبة.
وكانت الحيوانات بأنواعها المختلفة تشاركه بيئتهُ المليئة بكل انواع الكائنات.
ولم تكن لديه القدرة للسيطرة عليها، وأدرك المصرى القديم مع الوقت أن لهذه الحيوانات قدرة عظيمة أكبر من قدرته هو ذاته. ومن هنا؛ امتد التقديس والحب والتبجيل لهذه الحيوانات خوفًا منها نظرًا لما لها من قدرة وقوة أكبر من قدرته وقوته، فمال المصري القديم إلى تقديسها إتقاء لبطشها وتهدئة لها وابتعادًا عن شرها ورغبةً فى الإحتماء بها وبقوتها من الكائنات والظواهر الأخرى المحيطة به والتى تفوق قدرته المحدودة.
ولا يمكننا أن ننسى إعجاب الإنسان بقوة الحيوانات الخارقة التى كان يفتقر إليها.
وامتازت تلك الحيوانات بقدرتها على إمداد المصرى القديم بقدر كبير من الخيرات التى كانت تجلبها لهُ مثل الألبان واللحوم التى كان يتغذي من خلالها والجلود التى كانت تحميه من قسوة البرد فى الشتاء؛ فنشأ بين المصرى القديم وتلك الحيوانات نوع غير محدود من الألفة غير المُعلنة؛ فقدم إليها بالغ القداسة والإهتمام والإحترام؛ نظرًا لما تقدمهُ لهُ من عطاء وفير وحب وتضحية.

وتم تقديس الحيوان بدافع الرهبة والرغبة فى إتقاء شرهُ، والنفع منهُ والإفادة من خيرهُ. ولعبت المصادفة دورها فى إختيار الحيوان بسبب صفة ما تميزه عن بقية جنسهُ أو ربما لإرتباطه بمسكن الحيوان الذى ربما كان فيه ما ينفع الناس.

تقديس الحيوان في مصر القديمة

وكان الحيوان وسيطًا بين الإنسان المصرى القديم وبين الإله الذى كان يرمُز إليه ذلك النوع من الحيوانات.
وكانت قدرة المعبود تتجلى فى هذا الرمز الحيوانى، وتحول الأمر إلى نوع من القداسة التى احترمت روح الحيوان؛ لا الحيوان ذاتهُ.
وكانت روح المعبود تتجلى فى ذلك الحيوان أو هذا الطائر أو فى أى من الزواحف.
وفى هذا ما يوضح ترفع الإله وتجردهُ عن الحالة المادية واختفاءهُ عن الأنظار، وتنزه الإله وإرتفاعه إلى مرتبة عليا من السِمو والتنزه عن الماديات الملموسة إلى العالم السماوى اللامادى حيث السِمو بالذات إلى ملكوت التجرد عن كل الصفات الأرضية.
وجاء هذا الاحترام من تقديس روح الإله الموجود فى الحيوان، وليس فى روح الحيوان، وكانت الحيوانات المنزلية تنال قدرًا كبيرًا من عطف ورعاية المصرى القديم فى محيط الأسرة المصرية باعتبارها تمثل أرواحًا طيبة فى محيط بيت الأسرة.

وفى النهاية؛ أُوضِح أن المصريين القدماء لم يقدسوا أو يعبدوا الحيوان لذاته، ولكنهم قد وجد فى الحيوان قوة إلهيه علوية تمثلت فى روح الرب الذى كان يرمز له، وكان فى هذا تفكير عظيم من المصريين القدماء.
وعبروا عن فكرهم الراقى من خلال عدد كبير من الأفكار الفلسفية بشكل يقرب أفكارهم الراقية إلى الأذهان البسيطة، غير أن الإغريق عندما زاروا مصر، لم يفطنوا إلى فلسفة العقيدة والتعبد لدى المصرى القديم. وأشاعوا أن المصرى القديم قد عبد الحيوان الذى لم يكن له وجود فى معتقداتهم، ومع الوقت.. زالت الغشاوة وعرف العالم سحر ولغز تقديس الحيوان فى مصر القديمة التى علمت العالم كله.

تقديس الحيوان في مصر القديمة

المصادر :-

كتاب : تطور الفكر و الدين في مصر القديمة.
المؤلف : چيمس هنري برستيد.
الناشر : دار الكرنك للنشر و الطبع.
اللغة : العربية.

إقرأ أيضًا:-

أول ثورة مصرية في التاريخ

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا