تقارير وتحقيقات

النفايات الإلكترونية قنبلة منزلية خطرة

 

تقرير – رؤية وطن – أمير أبورفاعي

لاشك أن التطور التكنولوجي الذي يعيشه العالم الآن لم يأتي بين ليلة و ضحاها بل هو نتاج عمل شاق و جاد على مدار سنوات و عقود لتصل البشرية إلى ماوصلت إليه الآن من تطور تكنولوجي ساهم إلى جانب الرفاهية التي نعيشها إلى أن يكون مصدر لكثير من النجاحات في مختلف الميادين ، و لكن القاعدة الرئيسية في تفاعل الأشياء هي أن لكل خطوة ضريبة و قيمة لابد من تسديدها للوصول إلى تحقيق الأهداف و النجاحات و هو قطعا ما تم و يتم تسديده يومياً مع التطور التكنولوجي و به خاصةً و أنه بات متطور لحظي و زاد الإعتماد عليه بصورة متلازمة لكل الأنشطة الحياتية .

و من بين ضرائب هذا التطور التي يدفعها العالم و كوكب الأرض ما يعرف تحت عنوان المخلفات الإلكترونية أو النفايات الإلكترونية و المطلق عليها باللغة الإنجليزية (E-WASTE) ، و هي في أبسط تعريف لها نتاج إستهلاك المعدات والأجهزة الالكترونية.

ما بين 20 إلى 50 مليون طن سنوياً في جميع أنحاء العالم بات معدل ما ينتج من المخلفات و النفايات الإلكترونية ، والتي تشكل خطر كبير على صحة الإنسان والبيئة لنجد أننا أمام ملف بيئي غير كلاسيكي و هو قطعاً في تزايد مستمر خاصةً مع كثرة الإعتماد و إستخدام الأجهزة الإلكترونية في حياتنا اليومية التلفزيون، الكمبيوتر المحمول وتوابعه (طابعة، كاميرا رقمية، ماسح ضوئي) الهواتف النقالة، الأجهزة اللوحية، البطاريات، الفاكس والأجهزة المنزلية (الثلاجة، الميكروويف) وغيرها .

خطورة النفايات الإلكترونية

رصاص ، زئبق ، زرنيخ ، كروم سداسي التكافؤ ، كاديوم ، كلها مواد تتضمنها النفايات الإلكترونية حيث يتم الإعتماد عليها في عملية تصنيع الأجهزة الإلكترونية بمختلف أنواعها و هي التي تسبب العديد من الأضرار البيئية و قبلها أضرار على صحة الإنسان ، فمن بينها مواد سامة تؤثر على على الجهاز العصبي، الدورة الدموية والكلى إضافة إلى التأثير أيضا على نمو الدماغ لدى الأطفال ، و ينجم عنها تأثير على

الجهاز التنفسي والدماغ وأضرار على الجلد ، و يمكن أن يصل الأمر لحد الإصابة بسرطان الرئة حيث بعض المكونات التي يمتصها الجسم بسهولة .

طرق مواجهة النفايات الإلكترونية

و قد أكد أحمد مصطفى العمرة ممثل المعهد العالمي للنمو الأخضر و مدير برنامجه في مملكة البحرين ، في معرض حديثه مع رؤية وطن ، أن العالم بات أمام كارثة بيئية خطيرة جراء تنامي حجم النفايات الإلكترونية و التي يجب أن يواجهها العالم بصرامة و حزم من خلال مثلث المواجهة الكامن في التخفيف و إعادة الإستخدام و إعادة التدوير ، و أضاف أحمد العمرة ،

على الحكومات أن تعمل على وضع ضوابط للإنتاج و الإستهلاك و الإستيراد ، و في المقابل القطاع الخاص – رأس المال – عليه أن يمتلك الفكر الواعي لإنتاج منتج ذو جودة عالية ما يتيح التخفيف على كوكب الأرض من النفايات الإلكترونية حيث أن جودة المنتج تعني طول العمر لإستخدام المنتج بما يعزز فرص تقليل المخلفات الإلكترونية حيث أن قلة الجودة تصب في خانة تقليل عمر المنتج و هو ما يعمل على زيادة حجم النفايات الإلكترونية ، و القطاع الخاص هو دوره لا يقف عند حد الإنتاج وحسب بل هو شريك أساسي في إعادة الإستخدام و إعادة التدوير خاصةً مع تزايد معدل النفايات الإلكترونية التي ينتج عنها صناعات في مجال إعادة التدوير عن طريق إستخراج الذهب و النحاس على سبيل المثال من النفايات الإلكترونية و إدماجها في الصناعة مرة أخرى ، و كذلك الحال في إعادة الإستخدام حيث أن ما ينتج من النفايات الإلكترونية ليس كله يخضع لإعادة التدوير فهناك أجزاء يمكن إعادة إستخدامها وفقاً لحالاتها التي لا يمكن الحكم عليها بالتلف إلا بعد عملية إخضاع النفايات الإلكترونية لعملية الفرز ، و بالتوازي يأتي دور الحملات التوعوية للمستهلك بضرورة الحفاظ على كوكب الأرض من خلال توضيح خطورة النفايات الإلكترونية و كيفية التعامل معها خاصةً مع تنامي الإعتماد على التكنولوجيا بشكل كبير عالمياً و ما ينجم من مخاطر صحية مباشرة على المستهلك و غير مباشرة من كثرة أحجام هذه النفايات ، و هو ما يستدعي زرع ثقافة فصل المخلفات من المنبع و التي يتوجب أن يكون المستهلك هو أول حلقاتها .

فيما أوضح محمد أنور مدير عام التطوير و التدريب بأحد شركات السيارات العالمية ، لرؤية وطن ، أن صناعة السيارات تشهد طفرة كبيرة مع ما نعيشه من تطور تكنولوجي و تعتمد بصورة كبيرة و متزايدة على الإلكترونيات لمواكبة العصر و تحقيق الرفاهية خاصة مع تنامي الإعتماد على الذكاء الإصطناعي و هو ما حذى بعدد من شركات هذه الصناعة أن تتبنى القضايا البيئية و أن تعمل على تخفيف الآثار البيئية الناجمة عن صناعتها و إعادة التدوير لبعض المكونات مثل النحاس و البحث عن أساليب مبتكرة في صناعة المحركات و أجزاء السيارات بما يتوافق مع البيئة و الإعتماد على مصادر طاقة تؤدي إلى تخفيف الإنبعاثات الكربونية

واقع النفايات الإلكترونية في مصر

بالنسبة لوضع النفايات الإلكترونية في مصر ، فإنه و وفقاً للأرقام التي أعلنتها وزيرة البيئة بالتعاون مع رئيس جهاز تنظيم إدارة المخلفات، تنتج مصر ما يقدر بنحو 90 ألف طن من المخلفات الإلكترونية سنويا، يأتي 58% منها من القطاع الخاص، و23% من المنازل، و19% من القطاع العام، ويمثل إنتاج صناعة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات من المخلفات الإلكترونية نحو 66-73 طنا من الإجمالي، وباقي القطاعات الأخرى جميعها تنتج الكمية المتبقية.

ويحصل جامعي القمامة غير الرسميين على معظم المخلفات الإلكترونية في مصر، بنسبة تصل إلى 98% تقريباً، في حين أن نسبة الـ2% المتبقية تصل إلى قنوات إدارة المخلفات الرسمية.

وقد قامت وزارة البيئة المصرية مطلع أبريل من العام الجاري بإطلاق تطبيق إلكتروني من أجل جمع كل المخلفات الإلكترونية من المواطنين تحت مسمى “إي تدوير”، ويقوم بتقديم حوافز من خلال بعض شركات التدوير لتشجيع المواطنين على التعاون في التخلص من المخلفات الإلكترونية بطريقة آمنة وسليمة، تسهيلا على المواطنين وحفاظا على صحتهم وسلامتهم، و هذا

التطبيق الإلكتروني «E-Tadweer» والذي يعد أول خطوة في التعاون بين وزارة البيئة ومؤسسات القطاع الخاص لجمع المخلفات الإلكترونية.

اقرأ أيضاً

إيناس بهي الدين المشروعات القومية ساهمت في الترويج السياحي لمصر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا