التاريخ والآثار

فن الكاريكاتير في مصر القديمة

بقلم/ هايدي محمد جعفر

يعتبر فن الكاريكاتير من أقدم أشكال الرسم في العالم، وله القدرة على النقد بشكل أوسع وأكثر فعالية من الكلمات في كثير من الأحيان، وبسبب شدة تأثيره، لطالما تعرض للهجوم من السلطات والأفراد ممن يرون فيه تجاوزاً وتطاولاً، وتعرض الكثير من رسامي الكاريكاتير للقمع والاعتداء، منذ أيام المصريين القدماء والإغريق.

وتؤكد بحوث تاريخية عديدة أن أول ظهور لفن الكاريكاتير كان في مصر القديمة، حيث حرص الفنانون في ذلك الحين على تسجيل سخريتهم على قطع فخار والأحجار، وأظهر أغلب الرسوم حيوانات مختلفة، في نوع من الإشارة للعلاقة غير المتوازنة بين الحاكم والمحكوم.

كان فن الكاريكاتير عند المصريين القدماء هدف ومضمون فلم يكن لمجرد اللهو أو التسلية فقط بل إنه يعمل على السخريه من نظام اجتماعي منحرف رغبته في إصلاح أو تفادي عيوبه وتقويم اعوجاجه
يؤكد المؤرخون أن الآثار المصرية القديمة احتفظت بأقدم صور الكاريكاتير في العالم كله، التي تعكس خفة ظل المصري القديم وميله إلى نقد الأوضاع المحيطة به سواء السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية.

وكان فن الكاريكاتير في مصر فنًا مرنًا، يمكن أن يتقبل جميع الآراء، فلم تظهر نصوص بجانب الرسومات توضح ماذا كان يقصد الفنان من هذا المنظر بالتحديد، فكان تحليل المنظر يترك لخيال المشاهد.

ويحتفظ المتحف المصري في التحرير بواحدة من البرديات، التي عبرت عن فكرة الكاريكاتير، وتعود تلك البردية إلى عصر الدولة الحديثة، وتصور فأرًا يجلس على كرسيه، ممسكًا بكأس، ويقوم على خدمته مجموعة من القطط، فتظهر أمامه قط يسقيه وخلفه من يحمل له الطفل، وآخر يمسك بمروحة.

وفي بردية بمتحف تورين، التي تصور مجموعة من العازفين، لكن من الحيوانات “الأسد، التمساح، الحمار، القرد”، ولم تكن تلك أول مرة تظهر فيها الحيوانات العازفة، فيوجد عدد من المناظر الأخرى التي تحمل نفس المنظر مثل منظر لثعلب يعزف على مزمار وترقص ماعز صغيرة على تلك الأنغام، ومنظر آخر يصور قردين يعزفان على آلة الهارب.

ومن أشهر البرديات التى صورت مناظر الكاريكاتير، بردية المتحف البريطانى، بها مناظر الحياة اليومية الموجودة على مقابر طيبة، مع تصوير الحيوانات يمارسون أنشطة البشر.

فن الكاريكاتير في مصر القديمة

وغيرها من الأوضاع المقلوبة، ربما إشارة إلى حالة سوء الأوضاع فى الحياة السياسية، والاجتماعية فى هذه العصور، وربما كانت تصويراً لقصة خرافية لم يعثر على متنها، وقد تكررت مناظر تصور الحيوانات كفرق موسيقية على برديات أخرى وقطع الأوستراكا.
وفى النهاية نقول : إننا لا نستطيع أن نحدد بدقة الهدف من هذه الرسوم، لعدم وجود نصوص مصاحبة لها، وكل محاولات تفسيرها تعتبر اجتهادات، وترجيحات لا يمكن تأكيدها، سواء تعبر عن نقد سياسى أو تصوير لأحداث قصص، وحكايات.

وعموماً تشهد هذه الرسوم على عبقرية الفنان المصرى، الذى استطاع أن يطوع حركات الحيوانات كى تماثل، وتحاكى أوضاع البشر، دون الإخلال بالتفاصيل التشريحية لهذه الحيوانات.

المراجع:

عبد العزيز صالح : الفكاهة والكاريكاتير فى الفن المصرى القديم
British Museum : Egyptian painting,p.60.

إقرأ أيضًا:-

طرق تأريخ حضارات ما قبل التاريخ

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا