تقارير وتحقيقات

مصر بين السينما و التغييرات المناخية

تقرير – أمير أبورفاعي

 

الدراما هي مرآة الواقع تعكس تفاصيله و تناقش قضاياه من خلال الأحداث في سياق درامي ، هذه العبارة عادة ما تقع على الآذان في حوار لأي من صناع الفن على مختلف مشاربهم و إتجاهلتهم ، لكن لا ننكر أن و منذ عقود ليست بالطويلة بات الفن و خصوصاً الأفلام و القائمين عليها يستشرفون المستقبل في أعمالهم المطروحة على الجمهور ، و هو ما عبرت عنه صناعة السينما من طرحها لأفلام عدة سبقت أحداث عايشناها فيما بعد و الأمثلة على مثل ذلك في السينما المصرية كثيرة و خاصة ما عرض من أفلام مع أواخر العقد المنصرم – دكان شحاتة ، هي فوضى – و إن كانت في المجمل مثل هذه النوعية من الأعمال السينمائية عكست ظروف معينة و توقعت لها نتائج.

لكن هناك و على الشاطئ الآخر من الكرة الأرضية و في بلاد العم سام كان أمراً سينمائياً مختلف معني بنوعية أخرى من الأعمال الفنية المصنفة تحت مظلة أفلام الخيال العلمي حاملة بين أحداثها و أسلوب تنفيذها – تكنيك – من الإبهار ما لا يقل عن جرءة في العرض و رؤية مختلفة للمستقبل في ظل وضع قضايا معاصرة غاية في الخطورة تحت مجهر الخيال العلمي .

مصر بين السينما و التغييرات المناخية
مصر بين السينما و التغييرات المناخية

 

التغييرات المناخية ، مصطلح بات ترديده في الآونة الأخيرة هو المسيطر على دوائر الساسة و الأخبار حاملاً أبعاد و إحتمالات عدة خاصةً مع توجه أنظار العالم في نوفمبر الجاري لمدينة جلاكسو الأسكتلندية حيث مؤتمر الأطراف لإتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ COP26 و الذي شهد حضوراً دولياً غاية في القوة و التمثيل الدبلوماسي و حمل من التوصيات ما يلزم الحكومات أن تعمل على تقليل الإنبعاثات الغازية التي أدت لتحرك درجات حرارة كوكب الأرض بمعدل 2.7 كما أعلن الأمين العام للأمم المتحدة ، ما عمل على تغير كبير في درجات الحرارة ألقى بظلاله على كافة ظواهر الحياة الطبيعية على كوكب الأرض .

و قبل أن يعلن رئيس الوزراء البريطاني بورس جونسون عن غرق عدة مدن ما لم يتم السيطرة على إرتفاع درجات الحرارة الناجم عن تصاعد الغازات – الميسان، الكربون – جراء الإفراط في إستخدام الوقود الأحفوري في عملية الصناعة ، و قبل أن يضع في قائمة المدن المعرضة للغرق مدينة الأسكندرية المصرية في غضون العقود القادمة بفعل ذوبان الجليد في القطب الشمالي نتيجة الإرتفاع في درجات الحرارة ، كانت سينما الخيال العلمي على موعد مع فيلم سينمائي إختار أن تدور أحداثه عن مصر .

مصر بين السينما و التغييرات المناخية
مصر بين السينما و التغييرات المناخية

 

فمع نهاية عام 2014 كانت قاعات السينما الأمريكية على موعد مع عرض فيلم الخيال العلمي Age of Ice ليتابع الجمهور 85 دقيقة – مدة عرض الفيلم – تدور أحداثها حول وقوع زلازل هائلة، مما يتسبب في فتح الطبقات التكتونية في المنطقة العربية، وهو ما جعل الجو يتغير ودرجات الحرارة تنخفض، وهو ما يبشر ببداية عصر جليدي جديد، وفي هذه الأثناء تكون عائلة جونز بطل الفيلم في زيارة إلى مصر، حيث يقضون عطلتهم، وحينها يتوجب على رب العائلة الكفاح من أجل مواجهة هذا البرد الشديد و الخروج بعائلته إلى اليابسة حيث درجات الحرارة في معدلها الطبيعي ، و قطعاً إعتمد إميل إدوين سميث – مخرج الفيلم – مؤلفه على عوامل عدة لإخراج هذا العمل في صورته مبهرة خاصة و هو يبرز معالم مصر و في مقدمتها الأهرام و هي مكتسية بالجليد على الرغم من تصوير أحداث الفيلم في الولايات المتحدة .

مصر بين السينما و التغييرات المناخية
مصر بين السينما و التغييرات المناخية

 

بين كرواتيا و إيطاليا كان فريق عمل سينمائي لكنه مصري هذه المرة قرر أن يعالج ذات القضية – التغييرات المناخية – في قالب كوميدي يحمل من الخيال العلمي لمحة أيضاً ، فكان الجمهور مع نهاية عام 2016 على موعد إستقبال دور العرض لفيلم ” حملة فريزر ” و الذي يحكي من خلال أحداثه عن تبدل الحالة المناخية لمصر لتتحول إلى صقيع تام و ثلوج غطت الشوارع و مياه النيل، ويقرر مجموعة من ضباط المخابرات السفر إلى إيطاليا في مهمة للحصول على جهاز يمتلك القدرة على إيقاف الصقيع ، وينتحلوا شخصيات فريق عمل سينمائي لكي يتظاهروا بتصوير فيلم و تنتهي مهمتهم بعد 123 دقيقة – مدة عرض الفيلم – بنجاح و تعود الحياة لطبيعتها لا في مصر وحدها بل في كافة الدول .

مصر بين السينما و التغييرات المناخية
مصر بين السينما و التغييرات المناخية

 

أعمال فنية قدمت لقضية التغييرات المناخية كانت مصر محور أحداثها كما هي على الواقع محوراً هاماً في تبني القضايا البيئية و الذي كان إنعكاسه بعيداً عن تصريحات رئيس الوزراء البريطاني ، و أحداث فيلم Age of Ice ، و أحداث فيلم ” حملة فريزر ” ، في أن يقع الإختيار على مصر كي تستضيف فاعليات مؤتمر المناخ العام القادم COP27 في مدينة شرم الشيخ .

لاشك أن تناول الأعمال الفنية لقضية التغييرات المناخية في ظل اسلوب الخيال العلمي أو الكوميديا يعد إلى جانب التسلية نوع من التوعية بخطورة القضية و التي يمكن أن تخضع لأبعاد سياسية تارة و تحمل رسائل مبطنة لأصحاب التخصص و لكنها في ذات الوقت يمكن أن تكون أداة يعول عليها في إلهام الشعوب و تبصرتهم بضرورة الحفاظ على البيئة بطريقة يسهل بها عرض القضايا البيئية بصورة غير معقدة بعبارات و مصطلحات يصعب على الجمهور التعاطي معها ، أسلوب مختلف لعرض القضايا البيئية يتوقع أن يؤتي ثماره مستقبلاً متى عمد صناع الدراما و السينما على الإستعانة بالمتخصصين في هذا الشأن مع تنامي الإهتمام بقضايا البيئة و هو ما يمكن أن يتم طرحه في COP27 بمصر المستضيفة للمؤتمر و محور أحداث هذه الأعمال .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا