مقالاتالتاريخ والآثار

أقوى رجال عبدالناصر

 

كتب: خالد الهس

 

إنها لعبة تختلف عن غيرها من أنواع اللعب واللهو مثل البوكر أو الحرب أو التجارة فى عدة نواحي

أولا : لكل لاعب فى هذه اللعبة أهدافه الخاصة التي تختلف عن أهداف الآخرين ، كما أن تحقيق هذه الأهداف هي مقياس نجاحه .

ثانياً : كل لاعب في هذه اللعبة مجبر بظروفه الخاصة داخل بلاده على القيام بأعمال وتحركات داخل مجال اللعبة دون أن يكون لها علاقة بأسباب النجاح ، بل يمكن أن تقلل من فرص النجاح نفسه .

ثالثا: في لعبة الأمم لا يوجد فائزون البتة بل الكل خاسرون لهذا لم يكن حرص كل لاعب على النجاح بقدر ماهو يعمل على تجنب الضياع والخسارة .

إن الهدف المشترك لجميع اللاعبين في لعبة الأمم هو رغبتهم في المحافظة عليها مستمرة دو توقف ، ذلك لأن توقف اللعبة لا يعني سوى شئ واحد ألا وهو الحرب .

تلك المعزوفات السياسية ألقاها أحد أهم رجال عبد الناصر وهو زكريا محيي الدين نائب رئيس الجمهورية العربية المتحدة في الكلية العسكرية ، وهي نفس الكلمات التي اقتبسها ضابط المخابرات الأمريكي مايلز كوبلاند واضعاً إياها في مقدمة كتابه الشهير ” لعبة الأمم” والذي وصف محيي الدين بأنه أقوى وأذكى رجال عبدالناصر.

ولكن من هو زكريا محيي الدين؟

هو أحد أبرز الضباط الأحرار ، تولى عدة مناصب سياسية عديدة حتي أصبح رئيساً للجمهورية.

ولد زكريا محيي الدين فى 5 يوليو عام 1918 في محافظة الدقهلية كان والده عمدة قرية كفر شكر ، والذي اهتم بتعليمه حتى التحق بالمدرسة الحربية ليتخرج منها ملازم ثان في عام 1938 ، تم تعيينه في كتيبة بنادق المشاة في الاسكندرية ، ثم انتقل إلى منقباد في عام 1939 ليلتقي هناك بجمال عبدالناصر للمرة الأولى ، ثم سافر إلى السودان عام 1940 ليتلقى بعبد الناصر للمرة الثانية ، تخرج محيي الدين من كلية الأركان عام 1948 وسافر بعدها إلى فلسطين ليشترك فى تلك الحرب العصيبة والمريرة ، ثم عاد للقاهرة ليعمل مدرسا بالكلية الحربية ومدرسة المشاة  .

زكريا محيي الدين

انضم زكريا محيي الدين إلى تنظيم الضباط الأحرار قبل الثورة بثلاثة أشهر وكان ضمن خلية جمال عبدالناصر ، وكان زكريا محيي الدين هو المسؤول عن وضع خطة التحرك للقوات ، وهو الذي قاد عملية محاصرة القصور الملكية فى الإسكندرية وذلك أثناء تواجد الملك فاروق هناك .


زكريا محي الدين( الأول من اليمين)

لنعود بالزمن قليلا قبل ثورة يوليو 1952 وبالتحديد عام 1949 ولكن هذه المرة في سوريا ، ففي هذا التوقيت كانت أمريكا تسعى لفرض سيطرتها على الشرق الأوسط لضمان بقاء إسرائيل آمنة ومطمئنة ، ولم تكن ترى أمريكا أن الحكومات العربية تصلح للتعاون معها وأنه لا يوجد قائد عربي يتمتع بالحنكة السياسية والمرونة في التعاون معها ، لذلك اتجهت إلى تغيير الحكومات والأنظمة الحاكمة في الشرق الأوسط والبداية كانت فى سوريا ، وقد خططت أمريكا مع رئيس أركان الجيش السوري حسني الزعيم على الانقلاب على الرئيس السوري القوتلي ونجح الانقلاب ثم حدث انقلاب داخل الانقلاب نفسه وبدأت الأمور غير مستقرة تماماً والأجواء ضبابية بالنسبة للتواجد الأمريكي هناك ، فاعترفت أمريكا بفشل التجربة في سوريا .

رئيس أركان الجيش السوري حسني الزعيم على

واتجهت أنظار امريكا إلى مصر ، ولكن هذه المرة بعثت امريكا برجل المخابرات كرميت روزفلت وهو حفيد الرئيس الأمريكي السابق تيودور روزفلت إلى مصر ، وكانت الخطة أن يتفق روزفلت مع فاروق على القيام بثورة داخلية واعتقال كل المعارضين له وتغيير شامل في المؤسسات ، إلا أن فاروق خيب أمل الأمريكان ولم يستطع تنفيذ ماطلب منه ، لذلك فكرت أمريكا فى التعاون مع البديل في الجيش حيث كان لديهم معلومات عن تنظيم الضباط الأحرار وأهدافهم .

وتم تحديد موعد اجتماع بين روزفلت والقادة المحتملون لتنظيم الضباط الأحرار ، ووافق عبد الناصر على التقرب منهم وأرسل إليهم بعض من ضباطه من الدرجة الثانية في التنظيم في أول اجتماعين ، أما في الاجتماع الثالث أرسل عبدالناصر أقوى وأذكى رجاله ” زكريا محيي الدين” والذي توصل مع روزفلت إلى اتفاق أبهر روزفلت نفسه ، وكان هو صاحب الدور الأول فى إقناع الامريكان بضرورة نجاح هذه الثورة ، أولا : لصالح الشعب المصري بعد الظلم والقمع الذي يعيش فيه منذ سنين طويلة ، ثانيا : لصالح العلاقات الأمريكية المصرية ، وهذا ما جعل روزفلت يرسل تقريرإلى  القيادة الأمريكية يوصي بضرورة مساندة هذا التنظيم ، وعدم الوقوف فى طريق مايريدون وأن فاروق قد أصبح كارت محروق لا يمكن الاعتماد عليه فى الفترة القادمة .

موعد اجتماع بين روزفلت والقادة المحتملون لتنظيم الضباط الأحرار
موعد اجتماع بين روزفلت والقادة المحتملون لتنظيم الضباط الأحرار

وبعد نجاح الثورة أوكل عبد الناصر إلى محيي الدين إنشاء جهاز المخابرات على أحدث النظم والوسائل العلمية ، فكان أول رئيس لهذا الجهاز وكان هو همزة الوصل بين رجال المخابرات الأمريكية وعبد الناصر ، إلي أن تم تعيينه وزيراً للداخلية عام 1958 ، وبعدها بعامين عين محيي الدين رئيساً للجنة العليا للسد العالي ، وفي عام 1961 تم تعيينه نائباً لرئيس الجمهورية ووزيرا للداخلية للمره الثانية ، ولهذا أطلقت الصحافة ووسائل الإعلام ورجال السياسة آنذاك بالقبضة القوية والصارمة ورجل المهمات الصعبة ، نظراً للمهام التي أوكلت إليه كرئيس لجهاز المخابرات ووزير الداخلية لمرتين

محيي الدين رئيس لجهاز المخابرات ووزير الداخلية

.

وفى عام 1965 أصدر عبدالناصر قرارا بتعيينه رئيساً للوزراء ونائباً لرئيس الجمهورية، وبعد نكسة 1967 تولى محيي الدين رئاسة الجمهورية لمدة يومين في الفترة بين تنحى عبدالناصر وعودته مرة أخري ، وفي عام 1968حدث أمر غريب وعجيب استقال محيي الدين واعتزل العمل السياسي واضعاً علامات استفهام كثيرة حول أسباب هذا القرار ، والذي اعتقد البعض أن هذا جاء بعدما ثار محيي الدين على الأوضاع والإجراءات الخاطئة التى يتبعها عبدالناصر فأراد الابتعاد والاعتزال ، وفي يوم الثلاثاء 15 مايو عام 2012 انتقل إلى جوار ربه ، وطوال هذه الفترة لم يتحدث محيي الدين ولا أحد يعلم السبب اليقيني وراء هذا القرار .

محيي الدين رئاسة الجمهورية لمدة يومين

.

إقرأ أيضًا:-

زعيم الثورة العرابية

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا