تقارير وتحقيقات

دور مصر و المؤسسات الدولية في مواجهة ” صافر ” الخطر البيئي القادم

أمير أبو رفاعي

لا شك أن الدور المصري في مجال البيئة سواء على الصعيدين الإفريقي و الدولي شهد تنامي كبير خلال السنوات السبع الماضية فكانت المساعي المصرية في هذا المضمار قوية و ذات رؤية أكسبت مصر دوراً ريادياً نجحت على أثره من أن تحتضن مؤتمر وزراء البيئة الأفارقة عام 2015 بعد غياب لمدة 32 عام و إستضافتها أيضاً للدورة التالية لذات المؤتمر ، كما كان إستضافة مؤتمر التنوع البيولوجي 2018 و رئاسة مصر للمؤتمر خلال هذه الدورة قبل تسليم رئاسة الدورة الحالية للصين ، إضافة إلى فوز مصر بتنظيم مؤتمر الأطراف لإتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ COP27 العام القادم 2022 و الذي يعد الحدث البيئي الأهم على مستوى العالم ، أحداث تعكس دور بارز لمصر في مجال البيئة جاءت لتعكس إهتمام رأس الدولة بهذا الملف بعدما كانت أول مشاركة للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ، في إجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد توليه السلطة و طرحه في خطابه للقضايا البيئية و أنها أولوية مصرية في إستراتيجية الدولة .

و في تحدي يحمل بين طياته إختبار لمدى مصداقية مواجهة الكوارث البيئية و من واقع ثقة المؤسسات و المنظمات الدولية و الإقليمية لدور مصر و التعاون معها في الحفاظ على البيئة ، تأتي أزمة الباخرة ” صافر ”  – ناقلة النفط  – تلك القابعة في مياه البحر منذ مارس 2015 و التي تشير التقديرات بأن تدهورهيكلها ينذر بكارثة بيئية لا تقل عما تلحقه آثار التغييرات المناخية من أضرار جراء حرائق الغابات و الفيضانات و الجفاف و التصحر .

فبعيداً عن الموائمات السياسية و الصراعات اليمنية التي شارفت على عقد من الزمن ، و النزاع المسلح الذي أحرق الأخضر و اليابس و أزهق الأرواح ، فإن وضعية الباخرة ” صافر ” يمكن أن يضيف بعداً جديداً للأزمة اليمنية ليشمل البحر في تهديد للحياة به و عليه لا يقل عما تشهده أرض اليمن .

و مع إشارة التقديرات إلى أن ” صافر ” تحتوي على حوالي 1.14 مليون برميل من النفط بقيمة تصل إلى 80 مليون دولار أمريكي، و كذلك ما أذاعته وسائل إعلام من تقرير – قناة الجزيرة – مطلع ديسمبر 2019  يفيد بأن النفط بدأ في التسرب من الناقلة على الرغم من أن صور الأقمار الصناعية اللاحقة أظهرت أن التقرير كان غير دقيق وليس هناك أي علامة على وجود تسرب من السفينة ، فإن التهديد البيئي يظل قائماً و بصورة تحتاج إلى تنحية الملفات السياسية و الصراعات الحربية جانباً بصورة جدية لإحتواء كارثة بيئية لن يتحمل عواقبها الجميع حتى من يستخدم الباخرة ” صافر ” كورقة ضغط لتحقيق مكاسب على الأرض يمكن أن تتلاشى جراء حدوث ذلك التسريب النفطي في مياه البحر الأحمر .

ففي حديث لمختصين كان من بينهم  الخبير الجيولوجي الدكتور عبدالغني جغمان لشبكة الصحفيين الدوليين، أشار أن حدوث تسرب نفطي أو غرق الباخرة سيترتب عليه كارثة بيئية قد تكون من أكبر الكوارث البيئية وحوادث التسرب النفطي في العالم، حيث قد تعد واحدة من أكبر خمس كوارث في العالم بسبب الكمية الكبيرة من النفط المخزن فيها، إضافة إلى أن البحر مفتوح ودرجة الحرارة فيه عالية والتيارات البحرية نشطة.

و وفقاً لإحصاءات قام بها  جغمان  مع منصة “حلم أخضر”  لما يمكن أن ينتج في حال وقوع هذه الكارثة، واتضح أنّ التلوث سيكون كارثيًا وسيؤدي إلى إلحاق الضرر بالكائنات الحية البحرية بدون استثناء، قائلًا: “من الأضرار التي ستخلقها هذه الكارثة فقدان 115جزيرة يمنية في البحر الأحمر لتنوعها البيولوجية، وموائلها الطبيعية، ناهيك عن فقدان 126,000 صياد لمصدر دخلهم بمناطق الصيد اليدوي، كما سيموت 969 نوعًا من الأسماك بفعل بقع النفط الخام المتسربة، وسيختفي قرابة 969 نوعًا من الشعاب جراء النفط الخام وعدم وصول الأوكسجين والشمس إليها”.

ويضيف جغمان أنّ “هناك 768 نوعًا من الطحالب في المياه الإقليمية اليمنية ستتعرض للتلف و139 نوعًا من العوالق الحيوانية التي تعيش في المياه ستختنق ببقع الزيت الخام ، كذلك تهدّد هذه الحادثة 1,5 مليون طائر مهاجر أثناء عبورها السنوي لمنطقة باب المندب، والتي تصنف بأنها ثاني ممر عالمي للطيور المهاجرة الحوامة”.

إحصاءات و تقديرات تأتي في ظل شح معلوماتي خلفته الأزمة اليمنية إضافة لعدم إهتمام بالتأثيرات البيئة جراء الحروب و الصراعات بقدر الإهتمام بنتائج و مكتسبات على الأرض حتى و إن كانت النتائج البيئة أشرس ضرراً ، و هو ما يضع المؤسسات الدولية و الإقليمية إضافة إلى مصر التي تترأس الآن مجلس وزراء البيئة العرب في جامعة الدول العربية أمام مهمة غاية في التعقيد بذات قدر تشابك الأزمة اليمنية في ظل إقليم و منطقة تعيش تأثيرات بيئية في أكثر نقطة ساخنة بفعل حروب و صراعات منها السياسي و منها المسلح ، ما يستدعي تحركاً بطريقة تشاركية على وجه يتماشى مع ما تمثله القضايا البيئية من إهتمام و أهمية تنادي بها الدول و المؤسسات الدولية و الإقليمية .

إقرأ أيضا

قراءة صحفية في التغييرات المناخية 5 “الأمم المتحدة و مؤتمر المناخ”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا