( نفسك لها حق عليك) 

نانسي طه

 

يقولون (على قدر المحبة يكون الحزن )

وأقول أيضاً (على قدر الاشتياق يكون السؤال)

فلا تخبرني أنك تشتاقني وأنت لا تسأل عني

ولا تتصل بي لتحادثني

ولا يأتي في حسبانك أن تعرف أخباري

أتعجب جداً أن في زمننا هذا

أصبح السؤال عبر رسائل مواقع التواصل الاجتماعي

فلم يعد أحد إلا من رحم ربي يتصل بأحد

لماذا أصبح السؤال بكلمات لامرئية ولا مسموعة

ولا حتى تحوي على مشاعر

اشتقت إليك

تعني سأحدثك لأسمع صوتك

لأشعر بكلامك وبما تشعر

لأطمئن عليك عن قرب إلى أن نلتقي

ليتنا نعود إلى زمن الرسائل المكتوبة وصندوق البريد

لعلنا نعرف قيمة الحديث

حقيقةً

تغيرت نظرتي للحياة وللبشر

فلم أعد أنخدع بالكلمات كالماضي

صرت أعرف الحقيقة من الأكاذيب

صرت أفرق جيداً بين البشر

من يحبني بصدق ويهمه أمري

وحين أغيب يسأل ليطمئن عني

ومن لا أخطر بباله ولا يبالي بغيابي أو حضوري

أصبحت أعرف جيداً من يفرح لي بصدق ومن يصطنع الفرحة

من يواسيني ويتألم لألمي ومن يساندني لمجرد أداء الواجب

من يتمنى لي الخير كما يتمناه لنفسه

ومن يغار مني بخبث

اعتزلت البشر لفتره ليست بهينة

فأعدت ترتيب أفكاري

ونضجت سنين عن عمري

وتغيرت نظرتي لكل شئ حولي

ونظمت أولوياتي

فأصبح الناس عندي

مقامات

ولكل منهم معزة حسب أفعاله

فلم أعد احزن أو اكتم في نفسي

حين يبتعد أو يرحل أحدهم عني

أصبحت أميز بين الطيب والخبيث

بين صاف القلب و اللئيم

عرفت أولئك الذين حين أحتاج مساعدتهم سأجدهم أول القادمين

ومن حين أحتاجهم سيكونوا كالغرباء

فلم أعد أفصح عن حياتي وما أمر به من حزن أو فرح

سوئ لؤلئك الصادقين المخلصين

اكتشفت أن هناك أناس يستحقون حبنا ووقتنا ومجهودنا

وآخرون لا يستحقون سوى ما تبقى من وقتنا

فأفضل شئ هو أن تجعل كل فرد في مقامه الصحيح

وأن لا تتوقع الكثير من أحد

وعامل الناس كما تحب أن تعامل

ما عدت أبالي بمن حولي

فأصبح كل تفكيري في نفسي وكيف أصل إلى مرحلة السلام النفسي

فمن يحشر أنفه في حياة الجميع لا يلومن إلا نفسه

أصبحت الحياة بالنسبة لي ليست سوى مرحلة

سنعيشها (بالطول والعرض) كما يقولون

فلا داعي للخصام

ولا داعي للكره

ولا داعي للبعد

ولا داعي لكل ما يعكر صفو قلوبنا

فلم يعد هناك ما يستحق أن نبالي لأجله سوى أنفسنا

فنفسك لها حق عليك.

إقرأ أيضاً: 

سجين

 كيف تنحني لسمكة؟ 

حلم سعيد