التاريخ والآثار

السياحة الروحانية بمصر والعالم

بقلم:
ميرنا القاضي
عبدالعزيز مصطفى.

في العالم كله تعتبر السياحة الروحانية هي أحد أقدم أنواع السياحة المعروفة بين الشعوب و الديانات المختلفة و هدف هذا النوع من السياحة هو القيام بشعائر دينية و طقوس عقائدية لكل من يعتنق ديانة معينة فأن السياحة الدينية تمثل وسيلة سهلة للإتصال والحوار الحضاري بين الشعوب والأمم وتهيئ روح المحبة والسلام في النفوس

وتعتبر أحدى أهم أنواع السياحة التقليدية والتي تمثل مصدرا مهماً من مصادر السياحة و لعل رحلات الحج السنوية وأداء الفرائض الخاصة بها والعمرة وقد ورد في التعاليم الإسلامية هذا النوع من السياحة للترويج والترفيه على أفراد الأسرة والعائلة وبرغم كونها شعائر دينية إلا أنها تعتبر سياحة خالصة للترفيه في ظل الخشوع لله ومحبة رسوله الكريم صل الله عليه وسلم.
و هناك في العالم أماكن كثيرة جداً تمتاز بتلك المقصودة بالسياحة الدينية مثل أماكن تواجد العائلة المقدسة أو أماكن ظهور التجليات المريمية وقد ذكر الفاتيكان بأقرار زياة تلك الأماكن و منها ،قيام قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية بالسماح بزيارة قرية في دولة البوسنة قد أثارت جدلاً واسعاً بعد أن قال سكانها إن السيدة العذراء تظهر لهم فيها منذ فترة طويلة و قد أوضح نيافة الأب أليساندرو جيزوتي، المتحدث باسم الفاتيكان، في بيان، إن الموافقة الرسمية على زيارة قرية “مديوجوريه” البوسنية يجب ألاّ تُفسَّر على أنها مصادقة من الكنيسة لمزاعم ظهور السيدة العذراء، لأن هناك حاجة إلى إجراء مزيدٍ من التحقّق والدراسة.

وقد بدأت الحكاية بادعاء ستة من أطفال القرية تحدثوا في بادئ الأمر عن رؤية السيدة مريم العذراء في القرية عام 1981، عبر رواية أعادت إلى الأذهان ما قيل عن التجليات المريمية لها بمدينة لورد الفرنسية خلال القرن الـ19، وقبل أكثر من 100 عام مدينة فاطمة البرتغالية وغيرهم

وفي السنوات التي تلت رواية الأطفال الـستة عن رواية التجلي تلك تحوّلت قريتهم “مديوغوريه” إلى مزار سياحي ديني رئيسي يجذب مئات الآلاف كل عام، ويمنح زواره ما يصفونه بتجديد للروحانيات والسمو بالنفس وقد استمرت تلك الزيارات من جميع أنحاء العالم، على الرغم من عدم سماح الفاتيكان بها رسمياً إلا من فترة قريبة كما وفّرت للسكان المحليين داخل القرية مصدر دخل متواصل وكبيرة نتيجة للإقبال على مشاهدة مكان تجلي السيدة مريم العذراء للأطفال الستة ..قد ذكر بعض الأقطاب الدعوية و التبشرية للمسلمين و المسيحيين داخل مصر ضرورة تطوير برامج السياحة الدينية في مصر لما شهدته من إهمال في الفترات السابقة وضرورة تطوير الخطاب الديني وتوثيقه بتعريف الشعب بمعنى السياحة الدينية، حيث إن الدين الإسلامي والمسيحي هي أديان محبة وهدوء وتوسعة عن النفس, وبطبيعة البشر والإنسانية فإن الفطرية تلزم الجميع بأن يحتاج للترويح عن نفسه بعد ضغوطات عمل وأوقات صعبة قد تمر بالإنسان، لأن ديننا دين يسر فقد ورد في تعاليمه إباحة السياحة الدينية والإستمتاع بمشاهدة المعالم الدينية، وقد صُنفت مصر بأكثر الأماكن مليئة بالسياحة الدينية، ولنأخذ جولة معاً ونتعرف على أماكن السياحة الدينية في مصر و ما أكثرها ..

فقد كانت مصر و لقرون مهبط الوحي الإلهي لمختلف الأديان السماوية من اليهودية والمسيحية والإسلام بمختلف الأعتقادات والمذاهب ولذلك كانت صاحبة تنوع ديني و ثقافي شكل مع القرون مصر التي نعرفها الآن فمن ينسى رحلة العائلة المقدسة إلى أرض مصر بعد فرارهم من بيت لحم بالقدس القديمة و هروب الطفل يسوع المسيح عليه السلام ومريم العذراء ويوسف النجار من بيت لحم إلى مصر حسب رواية إنجيل متى كي لا يلتقوا هيرودس الملك الذي تخوّف من أن يزاحمه السيد المسيح عيسى عليه السلام في المُلك – إذ إن من صفات المسيح كونه ملكًا، وهو ما سيتحقق في المجيء الثاني وفق المعتقدات المسيحية – فأراد قتله عن طريق المجوس، فحينما فشل، قرر قتل جميع أطفال بيت لحم من دون السنتين، ولكنّ وحيًا كان قد جاء ليوسف في الحلم يخبره بأن يأخذ الطفل وأمّه إلى مصر، فهربا وأقام بها حتى وفاة هيرودس، قبل أن يعودا إلى الناصرة لتنطلق دعوة السيد المسيح عيسى ابن مريم الثانية بعدما شب عودة في أرض مصر و ارتوي بنيلها واختلط بأهلها و اكل و شرب بين ضفاف محبة أهلها وكرمهم لذلك تأخذ مصر مكانة كبيرة في قلوب المسيحيين في كل أنحاء العالم في أكثر البلدان التي ذكرت في العهد القديم و الوحيدة تقريباً الباقية منذ ذلك الزمان الغابر ..

مصر و السياحة الروحانية”

 

تشمل السياحة الروحانية في مصر زيارة المواقع ذات الدلالات أو الأهمية الدينية في الديانات الثلاث اليهودية، المسيحية والإسلام وتشتمل دولة مصر على تشكيلة كبيرة جداً جداً من الأماكن الأثرية الدينية التي يمكن زيارتها ورؤيتها رؤيا العين لكونها ليست أساطير تحكي أو تجليات لم يشاهدها إلا من شهدها فقط ..

فمثلا تتعدد الأماكن ذات الدلالة الإسلامية في مصر فمنها جامع سيدنا الحسين حفيد النبي محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم في القاهرة إضافة إلى مساجد تاريخية مثل مسجد ابن طولون والجامع الأزهر وأسوار القاهرة التاريخية وقلعة صلاح الدين و غيرهم الكثير ..
كما توجد مواقع ذات دلالة دينية مسيحية كنيسة القديس سرجيوس التي لجأت إليها العائلة المقدسة أثناء لجوئها إلى مصر والكنيسة المعلقة ودير سانت كاترين ودير القديس الانبا انطونيوس مؤسس الرهبنة ودير الأنبا بولا في البحر الأحمر وكذلك دير السيدة العذراء المحرق ودير درنكة في أسيوط والعديد من الاديرة والكنائس الأثرية التي لا حصر لها.

كذلك يوجد مواقع ذات دلالة دينية يهودية في مصر مثل جبل موسي في سيناء وكنيس بن عيزرا في مصر القديمة بالقاهرة حيث يوجد بجواره بئر عميق يعتقد اليهود ” أن أم النبي موسى كانت تخبئه فيه خوفا عليه من فرعون ” وكنيس شعاري شمايم ” بوابة السماء ” بوسط القاهرة وكنيس الياهو حنابي بشارع النبي دانيال وكنيس منشأ في الأسكندرية و معبد خوخة اليهود بالمحلة الكبري.

تلك الأماكن والآثار يرجع تاريخها للعديد من العصور مثل عصر البطالمة، عهد القدماء المصريين، عصر الدولة العثمانية، والكثير من الحضارات والدول التي تلاحقت على حكم مصر ومنها على سبيل المثال لا الحصر:

دير سانت كاترين *

ويقع دير سانت كاترين في جنوب شبه جزيرة سيناء , أسفل جبل كاترين الذي يُعد أعلى الجبال في مصر.
يشتمل الدير على مكتبة تضم كتب الأناجيل والمخطوطات.
يُقال إن دير سانت كاترين هو أقدم دير في العالم, حيث يتوافد عليه أفواج سياحية من كل بقاع العالم ويُدار الدير حاليا من قبل رهبان من الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية لايتحدثون العربية ويتواجد الدير على شكل حصن وقد زاره العديد من الأباطرة و الملوك مثل سليم الأول الذي أخذ منه بعض المقتنيات من الرسائل العمرية التي كانت تخص أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه و نقلها لعاصم الخلافة العثمانية الوليدة في حينها ..

السياحة الروحانية بمصر والعالم

ثانياً الكنيسة المعلقة

وتقع الكنيسة المعلقة في حي مصر القديمة، على مقربة من مسجد عمرو بن العاص، ومعبد بن عزرا اليهودي، وكنيسة القديس مينا بجوار حصن بابليون القديم وكنيسة الشهيد أبو سيفين وتسمى كل هذه الصروح الدينية بأسم منطقة مجمع الأديان و قد سُميت بالكنيسة المعلقة لأنها بُنيت على برجين من الأبراج القديمة للحصن الروماني الذي كان قائم بنفس المكان و تعتبر الكنيسة المعلقة هي أحد أقدم كنائس مصر القبطية إن لم تكن أقدمها على الإطلاق لكونها بنيت بعد زوال العصر الروماني مباشرة ..

السياحة الروحانية بمصر والعالم

الجامع الأزهر الشريف

ويعتبر المسجد الأزهر الشريف هو منارة العلوم الإسلامية في مصر والعالم العربي و الاسلامي قاطبة لما قد يلعبة من
لعب دوراً تعليمياً, ثقافياً, سياسياً وإقتصادياً في نشر اللغة العربية والعلوم الإسلامية التي باتت موجودة في كل مناحي الحياة منذ أن بعث بها خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم و هو رابع الجوامع المبنية في مصر.
وقد عرف قديماً بجامع القاهرة بُني ليكون أكبر وأشهر مكان لنشر الدعوة الإسلامية في العالم الإسلامي حينها ..

جامع عمرو بن العاص رضي الله عنه*

ومسجد عمرو بن العاص ويقع جامع ومسجد عمرو بن العاص بالفسطاط المدينة الأولى بمصر التي أقامها المسلمون , و هي أحد أول أحيائها و تقع حاليا ضمن نطاق حي مصر القديمة و جامعها هو أول جامع بُني بمصر. و قد عُرف بأسم الجامع العتيق, وتاج الجوامع, نظراً لأنه أول مسجد تم بناءه و لكون من شيدوه هم صحابة رسول الله و قد كان الجامع قديماً يطل على النيل ويشرف على حصن بابليون الذي يقع بجواره مباشرة ..
مسجد و جامع المرسي أبو العباس *
ويقع بمنطقة الأنفوشي, الإسكندرية ويمتاز مئذنته الشاهقة وقبابه الأربعة الرائعة و يعتبر مزار دائم لمحبين التصوف

السياحة الروحانية بمصر والعالم

مسجد الحسين*

مسجد الإمام الحسين، هو مسجد قديم يقع بالقرب من منطقة خان الخليلى فى حى الحسين، يعتبر مسجد الحسين من أهم الأماكن الإسلامية المقدسة فى القاهرة، وقد بنى فى عهد الخلافة الفاطمية عام 1154، ويحتوى المسجد على الكثير من المقتنيات المهمة مثل أقدم نسخة من القرآن الكريم.
وسمى المسجد بهذا الاسم نظرا لاعتقاد الناس أن رأس الإمام الحسين مدفون فيه، حيث إن الكثير من الروايات تحكى أنه مع بداية الحروب الصليبية خاف حاكم مصر الخليفة الفاطمي على الرأس الشريف من الأذى الذى قد يلحق بها فى مكانها الأول فى مدينة عسقلان بفلسطين، فأرسل يطلب قدوم الرأس إلى مصر وحمل الرأس الشريف إلى مصر ودفن فى مكانه الحالى وأقيم المسجد عليه، وضريح له

المعبد اليهودى*

و هو يقع بشارع عدلي بوسط العاصمة القاهرة ، ويعد من أفخم المعابد اليهودية في القاهرة، وإن كان من أحدثها بناء ، وبني عام 1905 برعاية عدة عائلات يهودية أرستقراطية على رأسها عائلة موصيري، ولا تزال بداخل المعبد لوحة تضم المشاركين والمتبرعين في بنائه، وتقيم فيه الأقلية اليهودية بمصر بعض الشعائر والطقوس الدينية من وقت لآخر.

مسجد أحمد بن طولون*

يعد مسجد ابن طولون المسجد الوحيد بمصر الذي غلب عليه طراز سامراء حيث المئذنة الملوية المدرجة، قام السلطان لاجين بإدخال بعض الإصلاحات فيه، وعين لذلك مجموعة من الصناع، كما أمر بصناعة ساعة فيه، وفى عهد الأيوبيين أصبح جامع ابن طولون جامعة تدرس فيه المذاهب الفقهية الأربعة، وكذلك الحديث والطب إلى جانب تعليم الأيتام، ويعتبر طولون هو أحد المماليك الأتراك الذين أهداهم عامل بخارى إلى الخليفة المأمون، وخدم في البلاط العباسى حتى بلغ مصاف الأمراء.

السياحة الروحانية بمصر والعالم

المتحف القبطى*

وهو الذي يقع بمصر القديمة داخل الحدود القديمة لحصن بابليون والذى توجد بقاياه خلف مبنى المتحف وبدأ تشييده أيام الفرس ولكن حدثت عليه العديد من الإضافات في عهد الإمبراطوريين الرومانيين أغسطس تراجان، ثم أضاف إليه من جاء بعدهم من أباطرة الرومان، ويعد هذا المتحف أكبر متحف فى العالم لآثار مصر من المرحلة القبطية، ومن أهم مقتنايته “قطعة نسيج عليها بعض الرموز المسيحية، نقش على مشط من العاج يظهر بعض معجزات السيد المسيح، تاج عمود من الحجر الجيرى مزين بشكل عناقيد العنب”.

ومن الأماكن السياحة الدينية في مصر أيضا مسجد وجامع سيدي إبراهيم الدسوقي ومسجد و جامع سيدي ابراهيم وغيرهم من مساجد ومراقد آل البيت والأولياء الصالحين الذي ظلت مزاراً متكرر للمحبين والموردين لكل تلك الروحانيات المحيطة والمصاحبة للحكايات التي مازالت تروي عن أصحاب تلك المساجد والقبور ..

إن التعرف على التراث الديني لدولة ما يولد مجموعة من العلاقات الإنسانية التي تنتج عن إقامة السائحين جراء (عشق المكان الذي تتجسد فيه علاقة الخالق بالمخلوق) طالما هذه الإقامة لا تكون دائمة فهي سياحة تهتم بالجانب الروحي للإنسان كذلك هي مزيج من التأمل الديني والتراثي من أجل التقرب إلى الله تعالى ..

– مصادر المقال:
– السياحة الدينية في مصر
– ل الاستاذ حسن الرزاز ..
– المراجعة اللغوية: ناريمان حامد.

إقرأ أيضًا:-

المسجد الكبير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا