مقالات

عينان لا تمسهما النار

كتبت: رويدا عبد الفتاح 

 

عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ الله، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ الله) رواه الترمذي وحسنه، وصححه الألباني، وفي رواية أنس بن مالك رضي الله عنه عند أبي يعلى: (عَيْنَانِ لا تَمَسُّهُمَا النَّارُ أَبَدًا: عَيْنٌ بَاتَتْ تَكْلأُ الْمُسْلِمِينَ فِي سَبِيلِ الله، وَعَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ الله).

 

الهدي النبوي في الحديث:

ولا شك أن الهروب من النار والنجاة من النار مطلبٌ كل من يؤمن بالله ويوم القيامة، والأهم هو النصر يوم القيامة {فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ}..[آل عمران: 185]،ولذا يوجهنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث إلى سببين للهروب من جهنم، وهما: البكاء من مخافة الله، والحراسة في سبيل الله، ونناقشها واحدًا تلو الآخر.

عينان لا تمسهما النار
عينان لا تمسهما النار

 

الأول: (عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ الله):

البكاء مخافة الله سبحانه وتعالى هو أصدق بكاء الروح، و أقوى قلب مترجم من الخوف الشديد، والعيون الدامعة من مخافة الله تعالى لن تمسها النار، لأن العيون تتبع القلب، فإذا رقّ القلب دمعت العين، وإذا قسى القلب قحطت العين، قال الإمام ابن القيّم رحمة الله عليه: “ومتى أقحطت العين من البكاء من خشية الله تعالى، فاعلم أن قحطها من قسوة القلب، وأبعد القلوب من الله: القلب القاسي”.

 

وقد استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من القلب الذي لا يخشع فقال: (اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها) رواه مسلم.

 

كما أن البكاء من مخافة الله سبحانه وتعالى سبب لرحمة الله تعالى في يوم العرض، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سبعة يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله…وذكر منهم: ورجلٌ ذكر الله خالياً ففاضت عيناه) رواه البخاري ومسلم.

 

الثاني: عين باتت تحرس فى سبيل الله

تُعد الحراسة في سبيل الله من أعلى درجات الجهاد؛ لأن الحرّاس إما يقاتلون العدو على خط المواجهة، أو يسهرون لوقت متأخر لحماية الجيش من هجمات العدو. قال الإمام ابن النحاس: “اعلم أن الحراسة في سبيل الله من أعظم القربات، وأعلى الطاعات، وهي أفضل أنواع الرباط، وكل من حرس المسلمين في موضع يخشى عليهم فيه من العدو فهو مرابط”.

عينان لا تمسهما النار
عينان لا تمسهما النار

نصائح للشباب الغافلين: 

 

يجدر بالمسلمين أن يعملوا بجد للحفاظ على صلاة الليل والفجر، وتشمل الأساليب المفيدة ما يلي:

احرص على تجنب المعاصي والابتعاد عن الذنوب، فقد أثبت السلف الصالح أن المعصية والذنوب يضعفان القدرة على الصلاة في الليل وأداء صلاة الفجر في وقتها، فيقال من قضى أيام طاعة الله سبحانه وتعالى. له – والاقتراب منه – عبادة الله – سبحانه – يهديه إلى أداء صلاة الليل والفجر في مواعيدها، والعكس صحيح؛ فمن يقضي يومه في العصيان والذنوب، فهو أبعد عن الطاعة، و عن الوقوف والحضور في الليل وصلاة الفجر بعد ذلك حاضراً. فصلاة قيام الليل وصلاة الفجر في الوقت المحدد هي التوفيق لله عز وجل، وهي أيضًا اختيار ، لأن العصيان والذنوب والإصرار عليها من الأسباب التي تجعل العبد يقع في المتاعب و عدم أداء العبادات كالقيام وصلاة الفجر، خاصة وأن العبد قد حرم من الرزق لارتكاب المعصية، وليس هناك رزق أهم من طاعة الله -الكلية والجلال- والتحدث مع الله، وأحب أن ألتقي به. سأل رجل الحسن البصري – رحمه الله – لماذا لم يستيقظ لأداء صلاة الليل رغم قدرته ورغبته في ذلك، قال: “ذنوبُك قيَّدتْ”.

 

التضحية من أجل الوطن:

التضحية من أجل الوطن هو جزء من جوهر معتقداتنا الدينية، ومصالح الوطن الأم لا تنفصل عن هدف الدين. إن الدفاع عن الوطن هو من المهارات الست العظيمة التي يجب الدفاع عنها، وهي: الدين، والوطن، والروح، والمال، والشرف، والعقل، لأن الدين يجب أن يكون له وطن لحمله واحتضانه وحمايته.

وأشار إلى أنه عند الحديث عن التضحيات من أجل الوطن فإننا نستذكر بكل فخر وامتنان أبناء قواتنا المسلحة الباسلة والشرطة الوطنية الذين قدموا دمائهم في سبيل الوطن من الشهداء. قال نبينا صلى الله عليه وسلم: “عينان لا تمسهما النار،عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله”.

 

طريقة أخرى للدفاع عن الوطن هي محاربة العدو المهاجم المعتدي بالجهاد في سبيل الله. في هذه الحالة ، لا يُسمح لأي معتدٍ بغزو ومهاجمة الأشخاص الذين لم يهاجموه. وقد أنزل كتابه تعالى على عبده ورسوله محمد – صلى الله عليه وسلم – كما أوضح ذلك في كتب أخرى سماوية. محبة الوطن غريزة، والدفاع عنها فرض على كل من يتمتع بقدرات معنوية ودينية، لأن الدفاع عن الوطن هو الدفاع عن الإنسان وذاكرته وأفكاره وهويته.

 

صور السلف يبكون – رضوان الله عليهم -:

ولأنهم بكوا كثيراً خوفا من الله، فإليك بعض المواقف التي تؤيد هذا القول:

في حديث أنس – رضي الله عنه – قال: خطب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – خطبًا لم أسمعها من قبل قال: لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً، ولبكيتم كثيراً، قال: فغطى أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وجوههم لهم خنين، فقال رجل: من أبي؟ قال: ((فلان)). فنزلت هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} 12 “13- وفي حديث قيس بن أبي حازم قال: “كان عبد الله بن رواحة – رضي الله عنه – واضع رأسه في حجر امرأته، فبكى فبكت امرأته، قال: ما يبكيك؟ قالت: رأيتك تبكي فبكيت، قال: إني ذكرت قول الله {وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا}14 فلا أدري أنجو منها أم لا”.

 

ونختم باللطف الذي ذكره الإمام المناوي في “فيض القدير”، حيث قال: “سوّى بين العين الباكية والحارسة؛ لاستوائهما في سهر الليل لله، فالباكية بكت في جوف الليل خوفاً لله، والحارسة سهرت خوفاً على دين الله”، نسأل الله القدير أن يجعلنا قومًا نبكي خوفًا منه ، وأن يوفقنا على الحرّاس في سبيله.

إقرأ أيضاً: 

وزير القوى العاملة يستقبل نظيره العراقي لبحث العلاقات بين البلدين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا