مقالات

القوة الناعمة لمشاريع الخمسين واقتصاد المستقبل

 

                                                                                     طالب غلوم طالب 

كاتب وباحث إماراتي 

 المتمعن في المبادئ العشرة للخمسين عاماً المقبلة  التي تتبناها دولة الإمارات العربية المتحدة يجدها لا  تنفصل عن القيم الراسخة التي وضعها الآباء المؤسسون ، وسارت على نهجها القيادة الرشيدة في الخمسين عاماً السابقة.  فمبادئ الخمسين تحدد المسار الاستراتيجي الذي تطمح إليه الدولة لتحقيق رؤيتها المستقبلية ، وخاصة المبدأ السادس الذي يشير إلى ترسيخ السمعة العالمية للدولة  من خلال جعلها وجهة اقتصادية وسياحية وصناعية واستثمارية وثقافية واحدة للعمل على بناء مؤسسات إماراتية عابرة للقارات . فمع إطلاق الإمارات المرحلة الأولى من مبادرات مشاريع الخمسين والتي تشكّل حزمة ضخمة من المشاريع التنموية قوامها 50 مشروعاً لضمان بيئة آمنة للأجيال القادمة، ولتحدّد المسار الاستراتيجي للدولة  في دورتها التنموية لتدشن مرحلة مغايرة في الاقتصاد الإماراتي ، وتعيد بناء آليات للتعامل مع تحديات المستقبل لترسيخ موقع الدولة  كواحدة من أقوى الاقتصادات العالمية في خمسين عاماً ، وتعزيز دور القطاع الصناعي في التنمية الاقتصادية وتعزيز مكانتها  كوجهة رئيسية للمواهب والخبرات والاستثمار ورفع الصادات (10%) إلى (10) أسواق عالمية جديدة وتحديث منظومة التأشيرات والإقامات ،  تسهيل آليات عمل المستثمرين من القطاع الخاص من خلال حرية التملك للمشاريع للأجانب والوافدين بنسبة 100 % ، باعتبار أن هذه الاستثمارات بمثابة قوة ناعمة لدولة الإمارات العربية المتحدة  تدعم نفوذها الخارجي ، ومن المتوقع أن تساهم المشاريع الجديدة في تحقيق قفزات نوعية في الاقتصاد

وتشمل الحزمة الأولى لمشروعات الخمسين مجموعة من المبادرات منها : برنامج دعم مشاريع المواطنين المبدعين لتسهم في تنويع الاقتصاد لتحفيز المواطنين، وتقديم إبداعاتهم الاقتصادية أمام الجمهور في العالم، برنامج توجيه ورفع مشتريات الخدمات الوطنية إلى (55 مليار درهم) ، برنامج دعم القطاع الصناعي نحو الثورة الصناعية في غضون خمس سنوات ، برنامج خلق فرص اقتصادية لاستقطاب الاستثمار الأجنبي ، برنامج المنصة الاستثمارية الموحدة والتي تتيح إمكانية تأسيس الشركات وفتح حسابات مصرفية ، برنامج اتفاقيات الشراكة الذي يشمل عقد ثمان شراكات لدعم التبادل التجاري في ثماني أسواق استراتيجية ،برنامج استقطاب المواهب للدولة بحيث يتم تأهيل (3000) مبرمج شهرياً بمعدل (100) مبرمج يومياً لتسهيل تأسيس الشركات الخاصة بالبرمجة في الإمارات، برنامج استحداث نظام إقامة جديدة يستهدف أصحاب المستويات المهارية المتميزة والمستثمرين ورواد الأعمال وأوائل الخريجين وطرح الإقامة الخضراء والإقامة الحرة للأجانب المقيمين أو الراغبين للإقامة في الإمارات لأول مرة وعلى المستوى الاتحادي لمدة ستة أشهر بدلاً من ثلاثة ورفع سن الأبناء المشمولين في الإقامة إلى 25 عاماً بدلاً من 18 عاماً ، تدشين أكبر قمة عالمية للبرمجة في الشرق الأوسط بهدف تطوير المواهب والخبرات والمشاريع المتخصصة ، استحداث تشريعات وقوانين جديدة خاصة بالبيانات يدعم حرية التحكم في الطريقة التي يتم بها استخدام وتخزين معلومات الأفراد ويدعم الخصوصية للأفراد والمؤسسات كما تتضمن المشاريع تطوير التفوق الرقمي في مختلف المجالات لتكون الإمارات وجهة لاستثمارات التكنولوجيا وتحقيق خطة طموحة لدعم قوتها الناعمة من خلال تنمية اقتصادها وتنويعه 

لتأتي المرحلة الثانية من مشاريع الخمسين لتتضمن تشكيل “مجلس تنافسية الكوادر الإماراتية” برئاسة  سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان لدعم المشروعات الاستراتيجية التي تهدف إلى تأسيس مرحلة جديدة للاقتصاد الإماراتي بما يرتقي بتنافسية الإنسان على أرض الإمارات، وصولاً إلى أفضل المراتب عالمياً وأفضل المؤشرات محلياً ودولياً.

هذه المشاريع الاقتصادية الضخمة والاستراتيجية الطموحة سوف تعزز مكانة وسمعة دولة الإمارات العربية المتحدة  إقليمياً وعالمياً لتفعل جاذبية نموذجها الاقتصادي ومن ثم تجعلها أكثر تأثيراً في الشأن العالمي اقتصادياً وتجارياً وسياسياً واستراتيجياً، وأكثر فعلاً في الشأن العالمي استجابة لدواعي تحقيق الأمن والسلم والبحث عن السلام العالمي والحضور النوعي لمشاريعها وشراكاتها الاستراتيجية ومبادراتها المحلية والعالمية ، من خلال القوة الناعمة التي صارت تمتلكها والتي تسعى لتعزيزها مستقبلاً وذلك من خلال دعم السياسة الخارجية لتكون في خدمة تحقيق وبناء اقتصاد أسرع وأشمل وأفضل خلال الخمسين عاماً المقبلة ولتكشف عن حجم الطموح الذي تستهدفه مشاريع الخمسين بمرحلتيها .

أخيرا يمكن القول إن الاقتصاد الإماراتي أحد أبرز الاقتصادات العالمية وأكثرها تنافسية وجاذبية للاستثمارات والشركات الأجنبية، وتلك المبادرات التي أطلقتها الدولة ضمن مشاريع الخمسين تمثل إضافة نوعية للقوة الناعمة  لدولة الإمارات   الجاذبة لمجتمع الأعمال في الحاضر والمستقبل.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا